[ياسمين]

كان من المفترض أن أكون اليوم خلال فترة ما بعد الظهيرة داخل الفصل أنا وبقية الإخوة

الأساتذة، وعندما بلغنا باب المؤسسة وجدناه مغلقا بينما فوجئنا بالتلاميذ عائدين أدراجهم

من حيث أتوا، فقد أخبرونا بأن المؤسسة غرقت بمياه الأمطار التي لم تتمم بعد

مدة 24 ساعة على سقوطها، كما أن المختبرات غزتها المياه وحولتها إلى برك

مائية...ليتم تعطيل يوم كامل من العمل وحرمان التلاميذ من أخذ دروسهم

فتضيع بذلك ثماني حصص لن يتمكن التلاميذ من استدراكها في جدول الحصص

المبرمجة للتدريس خلال هذه السنة وقس على ذلك في شتى القطاعات الأخرى...

ويبدو أن قرار السيد المدير كان حكيما حتى يتجنب مسؤولية حدوث أية مضاعفات

في الساعات القليلة المقبلة، فقد حصدت الأمطار أرواح العديد من المواطنين في

مناطق الشمال من المملكة، وكانت مدينة الرشيدية وما يجاورها قد عانى

سكانها الأمرين جراء خروج مياه الوديان المجاورة عن مستواها الطبيعي،

فجرفت مياه الأنهار المباني الهشة وطفحت مياه البلوعات فاختلط الحابل

بالنابل، فغاص الناس داخل الوحل وأصبحوا يستحمون مع الأسماك في

مكان واحد..

لقد انقطع التيار الكهربائي عن مجموعة من المناطق القروية التي باتت

معزولة تماما عن التواصل مع المدن المجاورة، ومما زاد الطين بلة أن

شبكات الطرق المؤدية إلى هذه المناطق المنكوبة قد تعطلت عن العمل

بسبب مياه الأمطار، ولا نذهب بعيدا فقد رأيت بعيني ونحن عائدون بسياراتنا

هذا اليوم من مقر عملنا ـ لأن اليوم عطلة ـ كيف أصبحت الطرق الرئيسية

المتآكلة مغمورة بالمياه، فيصعب على المواطن قطع الطريق بسيارته فيضطر

إلى ركوب المغامرة ليعبر بها البرك المائية ...

إنه لأمر يدعو إلى الاستغراب والحيرة ويدعو إلى القلق في حال ما إذا استمرت

الأمطار في الهطول على هذا النحو، فإنني أجزم بأن المغرب

سيتحول من بركة إلى بحر لجي كبير يسبح فيه المواطنون مع الأسماك

الكبيرة وإن كان الأمر بالنسبة لي هين فإنه بالنسبة لآخرين أمر جلل لأنهم

لا يجيدون السباحة، فالحل إذن أن يكف الناس عن طلب الغيث في صلواتهم

وإن كانوا بأمس الحاجة إليه جراء سنوات الجفاف الأخيرة التي عرفها المغرب

أو ليتحملوا نتيجة دعائهم ويقدموا أنفسهم وجبة شهية لقروش البحر!