عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-02-2009, 04:11 PM   #10
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

وفي اليوم التالي ، عاد هيم و هاو حاملين أدواتهما . أمسك هيم بالإزميل ( المنحت ) بينما استمر هاو في الطرق باستخدام المطرقة ، حتى أحدثا ثقباً في جدار محطة الجبن " ج " واسترقا البصر ولكن دون جدوى ، فليس هناك جبن .
و أصيبا بخيبة أمل ، ولكنهما أصبحا مؤمنين بقدرتهما على حل المشكلة ؛ لذا أصبحا يبدآن عملهما في وقت مبكرو يستمران لوقت أطول و يعملان بجد أكثر . و لكن بعد مرور بعض الوقت ، كل ما توصلا إليه هو إحداث ثقب كبير في الجدار .
أخذ هاو في إدراك الفارق بين النشاط و الإنتاجية .
قال هيم : " ربما يتعين علينا مجرد الجلوس هنا و انتظار ما قد يحدث . إن عاجلاً أم آجلاً يتعين عليهم ان يعيدوا الجبن " .
أراد هاو أن يؤمن بذلك ، لذا كان يعود غلى المنزل كل يوم ليحصل على قسط من الراحة ثم يعود على مضض مع هيم إلى محطة الجبن " ج " ولكن الجبن لم يظهر أبداً .
و بمرور الوقت أصبح القزمان ضعيفين نتيجة الشعور بالجوع والضغط ، وسيطر التعب و الإرهاق على هاو من مجرد الانتظار حتى يتحسن وضعهما ، و بدا في رؤية حقيقة أنه كلما استمرا طويلاً دون الجبن ، لأصبح وضعهما أكثر سوءاً .
و كان هاو يعرف أنهما قد فقدا كل أمل .
و أخيراً ، بدأ هاو ذات يوم في السخرية من نفسه قائلاً : " هاو انظر إليَ ، فإنني أقوم بنفس الشيء كل يوم مرات و مرات و أتعجب من سبب بقاء الحال على ما هو عليه دون تحسن ، إن لم يكن الأمر يدعو للسخرية فقد يكون مدعاة للمرح " .
لم يكن هاو يرحب بفكرة الجري خلال المتاهة مرة أخرى ؛ لأنه يعرف أنهما سيضلان الطريق وليس لديهما أية فكرة عن مكان وجود الجبن . ولكن كان يتعين عليه الضحك على غبائه عندما أدرك سبب خوفه من القيام بذلك .
و سأله هيم : " أين وضعنا رداء العدو و أحذية الجري " . و أمضيا وقتاً طويلاً حتى وجدا هذه الأشياء ، لأنهما أهملا كل كل شيء طرحاه جانباً عندما عثرا على الجبن في محطة الجبن " ج " ، معتقدين أنهما لن يكونا بحاجة إلى الحذاء والرداء مرة أخرى .
و عندما رأى هيم صديقه يرتدي رداء العدو ، قال : " إنك لن تعاود التخبط داخل المتاهة حقاً ، ألبس كذلك ؟ لم لا تنتظر هنا حتى يعاودا وضع الجبن ؟ "
قال هاو : " لأنك لا تستوعب الموقف ، أنا لم أكن أرغب في رؤيتها أيضاً ، لكنني الآن أدرك أنهم لن يضعوا الجبن القديم مرة ثانية ، لقد كان هذا جبن البارحة ، لقد حان الوقت للبحث عن جبن جديد " .
لكن هيم تساءل : " لكن ماذا لو لم يكن هناك جبن بالخارج ؟ أو حتى إذا كان هناك ، ماذا لو لم نجده؟"
قال هاو : " لست أدري " ، وتساءل هاو محاولاً الإجابة على تلك الأسئلة مراراً و تكراراً ، ثم بدأ يشعر بالخوف الذي أقعده عن الحركة من قبل يتسلل إلى نفسه من جديد .
ثم فكر هاو في العثور على جبن جديد و ما يصاحبه من أحداث طيبة ، فاستجمع رباطة جأشه .
قال هاو : " في بعض الحيان تتغير الأشياء و لا تعود لطبيعتها أبداً و يبدو أننا نمر بشيء مشابه . هذه هي الحياة يا هيم ! فالحياة تسير ، ولابد أن نسير نحن أيضاً " .
ونظر هاو إلى رفيقه الحزين و حاول غقناعه ، لكن خوف هيم تحول إلى غضب عارم منعه من الإنصات لهاو .
ولم يقصد أن يكون وقحاً مع صديقه ، لكنه لم يمنع نفسه من السخرية على حماقتهما .
و بينما استعد هاو للرحيل ، بدأ يشعر بالنشاط فقد علم أنه طالما سخر من نفسه ، فسوف يعاود المسير دون أن ينظر وراء ظهره .
وصاح هاو معلناً : " لقد حان وقت المتاهة ! "
لكن هيم لم يضحك ولم يستجب لهاو .
و التقط هاو قطعة حجر صغيرة حادة ونحت بها على الجدار فكرة عظيمة لهيم كي يتأملها ، وكما اعتاد هاو ، فقد رسم صورة لقطعة جبن حول العبارة ، وتمنى أن يساعد هيم على أن يبتسم ، و ان يخفف من همومه ، و ان يبدأ البحث عن الجبن الجديد ، لكن هيم لم يفعل شيئاً من ذلك .
و كتب هاو في عبارته قائلاً :


إذا لم تتغير ؛ فمن الممكن أن تفنى .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس