عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-03-2020, 01:46 AM   #1
محمد محمد البقاش
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2010
المشاركات: 203
إفتراضي كيف نواجه الإرهابي المفزِّع فيروس كورونا؟

كيف نواجه الإرهابي المفزِّع فيروس كورونا؟

فيروس كورونا معروف في الأوساط التي تشتغل في المختبرات على الفيروسات، وهذا الفيروس لم يظهر الآن، بل ظهر من قبل وإن كان مختلفا عنه قليلا، إلا أن هذا النوع من الفيروسات يتصف بصفة الإرهاب، فانتشاره أرهب العالم ولم يزل، وفَزَّع الدنيا ولم يزل، ولكننا لا نخافه ولا نرهبه ولن نركع له إذ لا يخيفنا وأنّى له أن يرهبنا لأسباب منها:
نحن نعتقد جازمين أن الموت سببه انتهاء الأجل وليس المرض ولا الفيروسات ولا السقوط من الطائرات ولا الغرق في البحر والا الضرب بالرصاص، وعلى ذكر الضرب بالرصاص أسوق قصة حصلت معي في ستينيات القرن الماضي، فقد كنا أطفالا في حي "المعدنوس" بطنجة نسكن وكان من جيراننا رجل يدعى علوش وكان ملاكما يخوض مباريات في طنجة الدولية، وكنا نطلب منه أن يرينا بطنه لنرى أثر طلقة نارية وُجِّهت إلى بطنه عن قرب فلم تقتله.
إن المعتقَد الذي نعتقد عن الموت صحيح مائة بالمائة إذ يقوم عليه الدليل النقلي من كتاب الله عز وجل، ويقوم عليه الدليل من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقوم عليه الدليل العقلي أيضا، فبالنسبة للدليل النقلي قوله تعالى: ((وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)) (145) آل عمران.
وقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ)) المصدر: صحيح الجامع.
وأما الدليل العقلي فهو الذي يرشدنا إلى أن الموت له سبب، والقول المشهور تعددت الأسباب والموت واحد، وهذه مغالطة لا علاقة لها بالحقيقة، فالسبب له مسبب والعلة لها معلول وهكذا، وعند النظر إلى الموت نجد أنه يحصل بالسقوط من الطائرات ويحصل بالضرب بالرصاص ويحصل بحوادث السير ويحصل بالغرق في البحر ويحصل بفيروس كورونا هذا واقع مشاهد، ولكن هذه النظرة نظرة سطحية إذ كيف يحصل الموت بالسقوط من الطائرات وقد نجا كثيرون ممن سقطوا من الطائرات؟ كيف يحص الموات بحوادث السير وكثيرون قد نجوا من حوادث السير؟ كيف يحصل الموت بالغرق في البحر وكثيرون قد نجوا من الغرق؟ وهكذا، فإذا كان السقوط من الطائرات والغرق في البحر وحوادث السير وفيروس كورونا أسبابا للموت لما تخلَّف الموت قطعا ونحن نراه متخلِّفا، أي أنه لا يحصل، بمعنى آخر يحصل الموت ولا يحصل، فإذا كان السبب هو ما ذُكِر وَجَبَ ألاّ يتخلَّف الموت لأن السبب ينتج عن المسبب فلماذا يتخلف الموت والأصل ألا يتخلَّف؟ لماذا لا يحصل الموت والطبيعي أن يحصل؟
إن ما يظهر بالنظر المستنير يؤكد أن كل ما ذُكر مجرد حالات، وفرق بين الحالة والسبب، فحين تحصل تلك الحالات يحصل فيها الموت، وحين تحصل تلك الحالات لا يحصل فيها الموت، فليست هي مسببات للموت، إذ لو كانت مسببات للموت لما تخلّف السبب، وعليه فالموت شَرْعاً وعَقْلاً سَبَبُهُ انتهاءُ الأجل.
وحين يزورنا فيروس كورونا فزيارته لنا عند انتقال العدوى هي عينها عدوى الطاعون أو الكوليرا، والتعامل مع الطاعون أو الكوليرا هو ما سنه النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أي أن انتشار الطاعون في مدينتنا طنجة مثلا وقاها الله يوجب علينا ألاّ نخرج منها حتى لا ننقل العدوى، وإذا ظهر في الدار البيضاء مثلا لا نذهب إليها وهو ما يسمى حاليا بالحجر الصحي.
وما ذُكر لا يعني ألاّ نتداوى، لا يعني ألاّ نتخذ الإجراءات الواقية من المرض، لا يعني عدم الالتزام بما يقدمه لنا الخبراء في مجال الوقاية منه، لا أبدا، فنحن عقلاء بإذن الله تعالى لا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، ولكننا لن نفزع من فيروس كورونا ولا فيروس "ترامب" الذي ظهر منذ بضع سنين.
وخلاصة القول إن الموت حقٌّ علينا وهو هادمٌ للملذات ومليِّن للقلوب، فذكره ورؤيته لا تخيفنا وحصوله لا يرهبنا، بل يخيفنا بُعْدنا عن الله وغوْصنا فيما يغضبه ويسخطه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 08 مارس 2020م
الساعة: 22,08 h
محمد محمد البقاش غير متصل   الرد مع إقتباس