الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2007, 01:26 AM   #44
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

فظل الإماء يمتللـن حـوارهـا ويسعى علينا بالسديف المسرهد
الإماء: الخدم الواحدة أمة، وقد تجمع أموان، والجمع المسلم أموات وحكى الكوفيون أميات يمتللن أي يشوين في الملة وهي الرماد والتراب الحار، وقولهم أطعمنا ملة خطأ، لأن الملا الرماد، ويحتمل أن يكون المراد، أطعمنا خبر ملة. فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كقوله تعالى (واسئل القرية)، والحوار ولد الناقة، والسديف شطائف السنام الوحدة شطيبة، وهو ما قطع منه طولا، والمسرهد الناعم الحسن الغذاء.
فإن مت فانعيني بما أنا أهلـه وشقي علي الجيب يا بنة معبد
أي اذكريني، واذكري من فعالي ما أنا أهله يقال فلان ينعى على فلان ذنوبه إذا كان يعددها عليه وابنة معبد هي ابنة أخيه.
ولا تجعليني كامرئ ليس هـمـه كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي
أي لا يغني عني في الحرب غنائي ومشهدي في المجالس والخصومات، والغنى يمد ويقصر، فإذا فتح أوله مد وإذا كسر قصر، وهو ضد الفقر.
بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا ذليل بأجماع الرجال مـلـهـد
ويروى ذلول، والجلى: الأمر العظيم الذي يدعى له ذوو الرأي، والخنا الفساد في المنطق الذليل المقهور، والذلول ضد الصعب، وأجماع جمع جمع وهو ظهر الكف إذا أنك جمعت أصابعك، وضممتها والملهد: المضروب.
فلو كنت وغلا في الرجال لضرني عداوة ذي الأصحاب والمتوحـد
الوغل: الرجل الضعيف الخامل الذي لا ذكر له. والواغل الداخل على القوم من غير أمرهم، والواغل أيضا الذي يحضر الشراب ولم يدع إليه.
والوغل بسكون الغين الشراب الذي لم يدع إليه الرجل، والمتوحد: المنفرد.
ولكن نفى عني الأعادي جراءتي عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي
ويروى ولكن نفى عني الرجال جراءتي والتقدير ولكن نفى عين الأعداء جرأتي، والمحتد: الأصل، يقول محتدي وصدقي وجرأتي نفين عني إقدام الرجال بالإساءة إلي.
لعمرك ما أمري علي بغـمة نهاري ولا ليلي علي بسرمد
الغمة الأمر الذي لا تهتدي إليه والمعنى إني لا أتحير في أمري نهارا ولا أؤخره علي لئلا يطول الليل السرمد الطويل.
ويوم حسبت النفس عند عراكه حفاظا على عوراته والتهدد
ويروى عند عراكها، ويروى على روعاته، وأصل العراك الازدحام. أي جرت النفس عند ازدحام القوم في الحرب، الخصومات على روعات اليوم، ومن روى عراكه أي عراك اليوم، ومن روى عراكها أراد الحرب.
على موطن يخشى الفتى عنده الردى متى تعترك فيه الفرائص ترعـد
الموطن هنا مستعر الحرب، والردى الهلاك، والفرائص جمع فريصة وهي المضغة التي تحت الثدي مما يلي الجنب عند مرجع الكتف، وهو أول ما يرعد عند الإنسان إذا فزع، ومن كل دابة، وعلى ما تتعلق بقوله حبست في البيت الذي قبله.
[أرى الموت لا يرعى على ذي جلالة وإن كان في الدنيا عزيزا بمعقعـدا
وأصفر مضبوح نـظـرت حـواره على النار واستودعته كف مجـمـد
عنى بالأصفر قدحا، وإنما جعله أصفر؛ لأنه من نبع أو سدر، والأصفر ها هنا الأسود والمضبوح التي قد غيرتها النار، والحوار: المرد يقال ما أدري من حوار هذا الكلام والحوار مصدر حاورته، وعلى النار أي عند النار وذلك في شدة البرد، وكانوا يوقدون النار وينحرون الجزور، ويضربون عليها بالقداح، وأكثر ما يفعلون ذلك بالعشي عند مجيء الضيف.
وقوله: نظرت حواره انتظرت حواره، وقوله: واستودعته كف مجمد، المجمد الذي يضرب بالسهام والمجمد الذي يأكل بكلتا يديه، ولا يخرج من يديه شيء يقال أجمد الرجل إذا لم يكن عند خير.
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
أي ستظهر لك الأيام ما لم تكن تعلمه، ويأتيك بالأخبار من لم تسأله وقيل ستطلعك الأيام على ما تغفل عنه.
ويأتيك بالأخبار من لم تبـغ لـه بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
تبع له بتاتا أي تشتري له زادا.
لعمـرك مـا الأيام إلا مـعـارة فما استطعت من معروفها فتزود
قوله: لعمرك، لعمر بفتح العين والضم واحد، ولكنهم لا يستعملون في القسم إلا الفتح لكثرة استعمالهم إياه وعمرك مرفوع على الابتداء والخبر محذوف والمعنى لعمرك والله الموفق وإليه المرجع والمآب.
ولا خير في خير ترى الـشـر دونـه ولا نـائل يأتـيك بـعـد الـتـلـدد
عن المرء لا تسأل وسل عن قـرينـه فإن القرين بالـمـقـارن يقـتـدي
لعمـرك مـا أدري وإنـي لـواجـل أفي اليوم إقـدام الـمـنـية أم غـد
فإن تلك خلفـي لا يفـتـهـا سـواديا وإن تك قدامي أجدهـا بـمـرصـد
إذا أنت لـم تـنـفـع بـودك أهـلـه ولم تنك بالبؤسى عـدوك فـابـعـد
[و] لا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا أختني من صولـه الـمـتـهـد
وإنـي وإن أوعـدتـه أو وعـدتــه لمخلف إيعادي ومنجـز مـوعـدي
النابغة والمعلقة
اختلف رواة الأدب ونقاده حول أهمية النابغة وشعره في الجاهلية وهل هو من أصحاب المعلقات أم لا؟ أ- قدم التبريزي في كتابه شرح المعلقات القصائد السبع ثم أضاف إليها النابغة الذبياني والأعشى بن الأبرص.
ب- قدم الزوزني في كتابه شرح المعلقات القصائد السبع ولم يذكر بينها قصيدة النابغة التي وسمت بالمعلقة.
ج- أما الخطابي فقد ذكر في كتابه شرح المعلقات السبع ولم يذكر ضمنها النابغة الذبياني.
د- أما الخطابي فقد ذكر المعلقات وذكر من بين الشعراء النابغة لكنه قدم لنا قصيدة ليست بالمعلقة وإنما وضع:
عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار ماذا تحيون من نؤي وأحجار
وعدد أبياتها ستون.
ه- قدم لنا الهاشمي في كتابه جواهر الأدب المعلقات وأورد لنا قصيدة "عوجوا فحيوا دمنة الدار" وعدد أبياتها ستون بيتا.
و- تأرجح بقية نقلة الأدب بين هذين الرأيين إما في نقل القصيدة الرائية أو القصيدة الدالية غير أن النابغة يبقى بين من يقولون بوجود المعلقة وبين من ينفي قصائده من المعلقات، وبين من يقول برائيته معلقة ومن يقول بالدالية.
والأغلب هم الذين نفوه من شعراء المعلقات سواء كان النحاس أو ابن الأنباري أو التبريزي أو الزوزني.
بينما لم يختلف النقاد في شأن الشعراء الآخرين أو في قصائدهم. ولو درسنا هاتين القصيدتين لنرى أية قصيدة أحق أن تدخل في عداد هذه القصائد المطولة لوجدنا: أ- أغلب الرواة الذين نقلوا معلقة النابغة قالوا بالدالية سواء ما نقله التبريزي أو الأعلم الشنتمري أو النحاس أو ابن الأنباري.
ولو درسنا هذه القصيدة لرأينا أنها تختلف عن منهاج القصائد المطولة ولو كانت هذه القصيدة طويلة لكنها تختلف في فنها عن القصائد الأخرى التي اعتبروها معلقات فهذه القصيدة تبدأ بالوقوف على الأطلال ثم وصف ناقته ثم الموضوع وهو الاعتذار.
أما الرائية فقد بدأها بالوقوف على الأطلال، ثم الغزل ومن ثم وصف الطريق ومن ثم وصف ناقته ثم المديح والاعتذار.
وبهذا تبقى الرائية أتم في فنونها وأقرب إلى المطولات من الدالية ولكن الإجماع شبه منعقد على الدالية وطالما أوردت المخطوطة الدالية ولهذا سأناقشها على أساس أنها المعلقة وسأسقط من مراجعي المراجع التي ناقشت الرائية كجواهر الأدب وجمهرة أشعار العرب في معلقة النابغة.
وقال النابغة الذبياني ويكنى أبا ثمامة، وأبا أمامة زياد بن معاوية ويقال زناد بن عمرو بن معاوية بن خباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان:
يا دار مية بالعلياء فـالـسـنـد أقوت وطال عليها سالف الأمد
العلياء: مكان مرتفع من الأرض.قال ابن السكت: قال: بالعلياء، فجاء بالياء لأنه بناها على عليت، والسند: سند الوادي في الجبل، وهو ارتفاعه حيث يسند فيه: أي يصعد فيه.
وقفت فيها أصيلا كي أسائلهـا عيت جوابا وما بالربع من أحد
ويروى وقفت فيها طويلا، ويروى طويلاناً وأصيلالاً فمن روى أصيلا أراد عشيا، ومن روى طويلا جار أن يكون معناه وقوفا طويلا، ويجوز أن يكون معناه وقفا طويلا، ومن روى أصيلانا ففيه قولان، أحدهما أنه تصغير أصلان وأصلان جمع أصيل كما يقال رغيف ورغفان، والقول الآخر بمنزلة غفران وهذا هو القول الصحيح، والأول خطأ لأن أصلانا لا يجوز أن يصغر إلا أن يرد إلى أقل العدد.
وهو حكم كل جمع كثير، وقوله عييت يقال عيبت بالأمر، إذا لم تعرف وجهه وقوله: جوابا منصوب على المصدر أي عيت أن تجيب وما بها أحد ومن زائدة للتوكيد فأنا به عيي.
إلا الأواري لأيا مـا أبـينـهــا والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد
ويروى أواري بضم الهمزة والنصب أجود، والأواري والأواخي واحد وهي التي تحبس بها الخيل، واللأي، البطء يقال التأت عليه صاحبته أي بعد بطء استبانها، والنؤي حاجز من تراب يعمل حول البيت والخيمة لئلا يصل إليها الماء والمظلومة الأرض من غير عمارة، ولا حجارة، وإنما قصد إلى الجلد لأن الحفر فيها يصعب فيكون ذلك أشبه شيء بالنؤي.
ردت عليه أقاصـيه ولـبـده ضرب الوليدة بالمسحاة فالثأد
يروى بفتح الراء وضمها ردت عليه أقاصيه، وهذه الرواية أجود لأنه إذا قال ردت عليه أقاصيه. فأقاصيه في موضع رفع فأسكن الياء لأن الضمة فيها ثقيلة وإذا روي ردت فأقاصيه في محل نصب. والفتح لا يستثقل فكان يجب أن يفتح الباء إلا أنه يجوز إسكانها في الضرورة لأنه تسكين في الرفع والخفض، فأجرى النصب مجراهما وأيضا فإنه إذا روي ردت، فقد أضمر ما لم يجر ذكره أراد ردت عليه الأمة، إلا أن هذا يجوز إذا عرف معناه، وأقاصيه ما شذ منه ولبده سكنه أي سكنه حضر الوليدة والثأد الموضع الندي التراب، الثأد ثأد يثأد فهو ثئد.
خلت سبيل أتي كان يحبـسـه ورفعته إلى السجفين فالنضد
الأتي: النهر الصغير، أي خلت الأمة سبيل الماء في الأتي تحفرها، ورفعته ليس يريد به علت الماء، ومعناه [قدمته، وبلغت به] كما تقول ارتفع القوم إلى السلطان والسجفان ستران رقيقان يكونان في مقدمة البيت، والنضد ما نضد من متاع البيت.
أضحت خلاء، وأضحى أهلها احتملوا أخنى عليها الذي أخنى على لـبـد
ويروى ارتحلوا، أخنى: أفسد لأن الخنا الفساد والنقصان، وقيل أخنى عليها أتى.
فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له وانم القتود على عيرانه أجد
يعني ما ترى من خراب الديار، والقتود خشب الرحل وهو للجمع الكثير وفي القليل أقتاد والواد قتد.
مقذوفة بدخيس النحض بازلـهـا له صريفٌ صريفُ القعد بالمسد
مقذوفة: أي مرمية باللحم، والدخيس والدخاس الذي قد دخل بعضه في بعض من كثرته، والنحض: اللحم، وهو جمع نحضة بالحاء المهملة، والضاد المعجمة، والبازل الكبير، والصريف: الصياح، والصريف من الإناث من شدة الإعياء، ومن الذكور من النشاط. والقعد بالضم البكرة، إذا كان خشبا وإذا كان حديدا فهو خطاف، ويروى صريف صريف بالرفع على المصدر وعلى النصب أجود وعلى البدل أحسن.
كأن رحلي وقد زال النهار بنـا بذي الجليل على مستأنس وخد
زال النهار أي انتصف، وبنا بمعنى علينا، والجليل الثمام أي موضع فيه ثمام. والمستأنس الناظر بعينه ومنه قوله تعالى: (إني آنست نارا) أي أبصرت ومنه قيل إنسان لأنه مرئي ويروى على مستوحش وهو
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس