عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-01-2009, 02:35 PM   #26
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل التاسع عشر: الذات العربية المتضخمة:
إدراك الذات المركز والآخر الجواني

قدمه: سالم ساري/أستاذ في جامعة فيلادلفيا ـ الأردن

لقد تضخمت الذات العربية، شكليا، وكان التغزل بالمكان والتاريخ والأمجاد يتجلى في كتابات المثقفين والتربويين، وكان يصور الآخر (العدو) بأنه مهزوم لا محالة وأن المسألة هي مسألة وقت لن يطول. كان هذا قبل حرب الخليج الأولى (دخول الجيش العراقي للكويت).

لقد كان أولى بحركة الفكر العربي أن تتوقف عند تضخيمها لذاتها، وتتلمس إشكاليات الخلاف المسكوت عنه قبل أن تتفجر أي أزمة، ولكنها استمرأت التغني بالذات العربية دون الالتفات لبواطن الأزمات المرشحة للتفجير.

وبعد تتبع لجذور أزمة الكويت الأخيرة وتطوراتها، وتمحيص لدوافعها وأبعادها، ترسخت قناعة متزايدة لدى بعض علماء السياسة والاجتماع بأن ما شهدته بلاد العرب مؤخرا، ليس في حقيقة الأمر إلا حرب إدراك خاطئ مارسته بلذة عجيبة، الذات العربية الواحدة نحو ذاتها المجزأة*1

تراجع تجسيد الآخر من الخارج الى الداخل

بعد تلك الحرب، تضاءلت الإنجازات الحضارية وانحسرت القضايا المصيرية، وتراجعت الطموحات في الوحدة والتكامل والحرية والديمقراطية والأمن. وارتدت الذات العربية بإحباط مذهل لتنشغل بنفسها تفتيتا وتجزيئا مستبدلة آخرها الخارجي القديم العتيد (الغرب الثابت تاريخيا وثقافيا وسياسيا) بآخر داخلي جديد (العربي العائم ذهنيا ونفسيا ومجتمعيا).


مبررات الدراسة

بعد أن يؤكد الباحث ما سبقه من الباحثين أن الذات المركزية يتم التعرف عليها عادة من خلال تصور الآخر، يذكر مبررات تلك الدراسة التي أجراها بصبر على 200 عينة (أردنية وفلسطينية) بأعمار مختلفة ومهن مختلفة وجنس مختلف، لن نتوقف عند جانبها المهني وطريقة التحليل الإحصائي لها، رغم أهميته، لكننا سنحاول ربط موضوعه بمجموعة المواضيع المطروحة سابقا والتي ستطرح لاحقا، فيقول:

إن العالَم الاجتماعي الثقافي السياسي اليوم لا تحكمه الأفكار العقلانية فقط، وإنما الأفكار العاطفية والإدراكات الزائفة أيضا. ولا تتحكم في علاقات أفراد المجتمعات المختلفة التصورات والصور الواقعية الصائبة فحسب، وإنما، بالقدر نفسه، تلك المغلوطة المشوهة أيضا.

أولا: إدراك الذات العربية (المركز) لذاتها

نصنع الذات الثقافية صناعة، عبر عملية التنشئة الاجتماعية الثقافية، كعملية تراكمية تفاعلية مستمرة من التأثير والتأثر. ويكون المجتمع، في هذه العملية الدينامية المتطورة، إطارها وبناءها المحدد، وتكون الثقافة مادتها ومحتواها، كما تكون الشخصية أداتها وهدفها في آن معاً.

وعند اتخاذ المواقف من أي مسألة (خصوصا مسائل الخلاف بين العرب، والكاتب هنا يركز على أزمة حرب الخليج الأولى) فإن المواطنين العرب من المحيط الى الخليج سيفكرون من خلال ثقافتهم المتكونة وبواسطتها، وهو ما سمي بالمنظومة المرجعية (Reference System)، وبالتأكيد فإن شحن تلك المرجعيات سيتم قطريا (في كل بلد) وفق المتيسر من المعلومات والمواقف الشعبية والنخبوية السائدة.

1ـ الهوية الثقافية

في سؤاله عن الهوية والانتماء تلقى الباحث 53.5% من الإجابات بأنا (عربي) و 18% (أنا مسلم) و 16% (أنا أردني) و الباقي 12.5% أجاب عن مهنته كما فهم السؤال (أنا طالب، موظف، طبيب الخ).

2ـ القيم الراسخة

في سؤاله عن أنماط المبادئ الراسخة التي يتمسك بها من سألهم، جاءت إجابات 35.5% بأنهم متمسكون بمبادئ عربية، وجاءت إجابة 27.5% بأنهم متمسكون بالحفاظ على المبادئ الإسلامية، في حين من يتمسكون بالمبادئ الشخصية 21.5% ومن يتمسكون بمبادئ وطنية 15.5%.

3ـ صورة الإنسان والمجتمع العربي ـ كنمط مثالي

في سؤاله عن مواصفات العربي المثالي، جاءت الأجوبة 28.5% من يحافظ على القيم العربية الأصيلة، و 27.5% من ينتمي عربيا، و 20% من يلتزم دينيا، و 17.5% من يعتز ببلده والمحافظ وطنيا، و 6.5% من ينفتح على الثقافات الأخرى.

أما سؤاله عن صورة المجتمع العربي المثالي، كانت الأجوبة 33.5% المجتمع العربي الديمقراطي الوحدوي، و 33% المجتمع العربي الإسلامي حقا، و 15.5% المجتمع العربي الخالي من الشرور، و 10.5% المجتمع الراقي حضاريا، المحترم دوليا، و 7.5% المجتمع المحافظ على تاريخه وقيمه الأصيلة.

وعندما تم طرح سؤال ما هي التضحيات التي تفرضها العروبة؟ أجاب 47.5% من أجل المستقبل العربي، و 27% من أجل فلسطين، و 17.5% من أجل المبادئ الإسلامية، في حين أجاب 8% من أجل المبادئ العربية.

وعن سؤاله: ما هي هموم المواطن العربي اليوم؟ أجاب 52.5% الانحطاط السياسي، و 24% الرضوخ للأجنبي، و 11% الجهل والطبقية والإقليمية، و 6.5% الابتعاد عن الدين والقيم، و 6% الانهزام النفسي والخلقي.

4ـ صورة العربي ـ العربي

رغبت كل العينات أن يؤخذ الإنسان العربي الجديد أمام العالم الخارجي، مأخذا جديا باعتباره صاحب حضور وحضارة، وأن تُحترم خصوصياته وأن تُثمن إنجازاته الماضية مع احترام طموحاته المستقبلية.

وعند الإجابة على سؤال عن الصورة المفضلة للعربي أمام العالم الخارجي، أجاب 37.5% بأنه العربي العريق حضاريا، الواعي بتحديات المستقبل، وأجاب 26% بأنه القوي سياسيا، المستقل فعلا، وأجاب 15% بأنه القوي بدينه، الغني بقيمه، وأجاب 13% الوحدوي الديمقراطي، و 6% الأصيل ذو الصفات التقليدية و 2.5% ذو الهوية الوطنية المميزة.

ثانيا: مصادر تكوين صورة الآخر

تكونت صورة العربي كآخر أمام أخيه العربي، خلال حرب الخليج الأولى من خلال مصادر مختلفة تم الإجابة عنها من قبل العينات، بأن 23% من العينة أجابت بأن الصورة تكونت خلال حرب الخليج ومواقف الدول والشعوب، و20% حديث الأقرباء والأصدقاء المتعاملين معه، و 13% وسائل الإعلام المحلية، و 10.5% ممن أقاموا وعملوا في دول الخليج، و 10.5% من وسائل إعلام خليجية، و10% لكل ممن كونوا صورتهم من خلال لقاءات تمت في الخارج، ومثلها ممن اعتمدوا على وسائل إعلام أجنبية، في حين كان 3% ممن أجابوا بأن لديهم وسائلهم الخاصة.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس