[ماهر الكردي]

سلسلة كبائر الذنوب
الـكـذب

إعلم ان الكذب انواعٌ وأشدها الكذب على الله تعالى ورسولهِ صلى الله عليه وسلم...قال تعالى: {وَيَـومَ ٱلقِيَامَةِ تـَرَى ٱلـَّذِيـنَ كَذَبُوا عَلَى الله وُجُوهُهُم مُسوَدَةٌ ألَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثوىً لِلمُـتَكَبـِّرِينَ}.[الزمر: 60].
قال الحسن: هم الذين يقولون إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل.
قال ابن الجوزي في تفسيره: وقد ذهب طائفة من العلماء الى أن الكذب على الله وعلى رسوله كفر ينقل من الملة, ولا ريب أن الكذب على الله وعلى رسوله في تحليل حرام وتحريم حلالٍ كفرٌ مَحض, وإنما الشأن في الكذب عليه فيما سوى ذلك.
وفي الحديث المتفق عليه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ كّذِباً عَلَيَّ لَيسَ كَكَذِبٍ عَلَى أحَدٍ, مَن كَذِبَ عَلَيَّ مُتَعَمِداً فَـليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّار).

الكذب على الخلق

اعلم ان الكذب هو الإخبار عن شيء بخلاف ما هو, سواء تعمدتَ ذلك أم جهلته. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( إنَّ الصِدقَ يَهدي اِلى البِرِّ, وَإنَّ البِـرَّ يَهدي اِلى الجَنَّةِ, وَإنَّ الرَجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ صِدِّيقاً, وَإنَّ الـكَـذِبَ يَهدي اِلى الـفُجُور, وَإنَّ الـفُجُور يَهدي اِلى الـنَّارِ, وَإنَّ الرَجُلَ لَيَكذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ كَذّاباً)).[متفق عليه].
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضيَ الله عنهما إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أربعٌ من كنَّ فيه, كان منافقاً خالصاً, ومن كانت فيه خلصةٌ منهُنَّ, كانت فيه خلصةٌ من ِنفاق حتَّى يَدعها: إذا اؤتمن خان, وإذا حدَّث كذب, وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر}.[متفق عليه].
(منافقاً خالصاً)= قد استجمع صفات النفاق.
(خلصة)=صفة.
(يدعها)=يتركها ويخلص نفسه منها.
(غدر)=ترك الوفاء بالعهد.
(خاصم)=نازع وجادل.
(فَجَر)=مال عن الحق. والله أعلم.

الكذاب ليس بمؤمن

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا يبلغ العبد صريح الإيمان حتى يدع المزاح والكذب, ويدع المِراء وإن كان مُحقاً)). [صحيح لغيره, رواه أبو يعلى في مسنده].
وعن ابي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( يُطبَعُ المُؤمِنُ على الخِلالِ كُلِها إلا الخِيانَةَ وَالكَذِب)).[رواه أحمد].

الكذب لإضحاك الناس

عن ابن عمرو رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (( ويلٌ للذي يُحدث بالحديث ليُضحك به القوم فَيَكذب٬ ويل له٬ ويل له)). [حديث حسن: رواه أبو داود].

الكذب في الطعام
عن أسماء بنت عميس, قالت: كنت صاحبة عائشة التي هيأتها و أدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة, قالت: فو الله ما وجدنا عنده قِرىً إلا قدحاً من لبن. قالت فشرب منه, ثم ناوله عائشة, فاستحيت الجارية, فقلنا: لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم, خذي منه, فأخذته على حياء, فشربت منه, ثم قال: (( ناولي صواحبك)). فقلنا: لا نشتهيه يا رسول الله.
فقال: (( لا تجمعن جوعاً وكذباً)).
قالت : فقلت : يا رسول الله , إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا اشتهيه, يعد ذلك كذباً؟ قال: (( إن الكذب يكتب كذباً حتى تكتب الكذيبة كذيبة )).[صحيح: رواه أحمد في مسنده].