عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-06-2007, 04:38 PM   #45
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تتبع الأنساب عند العرب :

لقد تتبع المؤرخون العرب في القرون الأولى من الدولة الإسلامية، أخبار العرب قبل الإسلام، واعتمدوا روايات حديثة العهد بهم (في حينها)، وأسهبوا في التقسيمات، ونقلوا أو استعانوا بالكتابات اليهودية، واليمنية، والفارسية، والشامية، وكانت معظم تلك الكتابات التي كتبها الطبري والمسعودي وابن الأثير، تعتمد نفس المصادر، وتميل للإسهاب، والإطالة، والكلاسيكية، والنقل بالمشافهة أحيانا من رواة، كانوا يستعرضون مهاراتهم ليبني على تلك الروايات، من يتلقفها، سردا يشبه السرد التاريخي، ولكنه ليس ذا قيمة حقيقية، ولم يكن هناك من يتصدى لفحص وتنقيح تلك القصص، التي حاولت الربط مع ما ذكر في القرآن الكريم، لعدم تعارض تلك القصص مع روح (الشرع) ولعدم أهميتها العملياتية في إدارة الدولة.. فاستقرت تلك المصنفات التاريخية في تراث الأمة لتمثل فيما بعد شكلا، كأنه حقيقي ومسلم به .. ولما استحدث العلامة والفيلسوف العربي (ابن خلدون) علم (فلسفة التاريخ) وبني عليه فيما مدارس عالمية اعتمدت طريقة ابن خلدون في القراءة، تَبَيَن للمتتبعين، قلة أهمية الكتابة والتصنيف التاريخي العربي والإسلامي..

وفي العصر الحديث، كان العلامة (جواد علي) أفضل من اهتم بهذا الشأن، ولم يتحمس لأي معلومة مر عليها، بل حاكمها بخبرة خبير، وقارن تلك المعلومة مع ما أسهم به خبراء الآثار المعاصرون، وما وضع من نظريات حديثة لتفسير التاريخ..

ونحن عندما نحاول تكثيف آلاف الصفحات التي وضعها هذا العلامة في مصنفه الذي لا يتجاهله أي مؤرخ أو مثقف عربي حديث، وهو (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) .. ولكننا نراعي عدم الإطالة، وتلخيص أهم ما كتبه هذا الكاتب مع الرجوع لكتب الطبري وابن الأثير والمسعودي وحتى ابن عبد ربه الأندلسي، للخروج بمادة قابلة للهضم عند المثقفين الذين يودون الاستزادة، دون إطالة أو قراءة تخصصية .. فاقتضى ذلك منا التنويه، وإن كنا نكرر ذلك بين فترة وأخرى، حتى لا يأخذ جهدنا هذا الطابع العلمي في البحوث، والتي تطالب بتقميش، وإعادة المعلومة للمصدر الذي أُخذت منه ..

العرب العاربة والعرب المستعربة :

إذا كانت الأخبار الواردة عن ثمود قد دعمتها مخطوطات وحفائر حفظت في المتاحف العالمية، تؤكد تواجد (ثمود) في عصر الآشوريين (الأول) وتؤكد وجودهم في مناطق مختلفة ومنها اليمن .. فإن أقواما أخرى ك (طسم وجديس) وأقوام ك (جرهم) و( العماليق) وغيرهم قد ذكرهم النسابون العرب، سنمر على بعضها باختصار و سنقارن ما قيل بشأن تلك الأقوام على لسان علماء الآثار العالميين ..

طسم وجديس :

لقد ساق النسابون عن طسم وجديس .. فقالوا: طسم بن لاوذ بن سام بن نوح، وقال بعضهم: طسم بن لاوذ بن إرم .. ولم يذكر القرآن الكريم عنهم شيئا، ويقال أن مكان تواجدهم كان بين الأحقاف والبحرين .. في موضع اسمه (الإمة) .. وهناك من يقول: أن موضع تواجدهما كان (اليمامة) .. والكل يعتبرهما من العرب (العاربة) .. ويقال أن ملكا كان اسمه (عملوق) أو (عمليق) كان ظالما استذل (جديس) فثارت عليه فقتلته ومن معه من حاشية. واستعانت (طسم) في حرب معينة، ب (حسان بن تبع) من ملوك (التبابعة) فقضت الحرب على (طسم) و(جديس) فانقرضتا.. وأصبحت اليمامة خالية لا سكان فيها.. ويرتبط باليمامة هذه، (زرقاء اليمامة) التي قيل أنها تبصر عن بعد مسير ثلاثة أيام.

أميم :

نسب النسابون العرب أميم، الى (لاوذ بن سام بن نوح) .. وقالوا أن مساكنهم كانت بين (شُحَر واليمامة) وقد هبت عليهم رمال فطمست مساكنهم وأهلكتهم، وقيل أن (أميم) مساكنهم في بلاد فارس وهو جد الفرس .. وقد ذكر (بطليموس) أن شعبا كان يسكن بين اليمن و رمال (بيرين ) ، وما بين نجران وحضرموت .. وقيل أنهم سكنوا منطقة (وبار) المعروفة، ويدعي (ياقوت الحموي) أن وبار هو ابن إرم ابن سام ابن نوح ..

وقد روى العرب عن أميم روايات غريبة، فقالوا هم أولاد ( نسناس بن أميم بن عمليق بن يلمع بن لاوذ بن سام .. وأن الله سخطهم فكانوا بعين واحدة ورجل واحدة ويد واحدة لهم رأس نسناس، يرعون كما ترعى البهائم *1

عُبيل :

وعُبيل مثل أميم، لا أخبار كثيرة عنهم، بل هم قوم يعود نسبهم ـ حسب النسابين العرب ـ الى عوص بن عاد ، وقد ورد ذكرهم بالتوراة باسم Obal ، وذكر بطليموس بخريطته ميناء يقع على خليج أسماه خليج Avalites Sinus وتقع عليه مدينة اسمها Avalites Emporium وسكانها يعرفون باسم Avalites وقد يكونوا هم (عبيل) المقصودين عند النسابين العرب ..

جرهم الأولى

وجرهم هؤلاء، هم غير (جرهم) القحطانية على رأي النسابين والأخباريين، ولذلك يقولون لجرهم هذه "جرهم الأولى"، ولجرهم القحطانية "جرهم الثانية"، ويقولون عن الأولى إنهم من طبقة العرب البائدة، وأنهم كانوا على عهد عاد وثمود والعمالقة. ويظهر من روايات الإخباريين أنهم كانوا يقيمون بمكة، ويرجعون أنسابهم إلى "عابر"، وأنهم أبيدوا: أبادهم القحطانيون. أما جرهم الثانية، أي جرهم القحطانيين فينسبهم بعض أهل الأخبار إلى "جرهم بن قحطان بن هود" وهم أصهار إسماعيل. وقد ورد اسم "جرهم" عند "اصطيفان البيزنطي" من الكتبة اليونان.


العمالقة

وحشر الأخباريون العمالقة "العماليق" في هذه الطبقة أيضا، فنسبهم وهم إلى "عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح"..

"وعمليق" جد العمالقة، هو شقيق طسم. ويذكرون أنهم كانوا أمماً كثيرة، تفرقت في البلاد، فكان منهم أهل عمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر. ويعرف أهل عمان والبحرين ب "جاسم"، وجاسم هم من نسل عمليق على زعم أهل الأخبار. وكان من العمالقة أهل المدينة، ومنهم "بنو هف" و "سعد ابن هزان" و "بنو مطر" و "بنو الأزرق". وكذلك سكان نجد، ومنهم بديل وراجل وغفار، وكذلك أهل تيماء.
وكان ملكهم "الأرقم"، وهو من العمالقة. وهو من معاصري "موسى" على رواية الهمداني. وقد أرسل "موسى" عليه جنداً لمقاتلته ففتك بأتباعه أهل تيماء وببقية عمالقة الحجاز. ومن يمعن بالنصوص التي يستند إليها المؤرخون والنسابون العرب سيجد أن منشأها الكتب اليهودية ..

حضورا

وأورد أهل الأخبار قصصاً عن "حضورا"، فذكروا أن "حضورا" كانوا يقيمون بالرسّ، و كانوا يعبدون الأوثان، وبعث إليهم منهم نبي منهم اسمه "شعيب بن ذي مهرع"، فكذبوه، وهلكوا.
وهنالك عدة مواضع يقال لها "الرس" منها موضع باليمامة، وموضع كان فيه ديار نفر من ثمود.
وورد في القرآن الكريم "اصحاب الرس"، مع عاد وثمود، وذهب المفسرون إلى أنهم كانوا جماعة "حنظلة"، وهو نبي، فكفروا به ورسّوه في البئر إلى غير ذلك من الأقوال.
ويظهر من القران الكريم أن "أصحاب الرس" كانوا مثل جماعة عاد وثمود في الطبقة، أي في زمانهم، وأنهم هلكوا أيضاً. وقد ذكر بعض أهل الأخبار أن نبي "أصحاب الرس" هو "خالد بن سنان"، وقد ذكروا أن الرسول ذكره، فقال فيه: " ذاك نبي ضيّعة قومه".
وذكر "الهمداني" أن "حنظلة بن صفوان" كان نبياً في اليمن، وقد أرسل إلى سبأ، وكان من "الأقيون"، وهم بطن دخل في "حمير"، وذكر أنه وجدت عند قبره هذه الكتابة: "أنا حنظلة بن صفوان. أنا رسول الله. بعثني الله إلى حمير وهمدان والعريب من أهل اليمن، فكذبوني وقتلوني". وأنه أنذر قومه "سبأ" برسالته فكذبوه، فلما كذبوه، أرسل الله عليهم سيل العرم.

وذكر "الهمداني" أيضاً نقلاَ عن "ابن هشام" أن "حنظلة بن صفوان ابن الأقيون"، هو، نبي الرَّسِّ، والرس بناحية صيهد، وهي بلدة منحرفة ما بين بيحان ومأرب والجوف، فنجران فالعقيق فالدهناء، فراجعاً إلى حضرموت. وذكر أيضاً أن الرس، بمعنى البئر القليلة الماء، وأن أهل الرس قبائل من نسل أسلم ويامن أبو زرع ورعويل وقدمان، وهم من نسل قحطان. وقد كذبوا نبيهم "حنظلة" وقتلوه وطرحوه في بئر رس ماؤها.


نهاية العرب البائدة (العاربة) :

بسبب انحباس الأمطار والكوارث والحمم البركانية التي كانت تتدفق من (الحرار) ترك العرب العاربة أمكنتهم وتفشوا بين الأقوام التي نزحوا إليها، هذا ممن كتب له منهم النجاة

هامش :

قراءة غير متأنية من الفصل الثامن لكتاب الدكتور جواد علي، (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس