عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-06-2010, 10:23 AM   #15
داود
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية لـ داود
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 462
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة المشرقي الإسلامي مشاهدة مشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

أهلاً بك أخانا العزيزي داود ، وقد قرأت خاطرتك الجميلة والذي أراه داعيًا للاهتمام بشكل كبير هو الكيفية التي تكتب بها النص والتي تكون عمودية ، عدد الأسطر القليلة يوحي بحالة كالهمس أو الحزن الذي يجعل المتكلم أو من تتحدث على لسانه يتكلم بالقطّارة كلمة كلمة .
والمضمون قريب من القصة ،إلا أنه ليس فيه حوار . فقد اجتمع لديك القصة والخاطرة والشعر في آن واحد على اختلاف زوايا تواجدهم .وتبدو فكرة الفانتازيا جميلة في هذه الأسطر :
فكأنها سخرية الحياة تطل عليه حينما تكون الكلمة وداعًا هي النصيب الذي لاقاه وهكذا دائمًا مصير كل الأشياء الجميلة. لكن الأجمل هو هذه الفانتازيا الممثلة في هذه التعبيرات :

تركت نفســي

ورحــلت

أُلاحِــق قلبــي

فســـقـطـت

من بين السحاب

وانتـهــيت

على أطراف الكون

وحــــــــدي

و المـوت

.

.

.

وكان تشبيه القلب بأنه كالورقة الطائرة التي تهرب في موقعه الصحيح الذي يضفي على العمل قيمة خاصة .وهذه اللغة المغايرة للغة التقليدية تنم عن فهم جيد للموقف والفكرة ، فالمراد توصيله هو أن الحب -ومصدره القلب- هو شيء لا يكون موقعه إلا مع السحاب لعلوه وسموه وأنه لو لم يكن هنالك هذا السمو الوجداني فإن النهاية هي الموت .أي أنك جعلت القلب محصورًا بين اثنين لاثالث لهما السماء (الحياة) ، الأرض (الموت). وهذه فكرة من الضروري العمل على توصيلها للقارئ بشكل جيد ، وإذا تحدثنا عما يسمى بجماليات التشكيل المكاني أي قدرة المبدع على تشكيل حالة صوتية أو شكلية من خلال أسلوب الكتابة ، فأسلوب الكتابة والنقاط والفواصل وغيرها من أدوات التنسيق لديك مستغة بشكل جيد وتحتاج إلى بعض الإضافات البسيطة لتثمر .

وثمة تحول أجده من (تركت نفسي) الدالة على الثقة والاسترخاء إلى نظرت حولي والتي تدل على الخوف والارتياب ووجود ما يدعو إلى ذلك وهذه نقلة هامة في الحالة الشعورية تتناسب مع طبيعة تنامي الحدث أو تصاعد الموقف وتوتره.

نظــرت حــولي

فـلم أجـــــــــد

غــير الفنـاء
هنا أجد نقلة ذكية للغاية ، فبعد أن كان في القطعة السابقة موجودًا وحده والموت ،فإنه الآن
صار لا يجد أحدًا أبدًا وقد دللت على ذلك بقولك "فلم أجد غير الفناء ولا أحد فقط" مما يدل على تلاشي ذاته التي كانت ممثلة في كلمة وحدي. ومثل هذه التعبيرات تدل على انفصال الإنسان عن ذاته .الفناء أبعد من الموت ، فقد يموت الإنسان ولا يفنى وتبقى جثته البشرية متواجدة أو يبقى ذكره بعد موته ، أما الفناء فهو ما بعد الموت أو تحول الموت إلى درجة أكبر من التلاشي واللاتواجد ، وكانت هذه النقلة دالة بشكل كبير على هذا المأزق الذي يصير الإنسان فيه وحده بعيدًا عن كل شيء حتى ذاته التي لم يعد لها وجود فهي في حياة شكلية وموت معنوي.

ولا أحـــد

فقـــــط

بعـض الدمــوع

وروح

بلا جســــد
هذه الكلمات (فقط بعض الدموع وروح بلا جسد) تؤخذ على النص وليست في صالحه فهي زيادة على كلمة فقط ، وهي تهدم كل ما قلتُه من قبل ، ومن وجهة نظري القابلة للإبطال أن كلمة الدموع وروح بلا جسد لم تعط معنى ، فبعد الفناء لا يتبقى شيء.
.

.

.

ضــاق صـــدري

فبـكيـــت

عــلى

حـُطـام قلـبي

ارتـمــيت

وبجانبي

الورقــة

والدمـــــوع

والمــوت

.

.
النص كان فيه فكرة ما وربما تكون فكرة تجمع الأشلاء ، تتجمع مكونات الحزن كل على حدة لتكوّن الصورة الأخيرة هي الحزن الكلي الممثل في الورقة ، الدموع ، والموت بعد أن كان في كل مرحلة يجني شيئًا منفردًا فها هو ذا الآن يجتمع عليه الحزن بكافة مكوناته وهذا يستوجب الكلمة وداعًا وإن كانت كلمة مطاطة فضفاضة للغاية لابد من البحث عن غيرها أكثر دقة لتكون عنوانًا للعمل .
نقلة كبيرة للغاية ومبشرة ، وتدل على وجود من يحاول النبش في العمل ومجادلته واللعب على وتر الصورة أو ما يسمى بالمونتاج الترابطي . يكون كل شيء متناولاً على حدة حتى تأتي لحظة تجمعهم معًا في إطار واحد.
هذا العمل نقلة كبيرة وتحتاج فقط إلى الاتكاء على الصورة الفنية ليصبح لدينا عمل متكامل وصوت مميز بشكل كبير عبر تاريخ أقلام الخيمة. دمت مبدعًا وفقك الله

مُعلمي الفاضل

المشرقي الإسلامي

تحياتي مع حبي ...أشكرك لتحليلك الأكثر من رائع والذي يجعلني أستمتع بقراءة ما كتبت
شكرا لتعليمك لي دائما
__________________
ما أصعب أن نـُجرح ... من يد لا نحتمل الجرح فيها
داود غير متصل   الرد مع إقتباس