عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-10-2010, 07:20 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
أهلاً بمشاركاتك أخي العزيز محمدًا ، واعذرني على التأخر في الرد وما ذلك إلا لطبيعة الأعمال الجميلة كالتي تكتبها والتي تحتاج إلى وقت من الصفاء ومثله من التفكير ومثلهما للكتابة ، وهذا بلا شك يعد سببًا رئيسًا في التأخر عن الرد ، وما هو بالنسيان ولا الإهمال . وعلى بركة الله نبدأ

من جمال القصائد أن يفتتحها الشاعر بنوع من التشكيك في مألوف ما قيل عن الظاهرة التي يتناولها وذلك من أجل أن يضيف إليها نوعًا جديدًا من اللمسات الخاصة به ، كما أنه وبذلك يحاول إعادة صياغة نفس المفهوم مع إحداث مفاجأة للقارئ ظاهرها التكذيب والجدل وباطنها الإيمان والتسليم .
وفي هذه القصيدة يبدأ شاعرنا العزيز بسؤال قد يبدو منطقيًا وغريبًا ، بل ولمن يقرأ قصائد الراحل نزار قباني يعد السؤال مستفزًا وعذرًا سخيفًا للوهلة الأولى : أصباح الحلو سكر ؟ لابد أن الشاعر يؤمن بهذه القناعة لكنه يريد إعادة صياغتها وفق ما يراه هو ، لذلك يضيف عليها ما يؤكدها به ولا حاجة للإجابة لأنها مفهومة من السياق .
أصَبَاح الحلو سُكرْ ؟
يبدو هذا الصباح في درجة من الرقة توحي بأن صباح الحلو ليس سكرًا بل هو أحلى وألذ ، وهو بعد ذلك صباح أخف من الريشة في سرعة مروره.لدينا صورتان الشذى والهمس ،وهما صورتان مختلفتان إحداهما مرئية والثانية مسموعة ، ودخول هذين العنصرين معًا يحدثان حالة من التكامل في شكل الصورة الشعرية لتبدو أقرب ما تكون إليه صورة فلاشية يشرد القارئ في جمالها أمدًا بعيدًا .إنه صباح أخف من الشذى لذلك فقد تهاوى لكن كلمة تهاوى ها هنا لا تحمل معنى السقوط بل معنى التحليق الهادئ لذلك لم يقل الشاعر هوى وإنما تهاوى وكأنما الشاعر يرصد حركة التي يتهادى فيها ولا يتهاوى كزورق نشوان في عرض البحر .
بالشذى طرزهُ الهمس ..

تهاوى ..

كشعاع بالندى عزفاً تَغنى ..

وَتَعثرْ ؟!
ثم تأتي لنا هذه الصورة الجميلة فيها توافق بين الهمس والعزف والشذى والندى ، ومع كثرة وحشد هذه المؤثرات الصوري منها والصوتي يشعر القارئ بأرحبية هذا العالم الجميل الذي يكرس رؤية الشاعر لمشاهد الطبيعة وقدرته على مزجها بشكل جيد مع الحالة النفسية كما هو حال الشعراء العاشقين دائمًا ، وانبعث منها عطر البحتري رحمه الله في قصيدته عن الربيع ، حين قال في النهاية :
وجاء نسيم الصبح حتى حسبته
يجيء بأنفاس الأحبة نوّما
وهذا التميع في شكل الشعاع وتداخله مع الندى أكسبه حالة من الرقة المتناهية عندما لايثبت بل ويتعثر .وهنا يمكن القول إن من مزايا هذا العمل هو فقدان الكلمات لدلالتها الأصلية ، فيغدو التهاوي تدللاً ، والتعثر تبخترًا ، وكأن الشاعر يقول له في نفسه "بسم الله عليك ما أصابك ضر!" وللتعثر صور جميلة في النفس لأنها تعطي حالةمن التعاطف مع المتعثر خاصة إذا كانت امرأة يُرمز لها بالشعاع ، وهذه المدخلات كلها تكسِب العمل الأدبي قيمة كبيرة للغاية .
ألصَباح الحلو يَاعُمري ..
بتيهِ الصبح ..

ضَوع الوجد عَنبرْ ؟!
الهمزة ها هنا هي همزة استفهام وتقديرها أالصباح ولكن للثقل يجمع النحويون على هذه الصياغة أ+التركيب اللغوي ، بنفس النغمة مرة أخرى يعاود الشاعر التساؤل لكنه ها هنا يدخل إلى منطقة جديدة إذ يكون الصباح معرفًا لديه ، وهنا يكون من جماليات النص زيادة التشكيك والإلحاح على شيء معرّف ، بعكس ما كان عندما كان الشاعر يتساءل عن صبح المحبوب ، ولكنه ها هنا ينعت الصبح مرة بالحلو ثم بعد ذلك يجادل هذه القناعة لماذا ؟ ليضيف عليها من عنده ، واستخدام مثل هذه الأساليب قريب مما يتعارف القدماء عليه بأنه"توكيد المدح بما يشبه الذم" فهنا نحن أمام التوكيد بما يُشبه الإنكار لتشويق القارئ إلى ما سيذكره الشاعر ، لكن أمامي ما قد يضطرني إلى العودة إلى المعاجم والفروق اللغوية لمعرفة الفرق بين الصباح والصبح وهل كان استخدامهما ها هنا دون داعٍ ؟




فَاح خدٌ ...
بيلسانا ...

وَإذا بالدوح غَنى ... بلبلٌ

والخدُ مرمرْ .
الإصرار على قافية الراء يجعل القصيدة بها حالة من الحركة الشبيهة بالصدى ، ورغم أن حركة الراء ساكنة إلا أن حالة التكرارية المنبعثة من الإلحاح على قافية الراء ذات صدى كبير في القصيدة ، ومرة أخرى يجمع الشاعر مرادفات البيلشان ، والبلبل وبعدها يكون الخد مرمرًا .قد يكون -في رأيي الشخصي - بعد القافيتين الأوليين وجود هذه الصور والألوان والطيور فيه نوع من الزيادة بما يشبه الإسراف والذي ينبغي على الشاعر أن ينتبه إليه حتى لا يضيع المراد وسط زحمة هذه الصور .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 20-10-2010 الساعة 07:42 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس