عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-08-2008, 03:05 PM   #11
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي


كاتب الموضوع: عمار كاظم محمد - 16-09-2007


بوريس باسترناك ( 1890 ـ 1960 )



الموقف الحقيقي للفنان الأصيل



ترجمة:- عمار كاظم محمد



بوريس ليوندوفيج باسترناك ، الابن الأكبر للرسام ليونيد باسترناك وعازفة البيانو روزا كوفمان ولد في موسكو عام 1890 حيث كان والده يعلم الرسم في مدرسة كانت في الأساس بيتا قضى فيه باسترناك طفولته .كان والداه يستقبلان ضيوفا من كتاب موسكو المعروفين ، مجموعة من الفنانين والأدباء ومن بينهم الشاعر غير المعروف بعد آنذاك راينر ماريا ريلكة عام 1899 والذي أصبحت كتاباته فيما بعد ذات تأثير كبير على باسترناك .



بالإضافة إلى والدية كان باسترناك يتلقى تعليما خاصا من أساتذته حتى دخوله الإعدادية عام 1901 حيث تلقى تعليما كلاسيكيا بينما كان يستطيع الرسم جيدا بتأثير والده .كان حبه الأول هو علم النبات والثاني حبه للموسيقى الذي ألهمه إياه الموسيقار سكريابين حيث كان صديقا للعائلة وحيث كرس باسترناك ست سنوات من حياته لدراسة الموسيقى .على الرغم من أن الجميع كانوا يتوقعون أن يصبح موسيقيا محترفا لكن باسترناك كان يتخوف دائما من نقص في مهارته التكنيكية .في عام 1909 ترك باسترناك الموسيقى نهائيا حيث دخل اختبار الكفاءة في جامعة موسكو واتجه حالا لدراسة الفلسفة لكنه تركها في النهاية عام 1912 ليلبي نداء موهبته الحقيقية (الشعر) ومع ذلك فان شعره ونثره كان يحمل علامة حماس شبابه للموسيقى والفلسفة في السنوات التي سبقت الثورة الروسية حينما كان وقت المواهب الكبيرة والغنى الفني في روسيا .



مع دخول القرن العشرين كانت روسيا تزخر بالحركات الفلسفية والدينية المتجددة والتي لعب فيها الشعراء الرمزيون الدور الرئيس . لقد كان عصر كاندنسكي وشاغال ، سكريابين وسترافنسكي وأعظم شاعر في ذلك العصر هو الكسندر بلوك .



لقد شاخ الرمزيون وكان هذا مقدمة لظهور جيل العظام آنا أخماتوفا ، فلاديمير ماياكوفسكي ، أوسيب ماندلستام وباسترناك .



لم يكن باسترناك قادرا على أداء الخدمة العسكرية لأنة سقط في طفولته من على ظهر جواد , تلك السقطة تركته برجل أقصر من الأخرى . فيما بين الأعوام 1914 – 1917 قضى ذلك الوقت موظفا في مختبر كيماوي في الجانب الشرقي البعيد من موسكو تلك الفترة كانت مثمرة بالنسبة له حيث كتب ديوانين في سنوات الحرب أحدهم فقد في حريق عام 1915 والثاني طبع عام 1917 بعنوان "فوق العوائق" في شباط من نفس العام .



بعد ثورة عام 1917 كتب باسترناك ديوانين هما " شقيقتي الحياة " و " موضوعات وتنويعات " على الرغم من أن الحالة أثناء الحرب لم تسمح للكتابين أن يطبعا لمدة خمس سنوات فقد طبع(شقيقتي الحياة) عام 1922. هذا الديوان قد وضع باسترناك حالا في مقدمة الكتابة في ذلك الوقت وفي العام الذي سبق ظهور الديوان كان قد عمل جاهداً كمترجم للعديد من المسرحيات لـ( فان كليست) (بن جونسون) وأشعار ل( لهانز شاش، غوته، هاريف) وكتاب ألمان آخرين.
بعد الثورة كان على الكتاب الروس أن يختاروا بين الهجرة أو التعايش مع الثورة البلشفية، لم يكن باسترناك متحمساً تجاه الثورة لكنه بقي مع آنا اخماتوفا واوسيب ماندلستام في روسيا يعيش مغمورا مع مجموعة من الشعراء الشيوعيين في موسكو لكن عائلة باسترناك غادروا إلى ألمانيا ولم يعودوا أبدا.
في عام 1923 استمر باسترناك بكتابة أشعار قصيرة لكنه كالكثير من معاصريه كان يشعر بالمأساة لان الجو المسالم الذي يستطيع الشاعر أن يكتب فيه بأمان وثقة تحول الى جو مشحون بالدمار والعداء وشيئاً فشيئاً بدأ باسترناك يحس بأن الشاعر ليس له مكان في المجتمع الجديد ويستطيع أن يعيش خارجا فقط فاتجه إلى المواضيع التاريخية كالثورة الروسية الأولى.
في أواخر العشرينات جاءت موجة جديدة من التعصب والرعب فقد توفي لينين عام 1924 وبدأ ستالين بالصعود بمظهر المنتصر تدريجيا في عام 1928 انتقل ترو تسكي إلى منفاه وبدأت تظهر عيوب ستالين واحداً بعد الآخر فلقد حصل انقلاب في كل الحقول ومن ضمنها عالم الأدب وفي عام 1932 أصبحت عقيدة الواقعية الاشتراكية معلنة وأصبح اتحاد الكتاب الروس الحامي الوحيد لهذه العقيدة.
لقد كان وقت الأزمات كما كان يعرفه باسترناك جيداً، الكثير من الكتاب والفنانين شعروا بإغراء الانتحار كان باسترناك يؤمن بان من المبدئي للشاعر ان يتغلب على هذا الشعور والخوف من المستقبل وان يستمر بالعمل حتى عندما يصبح الفن والوجود الروحي غير مأمون، تلك النظرية شرحها باسترناك في مجاز قصيدته( الولادة الثانية) على العكس من ماندلستام كان باسترناك قادرا على الأمل، في الثلاثينات كان هناك موقف سياسي واضح يرى في الأشعار والخطب كمظاهر خطرة للاستقلالية استمر باسترناك بدفاعه عن استقلالية الفنانين لقد تحدث بشكل واضح عن موقفه السياسي في مقدمته المقترحة للطبعة الثانية من( السلوك المأمون ) لكنها منعت من الظهور كانت السلطات راغبة في طبع أشعاره لكن ليس نثره فلقد كان باسترناك خائفاً من أن الحكم السوفيتي يجبره على أن يتحرك كما تريد الحكومة.
والتي قادته أن يأخذ بنظر الاعتبار حجم المخاطرة في النهاية وبعد مناقشتين في محفل عام وطبع مجموعة من الأشعار تدعى (الفنان) اعتبره رئيس اتحاد الأدباء كخائن في حديث لمجلس السوفيت لحد هذه النقطة كان على باسترناك أن يلعب دوراً فعالاً في الشؤون المحلية وحتى ذلك الوقت كان يعتبر شعبيا احد شعراء العصر البارزين.
لغاية عام 1958 نجا باسترناك من الاضطهاد الذي لحق بالكثيرين من الكتاب الروس, في عام 1934 استشير من قبل ستالين حول موهبة ماندلستام الشعرية والذي اعتقل لاحقاً. لقد فعل باسترناك أقصى ما يستطيع نفوذه في إنصاف الناس الذين اعتقلوا.
بعد ديوانه( الولادة الثانية) لم يكتب باسترناك شعرا لمدة عشر سنوات فقد عمل جاهداً كمترجم للشعراء الجورجيين بصورة خاصة. لقد نجح و كوفئ جيداً واستطاع أن يشتري له بيتاً في قرية الكتاب خارج موسكو وهو بيته الذي قضى فيه بقية حياته في عام 1936 وبعد أن ترجم مسرحية شكسبير( هاملت) استطاع أخيرا أن يكتب الشعر.
في حزيران عام 1941 تحرك جنود هتلر باتجاه روسيا، عمل باسترناك في هذه الفترة جاهداً حيث كتب شعرا حول موضوعة الحرب كما ترجم روميو وجولييت، انطوني وكليوباترا، عطيل وهنري الرابع.
بعد الحرب شعر باسترناك بالحاجة إلى كتابة عمل نثري كبير والذي سيحمل استمرارية أفكاره عن الحياة والجمال الذي يضيء الوجود اليومي، الفن والسيرة الذاتية، بوشكين ، تولستوي، والكتاب المقدس.
خلال الحرب استلم رسائل من خط الجبهة والتي بينت أن لصوته صدى قد سمع بعيدا إلى أناس غير معروفين وفي القراءات الشعرية في موسكو كان المستمعون يذكرونه إذا نسى بيتا واحداً وهو لم يكن يريد أن يفقد هذا الاتصال مع الأكثرية المتحمسة من القراء وكان يريد إخبارهم ماذا كان يبدو له. ونتيجة لذلك انقطع عن عمله الرسمي وركز على رواية (دكتور زيفاغو) كان يعرف جيداً بأن ذلك التركيز على الرواية سيمجد الحرية السابقة والاستقلالية والعودة إلى الديانة المسيحية والذي ألقى بتبعاته السيئة المستمرة عليه.
في عام 1946 بدأ برنامج أيديولوجي جديد والكثير من أصدقاء باسترناك اعتقلوا فلقد استمر الرعب وزاد خلال الفترة التي كان يعمل فيها على انجاز رواية( دكتور زيفاغو) ولكي يسند نفسه في ما بعد الحرب استمر بالترجمة وأنجز أربعة فصول من الرواية والتي كونت الجزء الأول. في عام 1950 أكمل الفصل الخامس والسادس وفي عام 1952 أكمل بقية الأجزاء وفي نفس السنة أصيب بنوبة قلبية كادت تؤدي به إلى الموت لقد تقبل الألم بشعور من السخاء والسعادة عارفا انه يفعل الشيء الصحيح بحياته وذلك هو ما وهبته عائلته لأجله.
في عام 1957 طبعت رواية( دكتور زيفاغو) باللغة الروسية في ايطاليا وفي أكتوبر من عام 1958 فاز بجائزة نوبل للأدب وكان ذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار قيمة وأهمية (دكتور زيفاغو) حينها بدأت حالاً حملة دعائية حكومية ضده في الاتحاد السوفيتي حيث منعت كل مطبوعاته المترجمة وحرم من قوت عيشه. لقد كان فقيرا وغير متأكد من قدرته على إسناد استقلاليته مع ذلك فان هذا الإجهاد لم يعكر إيقاعه فقد كتب آخر أعماله( عندما يصفو الجو) وفي صيف عام 1959 بدأ بكتابة مسرحية( الجمال الأعمى) وفي عام 1960 كان يعاني من سرطان الرئة لقد كانت ظروفه تزداد سوءا وقد اجبر أن يكون طريح الفراش تاركا( الجمال الأعمى ) غير مكتملة لقد بقي على قيد الحياة لشهر ونصف دون أن يفقد الوعي محاولاً أن يعزي عائلته وأصدقاءه والأطباء والممرضات الذين اعتنوا به توفي باسترناك في الثلاثين من أيار عام 1960 وقد فعلت السلطات أقصى ما تستطيع لتسوقه إلى حتفه، الآلاف من الناس سافروا خارج موسكو لحضور جنازته في القرية الصغيرة التي عاش فيها.



روح



بوريس باسترناك



ترجمة :- عمار كاظم محمد



يا روحي الباكية ....



حزنك لكل الأصدقاء من حولي



لقد أصبحت سرداب دفن



لكل الذين مضوا بعيدا ...



مكرسة لذكراهم الشعر



لوميهم ، في الألم ، في الانكسار



ونوحي عليهم بحب .....



في هذا الزمن البخيل والأناني



بالوعي وبالتساؤل



أنت تقفين كبرج حمام



لتستلقي أرواحهم براحة



محصلة ألآمهم تحنيك إلى الأرض



أنت تشم التراب ، ذبول الموت



المشرحة ، رابية الدفن



يا روحي الفقيرة الكئيبة



لقد سمعت ورأيت امتلائك



تذكري كل هذا وامزجيه جيدا



واطرحيه خارجا كالمطحنة



استمري بالطحن والمزج



كل ماشهدته هنا هو سماد للمقبرة



كما كنت تفعلين طوال أربعين عاما .



السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس