عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-01-2010, 06:26 PM   #114
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

أن تقتحم حركة طالبان العاصمة الأفغانية كابول في وضح النهار بما يقرب من 20 مسلحا, تهاجم بهم أكثر المركز الحكومية تحصينا, وفي مقدمتها القصر الرئاسي, فإن العملية لا تهدف بالطبع على الاستيلاء على العاصمة نظرا للعدد المحدود الذي اقتحمها, ومحدودية المعدات التي تحملها.
هذا ما يدعوا إلى القول أن عملية الاقتحام النوعية غير المسبوقة التي وقعت صبيحة يوم الاثنين (17/1), هي من قبيل العمليات التي تسميها الحركة عملية فدائية, وإن كانت هنا لها دلالات سياسية وعسكرية متعددة, وليست فقط مجرد عملية استنزاف لقوات الاحتلال الأمريكي والقوات الحكومية الموالية لها.
فقد اختارت حركة طالبان وقتها بعناية, وهو الوقت الذي من المفترض أن تتوجه فيه الأنظار إلى القصر الرئاسي, الذي استقبل 14 وزيرا من حكومة الرئيس حامد كرزاي لقسم اليمين الدستورية تمهيدا لتوليتهم مناصبهم بصورة رسمية.
وهو ما يعنى, بداية, أن عملية كابول, كانت تهدف إلى إفساد عرس كرزاي, والتقليل من حجم العملية السياسة التي تجريها حكومة كابول, ولا تحظى برضى حركة طالبان, كونها تأتي في ظل الاحتلال الذي يتحكم في كافة مفاصل البلاد, بما فيها العملية السياسية من الألف إلى الياء.
هذا عن دلالة التوقيت الذي اختارت حركة طالبان أن تجرى فيه عملية الاقتحام, وتتشابك هذه الدلالة مع دلالة أخرى, وهي دلالة الأماكن التي تم استهدافها واقتحامها والسيطرة عليها لبعض الوقت, فمجرد اقتراب عناصر الحركة من القصر الرئاسي بعشرين مسلحا يعنى أن الحكومة الحالية لا تملك من أمرها شيئا, فهي في حصونها القوية وبروجها المشيدة عرضة للاستهداف والقتل, ولا تقوى على فرض الأمن في عدة كيلومترات تحيط بالقصر الجمهوري ومؤسسات الحكم التي حوله.
وهي رسالة بالغة الأهمية لعدة جهات, في أولها الشعب الأفغاني, تأكيدا على أن من لا يستطيع حفظ أمنه في بيته لا يستطيع أن يفرض الأمن أو حتى يدعي ذلك في بقية البلاد مترامية الأطراف, وهو ما يعنى فشل الحكومة في أهم مسئولياتها.
كما أنها رسالة بالغة الأهمية لحكومة كرزاي نفسه بأن يد طالبان قادرة على الوصول إلى المكان الذي تريده والشخص الذي تبغيه, وأن آلاف الجنود من ايساف والناتو والمارينز وغيرهم لا يمكنهم أن يحفظوا له ملكا أو يغنوا عنه شيئا إذا ما أرادت حركة طالبان الوصول إليه.
والرسالة الثالثة ربما تكون للقوات الأجنبية المحتلة, وهي رسالة متعددة الأسطر, في سطرها الأول أن رهانهم على كرزاي وحكومته وقواته رهان على سراب يحسبه الظمآن ماء, وأن استراتيجيتهم المستقبلية لتفويض الأمن للقوات الأفغانية المحلية ليس أكثر من وهم وأماني باطلة تفتقر إلى أي رصيد يدعمها من الواقع, وبالجملة فإن رهانهم الحالي واستراتيجيتهم المستقبلية محض سراب ليس أكثر.
وفي سطرها الثاني أن طالبان أفغانستان, وبعد ما يزيد عن عشر سنوات من الاحتلال الأمريكي للبلاد, قادرة على الوصول إلى قلب العاصمة وبعشرين مسلحا فقط, وهو ما يعني أن حصاد عشر سنوات من الحرب والنفقات وآلاف القتلى والجرحى لا يعدو أن يكون صفرا دائريا كبيرا.
والسطر الثالث من الرسالة يحمل رسالة ضمنية للاحتلال بأن كل ما تم وسيتم في أفغانستان بمعزل عن الحركة ورضاها لا يشكل وضع مستقرا للبلاد, بل هو أقرب إلى بناء أكواخ من الرمال على شاطئ بحر هائج لا يعرف قرارا ولا استقرارا.
وهي في مضمونها أيضا رسالة استباقية للمؤتمرين والمجتمعين في مؤتمر لندن المقرر بعد أيام, والذي تحاول الدول الكبرى من خلاله التوصل لحل سياسي للوضع في أفغانستان، ومفادها أن طالبان لن تقبل هذه القرارات، ولن تقبل بالحلول الدبلوماسية التي سيخرج بها المؤتمر
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس