عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 31-01-2020, 09:32 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,949
إفتراضي

((وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((واجتنبوا السواد)) أمر باجتناب السواد، وكرهه جماعة منهم: علي بن أبي طالب، ومالك، وهو الظاهر من هذا الحديث، وقد علل ذلك بأنه من باب التدليس على النساء؛ وبأنه سواد في الوجه، فيكره؛ لأنه تشبه بسيما أهل النار)) ، ثم ذكر رحمه الله جماعة كثيرة من السلف كانوا يخضبون بالسواد، وقال: ((ولا أدري عذر هؤلاء عن حديث أبي قحافة ما هو؟ فأقل درجاته الكراهة كما ذهب إليه مالك)) .
قلت: أما عذر السلف الذين كانوا يخضبون بالسواد، فيحمل على أنه لم يبلغهم حديث النهي الصريح عن الصبغ بالسواد، والله أعلم. وقال الإمام النووي رحمه الله: ((ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة، أو حمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح)) .
ويؤكد اختيار الإمام النووي ومن سلك مسلكه في تحريم الخضاب بالسواد ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة)) ، وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول عن هذا الحديث: ((إسناده جيد، وهذا يدل على تحريم تغيير الشيب بالسواد، ويقتضي أنه كبيرة؛ لأنه وعيد)) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كحواصل الحمام)) أي كصدور الحمام في الغالب؛ لأن صدور بعض الحمام ليست بسود .
ومما يدل على قبح الخضاب بالسواد ما بينه بعض السلف الذين كانوا يخضبون بالسواد حيث قيل: إنه قال:
نسود أعلاها وتأبى أصولها ... ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((والصواب أن الأحاديث في هذا الباب لا اختلاف بينها بوجه؛ فإن الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من تغيير الشيب أمران:
أحدهما: نتفه.
والثاني: خضابه بالسواد ... والذي أذن فيه: هو صبغه وتغييره بغير السواد: كالحناء والصفرة، وهو الذي عمله الصحابة - رضي الله عنهم - ...
وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم، وهو الصواب بلا ريب لما تقدم، وقيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله، وهذه المسألة من المسائل التي حلف عليها ... ورخص فيه آخرون، منهم أصحاب أبي حنيفة، وروي ذلك عن الحسن، والحسين، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن جعفر، وعقبه بن عامر، وفي ثبوته عنهم نظر، ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنته أحق بالاتباع، ولو خالفها من خالفها)) ."
وكل الروايات والآراء تخالف كتاب الله فى التالى :
الأول أن الشيطان هو من طلب تغيير خلق الله ومنها الشيب فى قوله تعالى على لسان الشيطان:
"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
والتلوين بالحناء أو الكتم أو السواد أو غيرهم كله يدخل تحت الاستجابة لطلب الشيطان الداعى لتغيير ما خلق الله
الثانى أن علة التغيير واحدة ومن ثم تستوى كل الألوان فى الحل أو فى الحرمة وهو ما يذكرنا بروايات تطلب قتل الكلب الأسود دون سبب إلا لكون لونه أسود وهى روايات كاذبة فالله لا يأمر بقتل مخلوق بسبب لونه
الثالث أن زكريا(ص) لو كان يعرف أن تغيير الشيب مباح لصبغه وما قال كما قص الله علينا :
" رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا"
زد على هذا التالى :
أن علة حرمة تغيير الشيب واحدة فى النتف وفى الصبغ بالسواد وفى الصبغ بالألوان الأخرى وهو إزالة الشيب فما هو السبب فى تحريم النتف وتحريم السواد وإباحة باقى الألوان ؟
لا يوجد سبب فالعلة فى الكل واحدة وهى تغيير خلقة الله
وأضق لهذا وجود روايات تقول أن النبى (ص) لم يشب مثل"ما شانه الله ببيضاء "رواه الحاكم وروايات أخرى تقول أن الشيب كان عدة شعرات تعد ومنها:
1- 20 شعرة "شاب رسول الله 20شيبة ههنا يعنى العنفقة "ابن أبى خيثمة
2- أقل من20"ولم يبلغ ما فى لحيته من الشيب20شعرة "ابن سعد
3- 17شعرة "وأومأ إلى عنفقته 17 "ابن سعد
4- 17أو18 "ما كان فى رأس النبى ولحيته إلا 17أو18 "ابن سعد
5- 14"ما عددت فى رأسه ولحيته إلا 14 شعرة "عبد بن حميد
6- 11"لو عددت ما أقبل من شيبه فى رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على 11شيبة "الحاكم
ومن ثم طبقا لتلك الروايات لا يمكن أن يكون قد خضب أو حنا أو فعل أى تغيير لكون هذا محرم أولا وثانيا لقلة عدد الشعرات البيضاء
وما استخلصه سعيد من الروايات هو :
"ويستخلص من الأحاديث الواردة في الشيب وخضابه ما يأتي:
أولا: الشيب نور المسلم في الدنيا والآخرة.
ثانيا: المنع من نتف الشيب ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثا: الشيب تزاد به الحسنات.
رابعا: الشيب ترفع به الدرجات.
خامسا: الشيب تحط به الخطايا.
سادسا: تحريم صبغ الشيب بالسواد.
سابعا: صبغ الشيب بالحناء، أو الصفرة، أو الحناء والكتم سنة مؤكدة.
ثامنا: الحناء: لونه أحمر، والحناء والكتم: لونه بين السواد والحمرة.
تاسعا: من صبغ الشيب بالسواد من السلف فلا دليل له من كتاب ولا سنة.
عاشرا: لا قول لأحد مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كائنا من كان.
الحادي عشر: الشيب له أسباب غير كبر السن، فقد يكون مبكرا؛ لخوف الله - عز وجل -، أو لغيره من الأسباب، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله قد شبت؟ قال: ((شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)) .
وعن أبي جحيفة - رضي الله عنه -، قال: قالوا: يا رسول الله، نراك قد شبت؟ قال: ((شيبتني هود وأخواتها)) "
وقد سبق تفنيد كل هذه الاستنتاجات وأما القول قول الرسول(ص) فالروايات المروية عنه متناقضة وهو لا يمكن أن يقولها كلها لأن منها المحلل إباحة الخضاب وهو الصباغة "غيروا وجنبوه السواد "مسلم "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم "
ومنها تحريم الخضاب بكون من يفعله فى النار"يكون قوم فى أخر الزمان يخضبون كحواصل الحمام لا يجدون ريح الجنة "ابن حبان وأبو داود
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس