عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-11-2006, 01:48 PM   #1
بيلسان
صاحبة المخالب المخملية
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
الإقامة: في ذاكرة رجل..
المشاركات: 2,722
إفتراضي الى من يحتفظ بالنسخة الاصلية مني

إلى رجل يحتفظ بالنسخة الأصلية مني



بالأمس طرق الحب بابي … لم أفتح له … ولم ينتظر طويلاً … كان على موعد مع عشاق العالم ليحتفلوا به … فمضى إليهم … وبقيت أنا وحدي … في انتظار عام آخر يطرق فيه الحب بابي فأفتحه له وأنت معي…
سيدي البعيد جداً من موقعي … القريب جداً من أعماقي … لا أعلم … هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود؟ أم ضاق بي الوجود … فأصبح أصغر من حزني؟
النتيجة واحدة يا سيدي … فبقعة الأرض هذه ، ما عادت تتسع لي … فبقعة الأرض التي كنت أقف عليها … أصبحت الآن تقف علي … والحمل أكبر من الكتابة … والحمل اثقل من التنفس … وحاجتي إلى التنفس جعلتني ابحث عن وطن يكتظ بالهواء … وطن يمنحني الحياة بلا حدود … وطن يعيد الأرض إلى قدمي … ويعيد قدمي إلى الأرض … وطن يجعلني فوق الأرض … ويجعل الأرض تحتي رحبة واسعة كأحلام طفولتي … وأظنك ذلك الوطن ، أو هكذا يخيل إلي ، أو هكذا تمنيت دائماً …
وليس كل ما تمنيته منحتني إياه الحياة … بالرغم من أني منحتها الكثير مني … ظننتها ستشبهني … ستقلدني في العطاء … لكنها خدعتني .. سرقتني .. وأخذت كل شئ ولم تمنحني أي شئ
فيا وطني … من أين ابدأ؟ من البداية التي ما عدت اذكرها؟ أم من النهاية التي لا أريد أن أذكرها؟
فأحياناً … تتشابه بدايتنا ونهايتنا حد الملل … فيا سيدي … اجبني … من أنا ؟ وعلى أي المحطات أقف الآن؟ ولماذا أقف الآن في انتظار معجزة تعيدني إلى الحياة ، أو تعيد الحياة إلي ؟
لا تدهش لسخافة سؤالي … فأنا أضعت ( أنا ) … وجئتك أبحث عنها … عن ( انا ) … عن ذاتي … ليقيني أني لن أجد نفسي الحقيقية إلا لديك … فأنت أصولي … وجذوري … فأعماقك هي صندوقي الذي أخبئ فيه كل ما أخشى علية من الأيام … وذات يوم خبأت نفسي الحقيقية فيك … نفسي التي تشبهك وتشبهني … وغادرت بالنفس الأخرى … التي تشبههم ولا تمت لك أو لي بصلة .
كنت سعيدة بهذه النفس … لقدرتها الفائقة على التأقلم مع عالمهم التافه … وأجدت دوري ببراعة … وكثيراً ما صفقت لنفسي بيني وبين نفسي .
لكنني الآن … أشتاق إلى نفسي الحقيقية … تلك النفس التي خبأتها فيك … فجئتك وفي داخلي رعب الدنيا كله … أن تكون قد فتحت لها أعماقك ذات ليلة باردة و أطلقت سراحها منك …
ترى … هل ما زلت تحتفظ بي ؟ هل ما زلت تحتفظ بالنسخة الأصلية لملامحي ؟
أشتاق لملامحي القديمة … فهل سأراها في مرآتك ؟ خدعتني مراياهم كثيراً يا سيدي … منحتني وجهاً ليس وجهي … وجسدا ليس جسدي … وأحلاما ليست أحلامي … تضخمت في أعينهم في الوقت الذي كنت أتضاءل فيه في عيني …
وسافرت … سافرت في كل القلوب … وكنت أترك في كل قلب حلماً ناقص النمو … وأرحل … أغادر أعماقهم متسللة كاللصوص … وأحرص حرصاً تاماً على أن لا تبقى فردة الحذاء الذهبي خلفي كي لا تعيدهم إلى عالمي الذي لا يتسع إلا لك …
أرحل بحثاً عن حكاية جديدة … حكاية مختلفة في فصولها وطقوسها وتضاريسها … لكنني اكتشفت أن الحكايات تتشابه … وان الفصول تتشابه … والتضاريس تتشابه … إلا الإحساس … وحده الإحساس يا سيدي يبقى مختلفاً كبصمات الأنامل …
فعشت سنوات أبحث عن ذلك الإحساس المختلف … لكن ذلك الإحساس لم يأت بعد … وربما لن يأتي أبدا … وهنا تكمن مرارة اليقين … اليقين بأن القادم لن يكون أفضل ولن يكون اجمل ولن يكون مختلفاً … وان وحدك الشيء المختلف الذي لا يشبهه في قلبي أو حلمي أو خيالي شئ …
فيا سيدي الوطن … ويا وطني السيد … نمت عميقا … نمت طويلاً … واستيقظت بالأمس … ولا أعلم لماذا استيقظت … وأي صرخة قاسية للواقع أيقظتني وزلزلت أحلامي … وإذا بالوجوه ليست الوجوه … وإذا الأصوات ليست هي الأصوات … وإذا الأماكن ليست هي الأماكن … ولا الأحلام ليست هي أحلامي … ولا الزمان هو زماني … ولا أنا التي يعرفونها … هي انا التي اعرفها انا … وتعرفها أنت …
فجأة … شعرت يا سيدي بأنني خارج نطاق الزمان والمكان والأحلام … وبأن أحلامي كانت ضرباً من الوهم والجنون والشقاء والغباء …
فذات يوم يا سيدي كنت سيدة الحلم في عالم بنفسجي اللون … مخملي الملمس …
ذات يوم … كانت لدي قدرة الحلم بالمستحيل الجميل … فحلمت بما لم تحلم به أنثى قبلي …
ما رست كل أنواع الأحلام المستحيلة يا سيدي … تضخمت بالأحلام قد استطاعتي … ولم أدرك إلا بعد فوات الأوان … إن للأحلام عملة تدفع من رصيد العمر … فما ابهظ ثمن الأحلام يا سيدي …
فيا سيدي الحلم … هل تعلم انك الحلم الذي دفعت ثمنه من رصيد سنواتي … و أعلنت إفلاسي من الألم والأحلام بعدك … وكل الأحلام التي عشتها بعد رحيلك كانت بلا ثمن …
فهل أدركت الآن من أنت ؟؟ من تكون ؟؟ وأين موقعك فوق خارطة قلبي ؟؟ وما حجم وجودك فوق خارطة أحلامي ؟؟


المرسلة: امرأة حالمة


منقول

آخر تعديل بواسطة أوراق الخريف ، 28-11-2006 الساعة 09:50 PM.
بيلسان غير متصل   الرد مع إقتباس