عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-06-2012, 06:56 AM   #188
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

4- أحرُفُ الشَّرْطِ

وهي: (إنْ وإذْ ما) الجازمتانِ، و (لَوْ ولولا ولوما وأمّا ولمَّا). و (لَوْ) على نوعين:


الأول: أن تكونَ حرفَ شرطٍ لِمَا مضى، فتُفيدُ امتناعَ شيءٍ لامتناعِ غيرهِ: وتُسمّى حرفَ امتناع لامتناع، أو حرفاً لِما كانَ سيقعُ لوقوعِ غيره. فإن قلتَ: (لو جئتَ لأكرمتُكَ)، فالمعنى: قد امتنعَ إكرامي إياكَ لامتناع مجيئك، لأنَّ الإكرامَ مشروطٌ بالمجيءِ ومُعلَّقٌ عليه. ولا يَليها إلا الفعلُ الماضي صيغةً وزماناً، كقوله تعالى: {ولو شاءَ رَبُّكَ لجعلَ الناس أُمةً واحدةً}.

الثاني: أن تكونَ حرفَ شرطٍ للمستقبل، بمعنى (إنْ). وهي حينئذٍ لا تُفيدُ الامتناع، وإنما تكون لمجرَّد ربطِ الجوابِ بالشرط، كإنْ، إلاّ أنها غيرُ جازمةٍ مثلَها، فلا عملَ لها، والأكثرُ أن يَليها فعلٌ مُستقبلٌ معنًى لا صيغةً، كقوله تعالى: {وليَخشَ الذينَ لو تركوا من خلفهم ذُرِّيَّةً ضعافاً خافوا عليهم}، أي: (إنْ يَتركوا) وقد يَليها فعلٌ مستقبلٌ معنًى وصيغةً: (لو تزورُنا لسُرِرنا بِلقائكَ)، أي: (إن تَزُرْنا).

وتحتاجُ (لو) بنوعيها إلى جواب، كجميع أدواتِ الشرطِ. ويجوزُ في جوابها أن يقترنَ باللام، كقوله تعالى: {
لو كانَ فيهما آلهةٌ إلا اللهُ لفَسدَتا}، وأن يتجرَّدَ منها، كقوله تعالى: {ولو نشاءُ جعلناهُ أُجاجاً}، وقولهِ: {ولو شاءَ رَبُّكَ ما فعَلوهُ}. إلا أن يكون مضارعاً منفيّاً، فلا يجوزَ اقترانهُ بها، نحو: (لو اجتهدتَ لم تَندَم).


و (لولا ولوما)، حرفا شرطٍ بَدلانِ على امتناعِ شيءٍ لوُجودِ غيرهِ. فإن قلتَ: (لولا رحمةُ اللهِ لَهلَكَ الناسُ) و (لَوما الكتابةُ لَضاعَ أكثرُ العلمِ)، فالمعنى أنهُ امتنعَ هَلاكُ الناسِ لوجودِ رحمةِ اللهِ تعالى، وامتنعَ ضياعُ أكثرِ العلم لوجود الكتابةِ.


وهما تَلزَمانِ الدخولَ على المبتدأ والخبر، كما رأيتَ. غيرَ أَنَّ الخبرَ بعدهما يُحذَفُ وجوباً في أكثرِ التراكيبِ. والتقديرُ: (لولا رحمةُ اللهِ حاصلةٌ أو موجودةٌ) و (لولا الكتابة حاصلة أو موجودة).


وتحتاجانِ إلى جوابٍ، كما تحتاجُ إليه (لو). وحكمُ جوابهما كحكم جوابها، فيقترنُ باللام، كما رأيتَ، أو يُجرَّدُ منها، نحو: (لولا كرمُ أخلاقِكَ ما عَلَوَتَ)، ويمتنعُ من اللام في نحو:


(لولا حُبُّ العلمِ لم أغتربْ) لأنهُ مضارع منفيٌّ.

و (أمّا) بالفتح والتشديدَ، حرفُ شرطٍ يكونُ للتّفصيل أو التوكيد. وهي قائمةٌ مَقامَ أَداةِ الشرط وفعلِ الشرط. والمذكورُ بعدَها جوابُ الشرط، فلذلك تَلزَمُه فاءُ الجواب للرَّبط. فإن قلتَ: (أمّا أنا فلا أقولُ غيرَ الحقِّ) فالمعنى: (مهما يكنْ من شيءٍ فلا أقولُ غيرَ الحقِّ).

أمّا كونُها للتفصيلِ فهو الأصلُ فيها، كقوله تعالى: {فأمّا اليتيم فلا تقهَرْ، وأمّا السائل فَلا تَنهَرْ، وأمّا بنعمةِ رَبِّكَ فحدِّثْ}.


وأمّا كونُها للتأكيد، فنحوُ أن تقولَ: (خالدٌ شجاعٌ)، فإن أردتَ توكيدّ ذلكَ، وأنهُ لا محالةَ واقعٌ، قلتَ: (أمّا خالدٌ فشجاعٌ). والأصلُ: (مهما يكن من شيءٍ فخالدٌ شجاع).


و (لمّا): حرفُ شرطٍ، موضوعٌ للدلالةِ على وجودِ شيءٍ لوجودِ غيرهِ. ولذلك تُسمّى: حرفَ وُجودٍ لوجودٍ. وهي تختصُّ بالدخول على الفعل الماضي. وتقتضي جُملتينِ، وُجِدَتْ أُخراهما عند وجود أولاهما. والأولى هي الشرطُ، والأخرى هي الجوابُ، نحو: (لمَّا جاءَ أكرمتُهُ).


وتحتاج إلى جوابٍ، لأنها في معنى أدواتِ الشرط. ويكونُ جوابها فعلاً ماضياً، كما رأيتَ، أو جملةً اسميّةً مقرونةً بإذا الفجائيّة، كقوله تعالى: {فلمّا نجّاهم إلى البَرِّ إذا هم يشركونَ}، أو بالفاءِ، كقوله تعالى: {فلمّا نجاهم إلى البرِّ فمنهم مُقتصدٌ}.


ومن العلماءِ من يجعلها ظرفاً للزمان بمعنى (حين)، ويضيفها إلى جُملةِ الشرطِ وهو المشهورُ بينَ المُغرِبينَ، والمحقِّقُونَ على أنها حرفٌ للرَّبط.


5- أَحرُفُ التَّحضيضِ وَ التَّنْديمِ


وهي: (هَلاّ وأَلاّ ولوما ولولا وألا).

والفرقُ بينَ التحضيضِ والتّنديمِ، أنَّ هذه الأحرفَ، إن دخلت على المضارع فهيَ للحضِّ على العملِ وتركِ التهاوُنِ به، نحو: (هَلاّ يرتدعُ فلانٌ عن غيِّه. أَلاَّ تَتُوبُ من ذنبِك. لولا تستغفرونَ اللهَ. لوما تأتينا بالملائكة. {ألا تُحبُّون أن يغفرَ اللهُ لكم}). وإن دخلت على الماضي كانت لجعلِ الفاعلِ يندَمُ على فواتِ الأمر وعلى التّهاون به، نحو: (هلاّ اجتهدتَ)، تُقرِّعهُ على إهمالهِ، وتُوبِّخهُ على عدَم الاجتهاد، فتجعلُهُ يندَمُ على ما فَرَّطَ وضيَّع. ومنهُ قوله تعالى: {فلولا نَصَرَهمُ الذينَ اتخذوا من دُونِ اللهِ قُرَناءَ آلهةً}.
6ـ أحرُفُ العَرْضِ

العَرضُ: الطَّلبُ بلينٍ ورفقٍ، فهو عكسُ التّحضيض، لأنَّ هذا هو الطلبُ بشدَّةٍ وَحثٍّ وإزعاجٍ.


وأحرفهُ هيَ: (ألا وأمَا ولوْ)، نحو: (ألا تَزُورُنا فنَأنس بكَ. أما تَضِيفُنا فتلقى فينا أهلاً. لو تُقيم بيننا فتُصيبَ خيراً).


وقد تكونُ (أمَا) تحقيقاً للكلام الذي يَتلوها، فتكونُ بمعنى (حَقاً)، (أمَا إنَّهُ رجلٌ عاقلٌ) تعني أنهُ عاقلٌ حقاً.



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس