عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-06-2008, 10:01 AM   #12
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

7ـ ليس هناك برابرة على الأبواب

لينتبه القارئ الكريم لهذا الاستهلال الماكر للكاتب

في فيلم ((محارب الطريق The Road Warrior)) للمنتج السينمائي الأسترالي (جورج ميلر)، نرى حضارة اليوم القائمة على النفط قد انهارت نتيجة لحرب ضروس تشبه (سِفْر الرؤيا)، وضاع العلم من جراءها، وطاف الفوط والفوندال المحدثون في سياراتهم وعرباتهم التي تجرها (الخيول) يحاولون سرقة البنزين وطلقات الرصاص من بعضهم البعض، بسبب ضياع تكنولوجيا الإنتاج.

يحاول الكاتب في تقديمه لمقالته، تصوير العالم إذا ما تعرض لحرب من قبل جماعات متخلفة، تقضي على حضارته القائمة وتجعل العالم ينسى فنون العلوم التي قامت عليها حضارة العالم المتمدن. ماذا سيكون شكله؟ وهل يمكن أو يجوز لنا أن نترك هؤلاء الأعداء البرابرة أن يفعلوا فعلتهم؟ ومن هم هؤلاء البرابرة الجدد الذين سيقضون على حضارة العالم؟ ومن أين استقوا فقههم؟. إن المقالة مليئة بمحرضات التنبه لمثل ذلك العدو..

منابع الفكر المناهض للحضارة

يحاول الكاتب المماراة ليبعد الشكوك عن نفسه في تحديد العدو المقبل لحضارة الغرب، إنه لم يرغب في جعل القارئ يرى بشكل مباشر أن الإسلام والمسلمين هم من سيكونون أعداء المستقبل، ولكنه يسوق القارئ الغربي ويخوفه من هذا العدو الخطر. ولكن بعد أن يضع تمهيدا مكشوفا بأن من أسس للفكر المناهض للتقدم هم (الغرب) أنفسهم.

فيقول: يُعتبر (جان جاك روسو) المصدر المشترك لمعظم النظريات المعادية للتكنولوجيا، فهو أول فيلسوف حديث يشكك في فضل (التقدم ) التاريخي. فهو يقرر بأن الحاجات البشرية الحقيقية محدودة العدد جدا. فالإنسان بحاجة الى مأوى ومأكل، وأن موضوع أمن الإنسان من أخيه الإنسان هو افتراض خاطئ أوجدته النظريات الداعية للتقدم، فليس من الضروري أن يشعر الإنسان بخطر من يعيش قربه. باختصار، إن دفع الإنسان لنزعة الاستهلاك هو ما أوجد عنده الطبيعة الشرهة العدوانية.

ويورد (روسو) مثلا لهذه الظاهرة، في جامع التحف الذي يؤرقه وجود فجوات بين مجموعته أكثر مما يسعده وجود التحف نفسها، فتبقى نفسه مشغولة في إكمال تلك المجموعة. وبوسعنا (يقول فوكوياما) أن نجد مثالا حديثا، أنه في الثلاثينات من القرن العشرين كان من النادر أن نجد جهاز مذياع (راديو) في بلدة كاملة من بلدان العالم الثالث (مثلا) أما اليوم فقد تجد لدى الشاب أو الفتاة عدة أجهزة لتسجيل وضغط الأعمال الموسيقية والسينمائية.

أثر تلك الأفكار القديمة على الواقع الراهن

يتهكم الكاتب من طرف خفي على جمعيات حماية البيئة والمعادية للنشاط الصناعي والنووي وغيره، ويرد تلك النشاطات لمرجعها التاريخي (أفكار روسو). فهو يعتبر أحزاب (الخضر) وجمعيات البيئة وغيرها امتدادا لتلك الأفكار القديمة.

يكابر الكاتب (وليلاحظ القارئ تطابق هذا الفكر مع الإدارة الأمريكية الحالية التي ترفض التوقيع على معاهدة الاحتباس الحراري). فيقول: إن البيئة النظيفة هي من صلب اهتمام الإنسان الراقي المتمدن الصناعي، لذا فإن البيئة القذرة هي في دول العالم الثالث، والاحتباس الحراري يأتي من عندهم نتيجة قطعهم للغابات وإحراقها للوقيد، فغابات أمريكا الشمالية وأوروبا أنظف وأكثر اخضرارا من غابات دول العالم الثالث!

انتقاص من دعوات العودة للماضي

لا يستخف الكاتب بالدعوة للماضي فحسب، بل يستخف بالدعوة المتصالحة مع الواقع الراهن، أي تلك التي تدعو الى حضارة صناعية حديثة لكنها غير مؤذية للبشرية. فيتساءل كيف سيحدث ذلك؟

يضيف: إنه من الغباء تصور الرعاة والعمال الزراعيين الذين تحولوا الى نمط الحياة الحديثة المرفهة أن يعودوا لأساليب الماضي، لذلك فإن تلك التحولات بالعالم الثالث هي التي تهدد العالم المتحضر وليس العكس. فبرأيه حتى يحافظ سكان العالم الثالث على مستواهم المعيشي الذي وصلوا إليه فسيلجئون لتدمير ما حولهم وربما تدمير العالم. وسيجد أبناء العالم الثالث من حولهم ومن العالم الثالث نفسه من يدعو للعودة الى النمط القديم وتحدث المصيبة.

احتمال نشوب حرب

إن أي حرب تستخدم أسلحة الدمار الشامل، يمكن أن تقضي على الكثير من القاطنين من سكان الدولتين المتصارعتين، وممكن أن تتفتت الدولتان أو أحدهما ويهجرها السكان الى مكان آخر، لعدم صلاحية العيش في تلك البلاد المدمَرة.

إن الدول الكارهة للحروب، والتي ستنجو من دمار الحرب سيكون لها شأن بعد نهاية الحرب. بعد أن تتدمر مصانع الدولتين المتحاربتين. وقد تزدهر بعد تلك الحروب نشاطات الأديان المعادية للحضارة والتكنولوجيا، وقد تقوم الجماعات الملتزمة بالأديان المعادية للحضارة بتدمير القدرة على تذكر التكنولوجيا السابقة!

[ ليتمعن القارئ بالفقرة السابقة، ويرى كيف أن هذا الفقه هو ما أوحى لبوش أن يقول قولته: من ليس معنا هو ضدنا.. ولنتمعن بفكرة عدم ترك الآخرين دون حروب حتى لا ينعموا بنتائج الحروب دون تضحيات .. ولنتمعن بهذا العدو الذي أراد طمس معالمه في حديثه عن روسو بالبداية الى الحديث عن الأديان المعادية للحضارة! .. إنه نهج ذهني وعملي]

لكن، يعود الكاتب بمكر شديد للقول، إنه لا يوجد برابرة جدد على الأبواب، فمن يستطيع تدمير الحضارة والتكنولوجيا الغربية، يُفترض أن يكون على دراية بتلك التكنولوجيا ولديه القدرة على تدميرها. [ من هنا تبرز الدعوات المستمرة ـ وإن كانت قديمة ـ على منع التكنولوجيا عن الدول الإسلامية وردعها منذ بداية التفكير بها].
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس