عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-03-2010, 09:05 AM   #10
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رقيقة هذه الأحاسيس وصادقة أخي العزيز وتتماس ّ مع مناطق وجدانية لكل واحد منا ، وإن كنت أوضح أن الطبيعة لا تهب ولا تمنع إنما الله الوهاب ويبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والله هو لا غيره يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء .
أخي العزيز محيي الدين:
كان للرمال بالنسبة لي شجن لا يضاهيه شجن ، فأنا أبصر فيه براءة الحياة وبكارة القلب وأرى فيها تجاوبًا مع أفكاري اللانهائية ، كلما تذكرت معسكر (دهشور) الذي قضيت فيه وقتًا غير طويل أحن إلى أيام جمعتني بأصدقائي المجندين ونحن نسير في الليل لصلاة العشاء في مسجد هو كالطفل النائي ببراءته عن كآبة الحياة وضيقها .
ما أجملها من أيام ! كنا نسير ، ومعنا زجاجات الماء الصغيرة البلاستيكية ، نتقاسم ماءها ونتوضأ منها بعد عشاء يذكرنا بما كان عليه أهل الصفة من شظف العيش .
رغم ما في هذه الحياة من كآبة وضيق ،إلا أن مسيرنا ليلاً وعودتنا وتسامرنا كان يشعرنا بأننا أطفال يقضون حصة في نشاط الكشافة!
ليس لدي وقت لتذويق الألفاظ وتنميقها أدبيًا وأنا قادر على ذلك ، لكن كان للرمل هذا الشجن الجميل الذي أشعر فيه بأنه في لحظة ما لابد أن تطير طائرة ورقية من فوقي ،ولابد لي أن أعدو كالمجنون لأعانق الهواء العليل الذي قلما أن نجده في المدينة.
***
آه أيته المدينة أية كآبة تلك التي احتوتك ، رُحتِ تقتلين الرمل حبة حبة ببناياتك القيبحة التي ترى فيها تضخم الأنا ، حتى كأن عضلات المال تنتفخ في أشكالك ،وليس ذلك الدخان إلا أنفاسك الدنيئة التي أفسدت عذوبة الهواء .تبًا لك أيتها البنايات الكئيبة فقد أفسدت أرضًا وسماء .قضيت على بكارة القلب في الرمال وعلى سموها في الفضاء.
***
رمال لا تعلم ُ أنت من أين ابتدأت ولا أين انتهت ولا ستنتهي ،كنت أرى-حينما كنت في جدة - تعانقًا جميلاً بين بكارتها ،والمنازل الأنيقة التي لم تكن تتجاوز أنئذ دورين على الأكثر .
كأني حينما أسير على الرمال أنظر فيها سرًا مخبوءًا ، أتخيلني فيها تارة جنديًا قد أقسم على أن يروي ظمأ الرمال بدمائه ، وتارة طفلاً يعبث بصفحاتها ، وأخرى عاشقًا قد خلا له الكون له.
للرمال عندي هذه القيمة الذهبية حيث أرى فيها صمت النفس وصخب هذا الصمت المعتمل بداخلها بل وأرى فيها مصباح علاء الدين الكامن في نفسي .
كذلك أرى في الرمل هذا التسامي والتسامح اللامحدودَين ، فالشمس والقمر يتعاوران عليه وهو لا يرفض أن يعطي لأحدهما تأشيرة السحر وجواز البهجة على أي حال كان.
***
وللرمال على شواطئ دمياط -لا الإسكندرية ولا مرسى مطروح- شأن آخر ، إذ كان مجمع العائلة ومستقر الصحبة ، ولا أنسى أيامًا كنت فجرًا أعدو رياضة الصبح فوق بساطه الذهبي .
***
وبعد ذلك لا أجد إلا أن أناجي نفسي وأنا فوقها : متى أفتح عينيّ فأبصر فوقك بساط الرياح ؟
***
بقدر ما للخضرة من بهجة ، وما للرمال من نشوة أشكرك على أن استفززت بعض كوامني فانسابت على غير قصد مني. أكمل ،متابعون قصتك وكلنا آذان صاغية.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس