عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-11-2009, 02:51 AM   #493
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

المبدع هو ابن هذه الحياة ، ومن ضمن وظائفه التي يقوم بها من خلال الأدب هي إسباغ أشكال وتعاريف أخرى للحياة مستقاة منها ، وهذه الوظيفة عندما تتحقق فعلاً فإنها تجعل للأدب جماله
ورونقه المتمثلين في هذا التجدد الدائم لمعنى الحياة ، وهذا التنوع الذي تأتي به تلكم المشاعر .
وفي نصنا تلك نجد مبدعتنا العزيزة تتخذ من الطريق ومصطلحاته التقليدية مادة لإثارة مشاعر
إنسانية أكثر رقيًا من خلال مزجها لها بفلسفتها الحياتية الخاصة وتفرُّد عناصر استيحاء وتشكيل
هذه اللغة .
بعيد ألمح قلبى يفترش قارعة الطريق
يُعيق حركة مرور أى مشاعر غبطة أو فرح
نجد هذا التكامل في بيئة التشبيه ، ومراعاة النظير إذ يغدو القلب مشبهًا بالمعوّق للحركة المرورية كأنه بائع يجلس على قارعة هذا الطريق ،الطريق هنا تعبير عن الأمل ،الكفاح في هذه الحياة ، وتأتي تفاصيل المرور لتكون هذه التفاصيل ذات الطابع المجازية كأنها حقيقة معايَشَة وتشيه المشاعر والغبطة بالسيارات أو المارة كان تعبيرًا جميلاً متكاملاً مع مكونات التشبيه ، ومساعِدًا على ظهور الصورة بشكل أعمق وأكثر إنسانية .

يتلفت .................. يترقب بلهفة
عودة أعز صديقاتى
من نفس الطريق الذى سارت فيه مغاِدرة
كان وضع النقاط ... معبرًا عن الفراغ الزمني بين التلفت وعودة الصديقات ، وهذا يعبر عما يسمى بالتشكيل الجمالي في النص وهو أن يكون للعلامات الخاصة والنقاط والفواصل دور حركي \مشهدي\صوتي للحدث.
ويتخذ الطريق قيمة أكبر إذ هو طريق لعودة الصديقات واللاتي غادرن القلب إما ببعد حقيقي أو بعد معنوي ، وهنا يتسم النص بجمال متمثل في تعدد معاني التعبير.
من نفس الطريق الذى سارت فيه مغادرة
ثلاثة أعوام ولازال ينتظر
متجاهلاً السهم
الذى يشيرــــــــــــــــــــــــ إالى أن طريق الموت
اتجاه واحد
وهذه التكامل في التعبير يجعل السهم والذي هو الإحساس الدخلي أو أصوات الإنسان وهواجسه الداخلية يحمل فكرة واحدة وهي أن طريق الموت واحد ، وهو القلب . إن القلب هو ذلك الطريق الذي يأتي منه الأصدقاء -الصديقات ويغاردون -يغادرن منه .
وحينما يغدو الطريق الواحد أو الوحيد هو طريق الموت بمعناه المعنوي بطبيعة الحال فإن الحزن وليس غير الحزن هو سيد الموقف لتعيش المبدعة في حزن منطقي له تراتباته المتعلقة ببعضها البعض ، ولا يزال هذا القلب رغم هذا السهم (الصوت الداخلي) منتظرًا متجاهلاً الأحزان لعله يظفر بما يريد .
إنها قمة الإنسانية والتفاني من أجل الغير ، وتظل دائمًا هذه القيمة وهذا التفاني أمرًا مجهول المصير (وهذه هي سمة القيم السامية العظيمة ).
هذا التعبير قلبي يفترش الطريق ومكونات النص تصلح مادة خصبة للفنون التشكيلية ومبدعيها إذ هو لوحة جاهزة تؤكد فكرة أخوّة الفنون والتي يكون الإحساس هو الأب الحاضن لها .
عمل رائع أستاذتنا العزيزة أشكرك كل الشكر عليه . أرجو لك المزيد من التوفيق ودمت مبدعة على الدوام .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس