عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-12-2007, 09:52 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ورد هذا المقال في الوراق للدكتور صبري أبو حسين، ولم أستطع الدخول مع أني مسجل هناك، فرأيت أن أنشر الموضوع والرد هنا.


بحر القدس العروضي


بحر القدس العروضى

من فيوضات القدس على الشعر المعاصر ومن بركاتها ذلك التجديد العروضى الذى قام به الأستاذ خالد البيلى الشاعر المصري الشاب الذى يتضح لمن يراه ويعاشره أنه محب للإبداع حريص على التجديد الأصيل البنَّاء الفعال شاعر هو عاشق ينبت الأزهار بالقلم الرصاص يمتلك أدوات الشاعر يحمل القلب الكبير قلب الشاعر والاذن الموسيقية والأسلوب الشعرى الرصين الذى يفيض دفئًا وشوقًا وخوفًا على الحياة والوطن والأمل فيما هو آت (1) 0

إنه شاعر دارس متعمق فى علم العروض متأثر فى دراسته بالرائد المعاصر فيه الدكتور أحمد مستجير الذى طور البحث فى موسيقى الشعر من عضوية التفعيلة التى شكلت الأساس الموسيقى لتراثنا العربى إلى حيث البحث الجديد علم الجينات العروضية، وهو تطوير غير مسبوق على كل حال (2)

وهذه الدراسة وذلك التأثر أعاناه على التجديد والابتكار فى عروض الشعر العربى.

وقد كانت القدس ملهمته الى هذا البحر فسماه بها. وهو مكون من:

[متفاعلن مفاعلتن]. فى صورته المجزوءة

ومن: [متفاعلن مفاعلتن فعولن] و[متفاعلن مفاعلتن مفاعلتن] كصورتين تامتين لهذا البحر العروضى الجديد.

وقد وضع صاحبه الأستاذ خالد البيلي مثالًا تطبيقيًّا جيدًا من الممكن أن تتبعه أمثلة أخرى على نسقه دار مضمون هذا المثال حول القدس. وتكوَّن من ستة وعشرين بيتًا قسمت إلى أربعة مقاطع : الأول والأخير منها على الصورة المجزوءة. والثاني والثالث منها على الصورة التامة.

يقول الشاعر فى المقطع الأول :

يا قدس أنت للعرب 00 ولأنت غاية الطلَب

ما الأمس أصل غفلتنا 00 لا بل تكاثر الريَب

من قام دونك التهبت 00أشجان نهضة النجُب

تزكي شباب أمتنا 00وجدًا يزيد في الكرَب

حتى رأتك لي أمي0 مهر العروس فى النوب

فأخذت أعتلي قممًا 00حتى أفوز بالأرَب (1)

فالمقطِّع لهذه المقطوعة عروضيًّا يجدها على صورة " متفاعلن مفاعلتن " فى كل شطر مع جواز دخول التغييرات الزحافية التى تحتملها التفعيلتان. والمقطوعة إذن من مجزوء بحر القدس الذى عروضه صحيحة وضربه صحيح مثلها. وإن كان البيت قبل الأخير قد جاءت عروضه معصوبةً، أى دخلها العصب وهو اسكان الحرف الخامس المتحرك من مفاعلتن وقد قبلها كثير من العروضيين المحدثين (2) , ورفضها الدكتور أمين عبدالله سالم , متابعا القدماء (3) هذا إذا قرأنا(الكرب) بإسكان الراء، على أنها مصدر. ويجوز قراءتها بفتح الراء على أنها جمع كربة.0

ويقول الأستاذ/ خالد البيلي فى المقطع الثانى :

يا قدس أنت فى كل الخطوب 00 أحلام هبة الذكرى الهبوب

ورجاء ألف قابلة لأمى 00 كي لا تجف تغذية الدروب

هذا صلاح أمتنا يغذِّي 00 فينا شرارة اللحن الطروب

بل هذه رسالتنا لشمس 00 لم تخفها غيوم فى الغروب (1)

فالمقطِّع للأبيات يجدها على وزن " متفاعلن مفاعلتن فعولن " فى كل شطر فهي إذن من بحر القدس التام الذي عروضه مقطوفة وضربه مقطوف. والقطف هو إسكان الخامس وحذف السبب الخفيف من آخر التفعيلة فتصير " مفاعلتن " " مفاعل " وتحول إلى " فعولن "(2)

هذا، والنص كله -كما يتضح من النموذجين السابقين – سهل سلس فى ألفاظه غير معقد فى تركيباته، لا يحس المتلقى له – قارئًا او مستمعًا – بأي تكلف أو تعنت يفرضه القالب الموسيقى الجديد؛ لذا يعد محاولة طيبة وامتدادًا جميلاً لكل الأنساق الجديدة ذات الأصالة والجذور والقواعد والضوابط. كما أنه محاولة تقف فى وجه المتمردين على الضوابط، الأصفار فى دنيا موسيقى الشعر وإيقاعه الذين يزعمون التجديد ويدعون الإبداع. وما محاولاتهم إلا نوع من الإخفاق فى عالم الأصالة ونوع من الهروب من عالم التنافس الشعري المتأجج بين الاصلاء والدخلاء 0

إن محاولة الأستاذ خالد البيلى لا يمكن أن تصدر إلا من شاعر ماهر يمتلك وسائل الفن من لغة وموسيقى وخيال وعاطفة وإلمام بقيود الفن وضوابطه التى لا يكون فنًّا إلا بها 0

وهذا المزج بين تفعيلة الكامل " متفاعلن " والوافر " مفاعلتن " يذكرنا بظاهرة " مجمع البحور " عند ابى شادى (1) كما يذكرنا بمحاولة الشاعر الفلسطينى " يوسف الخطيب " الذى توصل الى نمط من الصياغة عماده المراوحة بين تفعيلات ابحر " الرجز والرمل والهزج " وقد اسمى هذا اللون ببحر الكرمل حبا فى موطنه بفلسطين وقد جعله البحر السابع عشر للبحور القديمة (2)

ولكن المحاولتين ( مجمع البحور والكرمل ) ليس فيهما التزام بعدد التفعيلات او بوحدة القافية وتكرارها كما عند الاستاذ / خالد البيلى فى محاولته الاصيلة. ومن ثم فالمحاولتان تجديد خاص بالشعر الحر لأن الشعر الخليلى عماده المحافظة على ضوابط التفعيلة والقافية معًا 0

وهذه المحاولات وغيرها تؤكد صدق مقولة الأستاذ العقاد من أن اوزان العروض العربية على أحاكمها وإتقانها سهلة الأداء قابلة للتوسع والتنويع إلى الغاية المطلوبة في كل موضوع يتناوله الشعراء (3) والزمن وكثرة الإبداع على الأنساق الجديدة، مع الحرص على التجويدد فى التفكير والتصوير والتعبير أمور تكفل للصالح والأصيل من التجديد أن يستقر ويشيع 0



إنتهى النقل

____________________________________

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس