عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-10-2020, 09:21 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,909
إفتراضي نظرات فى كتاب الإخلاص

نظرات فى كتاب الإخلاص
الكتاب من تأليف عبد المحسن بن حمد العباد البدر وقد استهل البدر الكتاب بتعريف الإخلاص فى اللغة والاصطلاح فقال:
"هو في اللغة: تخليص الشيء وتجريده من غيره, فالشيء يسمى خالصا إذا صفا عن شوبه وخلص عنه, ويسمى الفعل المصفى المخلص من الشوائب إخلاصا, وفي الأول قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ}, فاللبن الخالص ما سلم وصفا من الدم والفرث ومن كل ما يشوبه ويكدر صفاءه, ومن الثاني قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لا شَرِيكَ لَهُ}.
وفي الاصطلاح: تصفية ما يراد به ثواب الله وتجريده من كل شائبة تكدر صفاءه وخلوصه له سبحانه."

والتعريف الاصطلاحى بألفاظ أكثر وضوحا أن تكون الطاعة لله وحده فهو نفسه توحيد الله هو نفسه الإيمان والعمل الصالح وهو نفسه الاعتصام بالله وقد سماه الله إخلاص الدين لله فقال :
"إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين"
وتعرض لمنزلة الإخلاص فقال:
"منزلته: الإخلاص هو أساس النجاح والظفر بالمطلوب في الدنيا والآخرة, فهو للعمل بمنزلة الأساس للبنيان, وبمنزلة الروح للجسد, فكما أنه لا يستقر البناء ولا يتمكّن من الانتفاع منه إلا بتقوية أساسه وتعاهده من أن يعتريه خلل فكذلك العمل بدون الإخلاص, وكما أن حياة البدن بالروح فحياة العمل وتحصيل ثمراته بمصاحبته وملازمته للإخلاص, وقد أوضح ذلك الله في كتابه العزيز فقال: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ, وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}, ولما كانت أعمال الكفار التي عملوها عارية من توحيد الله وإخلاص العمل له سبحانه جعل وجودها كعدمها فقال: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} والإخلاص أحد الركنين العظيمين اللذين انبنى عليهما دين الإسلام, وهما إخلاص العمل لله وحده وتجريد المتابعة للرسول الله (ص) ولهذا قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}, قال: "أخلصه وأصوبه", قيل: "يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل, وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل, حتى يكون خالصا صوابا, فالخالص: ما كان لله, صواب: ما كان على السنة". وقال شارح الطحاوية: "توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما؛ توحيد المرسل سبحانه وتوحيد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم, فيوحده (ص) بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان, كما يوحد المرسل بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل".
أدخلنا الرجل هنا فى متاهة الخالص والصائب فالخالص لا يمكن إلا أن يكون صوابا لكون الإخلاص الطاعة لله وحده لأن الله وصف الدين بالخالص فقال " ألا لله الدين الخالص"
كما أدخلنا فى متاهة كونهما أمرين فدين الله لله وحده وليس الرسول(ص) شريكا له فالقرآن وتفسيره الذى يسمونه السنة من عند الله لم يقل الرسول(ص) فيهما من عنده كلمة واحدة كما قال تعالى " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين"
ثم تعرض الرجل لمحل الإخلاص فقال :
"محله: ومحل الإخلاص القلب, فهو حصنه الذي يقطن فيه, فمتى كان صالحا عامرا بسكناه وحده تبع ذلك صلاح الجوارح, ومتى كان خرابا سكن فيه الرياء وملاحظة الناس وكسب ودهم وتحصيل ثنائهم والطمع فيما عندهم, ويتبع ذلك سعي الجوارح لتحصيل هذه الأغراض الدنية, وليس أدل على ذلك وأوضح بيانا من قوله (ص): "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله, إلا وهي القلب", وقد أوضح صلى الله عليه وسلم هذا المعنى وبيَّن تبعية الجوارح لما يقوم بالقلب بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل امرىء ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".والإخلاص مطلوب في الصلاة والزكاة والصيام والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وفي كل ما شرعه الله من قول أو فعل, فيقوم الإنسان بتأدية ما شرع له, والباعث له عليه امتثال أمر الله خوفاً من عقابه, وطمعاً فيما لديه من الأجر والثواب.
والإخلاص مطلوب أيضا فيما يلتزمه الإنسان من الأعمال فهو مطلوب من العامل, ومن المستشار والمؤتمن والموظف, ومن المعلم والمتعلم, وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يترتب على طلب العلم والإخلاص فيه من النتائج الحميدة, وما يترتب على فقده من العواقب الوخيمة بقوله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه, وروى عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها, فقال: "ما عملت فيها؟" قال: "قاتلت فيك حتى استشهدت", قال: "كذبت؛ ولكنك قاتلت ليقال: جريء, فقد قيل", ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار, ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها فقال: "ما علمت؟" قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت القرآن فيك" قال: "كذبت؛ ولكنك تعلمت ليقال: عالم وقرأت ليقال: قارىء, فقد قيل, ثم أمر به فسحب وجهه حتى ألقي على النار" الحديث.
ويروى أن معاوية رضي الله عنه لما بغله هذا الحديث بكى حتى أغمي عليه, فلما أفاق قال: صدق الله ورسوله؛ قال الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ}, ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "لا تعلّموا العلم لثلاث؛ لتماروا به السفهاء, ولتجادلوا به الفقهاء, أو لتصرفوا وجهة الناس إليكم, وابتغوا بقولكم وفعلكم ما عند الله فإنه يبقى ويذهب ما سواه".

ناقض البدر نفسه فى الفقرة السابقة فقد قال أن المحل فى أول الفقرة القلب ثم جعل بقية الأعضاء التى تعمل مشاركة فيه من خلال الأعمال كقوله " والإخلاص مطلوب في الصلاة والزكاة والصيام والجهاد" وقال أيضا" والإخلاص مطلوب أيضا فيما يلتزمه الإنسان من الأعمال"
ومن فالإخلاص محله الإنسان كاملا نفسا وجسدا
ثم تحدث البدر على الحض على الإخلاص وبين فضله فقال:
"الحث عليه وبيان فضله:
ولما كان الإخلاص بهذه المنزلة التي تقدم وصفها جاء الشرع المطهر في الحث عليه والترغيب فيه وبيان فضله في آيات كثيرة وأحاديث عديدة, نذكر بعضها على سبيل التمثيل فمن ذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ}, وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}, وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّه} الآية.. وقوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لا شَرِيكَ لَه} (الأنعام: الآية 162- 163), وقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا} (الكهف: من الآية110), وقوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} (الزمر:14).
ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لأصحابه في غزوة تبوك: "إن بالمدينة رجالا ما سرتم سيرا, ولا قطعتم واديا إلاّ كانوا معكم حسبهم المرض" وفي رواية: "إلاّ شركوكم في الأجر" متفق عليه واللفظ مسلم, ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك" متفق عليه ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" رواه مسلم, ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" جوابا لمن سأله عن رجل يقاتل شجاعة ويقاتل الحمية ويقاتل رياء أيّ ذلك في سبيل الله, وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يكتسبه الإنسان في الدنيا بسبب الإخلاص إلى جانب ما أعده الله له في الآخرة من مثوبة بما ذكره صلى الله عليه وسلم من قصة الثلاثة الذين آووا إلى غار للمبيت فيه فانحدرت صخرة وسدّت عليهم باب الغار ففرج الله عنهم ذلك بسبب إخلاصهم الأعمال الصالحة له سبحانه وتعالى."

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس