[المشرقي الإسلامي]

المشاركة الأصلية بواسطة تساؤل

..


تعيش نصف قصةٍ
مجنونةٍ مبللة


في نبضها غواية
وفي الحنايا مهزلة


وبعد سحر الأمس
يأتيها غدٌ ما أجمله


وفي النهار تصرخ
الساعات وهي معولة


وتمتطي صبراً
بلا صبرٍ وتستجدي الوله



لدى حدود البوح تتلوها
بقايا سنبلة



ولوثة معجونة
بغضبةٍ مهلهلة


تثور أشلاء الأنا
في صمتِ آهٍ مهملة


وتستقل موجة ً
أحلامها مكبلة



غد سيأتي ضاحكاً
في عنفوان البلبلة


خبأتها لكنها
على شفير مقصلة



آسيا سعيد
..

أهلاً بك أختنا العزيزة آسيا ، ولقد قرأت القصيدة هذه وغيرها من القصائد وأشعر بعبقرية متفردة في قصائدك والتي تتسم بتحقيق مفهوم (كيمياء الكلمة) ولكن هذه الكيمياء كيمياء واضحة وليست عملية مميعة تميعًا هلاميًا كالأبيات الكابوسية والحالمية الهائمة في الفضاء .
القصيدة ميزها للغاية هذا التميع العبقري والذي أكاد أجزم أنني لم أشهد مثله كثيرًا اللهم إلا بعض قصائد الراحل إبراهيم عيسى (ليس محرر جريدة الدستور) والذي أراه أن الحدث مخبأ بدقة ويقع في منطقة رمادية يمكن للقارئ أن يستشفها من خلال القرائن النصية أو الثقافة الخاصة به.
ولا أزعم أن لي من القدرة على قراءة ما وراء النص ما يمكني من التصدي لهذه المهمة بشكل واضح . ولكن الذي أراه أن القصيدة تتناول عشقًا زائفًا بين اثنين ،هذا العشق هو عشق يغلب عليه الطابع الحسي -ربما- وهذا ما أستشفه من خلال الكلمة (غواية) كما أن كلمة مبللة قد تعطي انطباعًا بشيء من هذه الحالة التي يكون الجانب الوجداني فيها منحسرًا لصالح الطابع الحسي للواقع المقصود التعبير عنه.
والجملة
خبأتها لكنها
على شفير المقصة
تأتي لتعطي انطباعًا بأن ثمة افتضاحًا للحدث في أطوار الانتظار . كذلك من الممكن أن يفهم القارئ القصة على أنها إدانة للحياة نفسها وما فيها لذلك فهي حياة مهزلة وهي حياة غواية وهي مبللة أي أنها شيء خفيف وإن ظن الواحد منا عكس ذلك .
وهذا أجده في الشطر :
وتمتطي صبرًا بلا
صبر وتستجدي الوله
إنها الدنيا التي تتسول العشاق حتى تبلغ بهم نهايتهم المهلكة .لهذا تأتي كلمة شفير المقصلة معبرة عن هذه النقطة التي تجمع الحب -ربما - والدنيا في لحظة حاسمة .ولفظة سنبلة تأتي -ربما -للتعبير عن الفكرة أو اللحظة الأولى لوجودها في ذات المبدع .
وشيء من ذلك أجده في الأمواج المكبلة ، وكأنها ثورة الإنسان والتي يحاول من خلالها التغلب على الدنيا ولكنها تكبل هذه الأمواج التي تهم بأن تثور .
الناس تجريدي متميز ، وعلى درجة كبيرة من الانفتاح في الدلالات والتأويل .كما أن حضور الأفعال المضارعة بشكل واضح أعطى انطباعًا بالتجدد ، ولتكون تلك الحياة هي المقصلة التي تباغتنا كل يوم ولا نكاد ننتصر عليها .
عمل رائع مميز ، أشكرك وأحييك عليه وأرجو لك التوفيق دائــــــــــــــــــــــــــــمًا.