الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2007, 01:32 AM   #47
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[فراكس فثـعـيلـبـات فذات فرقين فالقـلـيب
فعردة فـقـفـا حـبـر ليس بها منهـم عـريب
إن بدلت أهلها وحـوشـا وغيرت حالها الخطوب
أرض توارثها شـعـوب وكل من حلها محروب
إما قتيلا وإما هـالـكـا والشيب شين لمن يشيب
عيناك دمعهمـا سـروب كأن شأنيهما شـعـيب
واهية أو معين ممـعـن من هضبة دونهما لهوب
أو فـلـج بـبـطـن واد للماء من تحته قسـيب
أو جدول في ظلال نخـل للماء من تحته سكوب]

وتصبو وأنى لك التصـابـي أنى وقد راعك المـشـيب
[إن يك حول منها أهلـهـا فلا بـدئ ولا عـجــيب
أو يك قد افتقر منها جوهـا وعادها المحل والجـدوب
فكل ذي نعمة مخلوسـهـا وكل ذي أمل مـكـذوب]
وكل ذي [إبـل مـوروث] وكل ذي سلب مسـلـوب
وكـل ذي غـــيبة يؤوب وغائب المـوت لا يؤوب
أعاقـر مـثـل ذات رحـم أم غانم مثل من لا يخـيب
من يسأل الناس يحـرمـوه وسـائل الـلـه لا يخـيب
[بالـلـه يدرك كـل خـير والقول في بعضه تلغـيب
والـلـه لـيس لـه شـريك علام ما أخفت القـلـوب
أفلح بما شئت فقـد يبـلـغ بالضعف وقد يخدع الأريب
لا يعظ الناس مـن لا يعـظ الدهر ولا ينفع التلـبـيب
إلا سجايا مـن الـقـلـوب وكم يرى شانـئا حـبـيب
ساعد بأرض إذا كنت بـهـا ولا تقل إنـنـي غـريب
لا ينفع اللب عـن تـعـلـم إلا السجيات والـقـلـوب
فقد يعودن حبيبـا شـانـئي ويرجعن شانـئا حـبـيب
قد يوصل النازح النائي وقد يقطع ذو الهمة الـقـريب
والمرء ما عاش في تكـذيب طول الحياة له تـعـذيب
بل رب ماء وردتـه آجـن سبـيلـه خـائف جـديب
بل إن أكن قد علتني كبـرة والشيب شين لمن يشـيب
ريش الحمام علـى أرجـائه للقلب من خوفـه وجـيب
قطعته غـدوة مـشـيحـا وصاحبي بـادن خـبـوب
عيرانة مؤجـد فـقـارهـا كأن حاركـهـا كـثـيب
مخـلـف بـازل ســديس لاحـقة هـي ولا نـيوب
كأنهما من حـمـير غـاب جون بصفحـتـه نـدوب
أو شبب يرتعي الرخـامـى تلفه شـمـأل، هـبـوب]
فذاك عصـر وقـد أرانـي تحملني نهدة سـرحـوب
[مضبر خلقها تـضـبـيراً ينشق عن وجهها السبـيب
زيتـية نـائم عـروقـهـا ولين أسـرهـا رطـيب]
كأنها لقوة طلوب=تخر في وكرها القلوب
[باتت علـى إرم عـذوبـا كأنـهـا شـيخة رقـوب
فأصبحت في غـداة قـرة يسقط عن ريشها الضريب
فأبصرت ثعلبـا سـريعـا ودونه سبـسـب جـديب
فنفضت ريشـهـا، وولـت فذاك من نهـضة قـريب
فاشتال، وارتاع من حبـس وفعله يفعل الـمـذءوب
فنهضت نـحـوه حـثـيثة وحردت حرده تـسـيب
فدب مـن رأيهـا دبـيبـا والعين حملاقها مقلـوب
فأدركتـه، فـطـرحـتـه والصيد من تحتها مكروب
فجدلتـه، فـطـرحـتـه فكدحت وجهه الجـبـوب
فعـاودتـه فـرفـعـتـه فأرسلت وهو مـكـروب
يضفو ومخبلها فـي دفـه لا بد حيزومه منـقـوب]
وهذه القصيدة نحو أربعين بيتاً وفي هذا القدر منها كفاية والله الموفق.
امرؤ القيس
وقال امرؤ القيس:
سقى دار سلمى بالمحصب هـطـال من المزن [وطف] هامل جلجـال
وما زالت الأمطـار كـل عـشـية يقلبها فـي دوحة الـحـب مـيال
يسح عليها الغيث من كـل جـانـب يسح وفيها الماء أزرق سـلـسـال
ويعقـبـه زهـر الـربـيع كـأنـه زرابي فيها للـنـمـارق تـسـآل
وقفت بها والدمـع مـنـي كـأنـه على صحن خدي والمحاجر سلسال
أسائلهـا أين الـذين قـتـلـنـنـي؟ وهل ينفع الصب المتـيم تـسـآل؟
فقالت حوتهـن الـهـوادج بـكـرة وسار بهم عنـا حـداة وأجـمـال
حضرت أجيل الطرف في البر حائر [وما كان فيهـا سـاكـن] نـزال
ومن بعد حين لاح لي بعض بلغتـي وأهلي نشج والنشج يرفـعـه الآل
فهللت ضحـاكـا وأيدت نـاظـري إلى هودج من فوقه الخز مفضـال
وقلت لحادي العيس هل أنت مخبـر لمن هذه الظعن التي هي مـهـدال
فقال لسلمى وهي شمـس مـنـيرة وبدر لها في الحي ضو[ء] وأجمال
فقلت لـه لـلـه درك مـن فـتـى خبير بما فيه الـسـرور وإقـبـال
وجئت إلى سلمى وأوقفت بكـرهـا ونوخته فانطاع لـي وهـو مـذلال
وحين رفعت الحجب بيني وبـينـهـا فمدت إلي الطرف والطرف مكحال
وقالت حبيبي ما الذي أنـت طـالـب فقلت لها من لي إلى الوصل إبلال
فقالت ترى أهلي وقومي وجـيرتـي رجال يرومون المسير إذا قـالـوا
إذا ما حططنا عن ظهور مـطـينـا تعال إلينا والـحـواسـد غـفـال

صبـرت إلـى أن خـالـط الـنـوم روسـهـــم وعـادوا كـأمـثـال الـسـكـارى إذا مـالــوا
وجـيت إلـيهـم ثـم دسـت رقــابـــهـــم ولو علـمـوا قـطـعـت بـالـسـيف أرطـال
إلـى أن أتـيت الـخـدر وهـي كـأنـــهـــا لفـي الـلـيل مـصـبـاح يضـيء لـقـفـال
وصـرت أدير الـزنـد مـن فـوق ردفــهـــا كمـا دارت الأحـقـاب يومـا بـأجــمـــال
فقـالـت دع الـفـحـشـاء إنـــي غـــريبة وأنـت أتـيت الآن لـم يعـلـم الـــخـــال
فقـلـت لـهـا سـمـعـا لـــديك وطـــاعة فمـا بـغـيتـي غـير الـحـديث مـع الـقـال
وبـتـنـا عـلـى عـيش هـنـــيء وعـــفة إلـى أن أتـانـا الـصـبـح يركـد مـرســال
فقـالـت وقـالـت ويلـتـا ثــم ويلـــتـــا لقـد جـاءنـا الـصـبـح الـذي هـو فــلال
فقـلـت لـهـا قـري فـقـومـك هــجـــع على حالهـم فـي نـومـهـم وكـمـا حـالـوا
فقالوا فخذ مني ثيابي ومعجزي وخلخالي كأنك سلال
فقمت إلى أثوابها فخلعتها وخليتـهـا فـي خـدرهـا وهـي مـعـضـال
وجـئت إلـى بـكـري هـنـيئا مـسـلـمـــا فلـلـه فـي الـحـاء والـمـــيم والـــدال
وقال امرؤ القيس أيضاً: امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الملك بن عمرو المقصور الذي اقتصر على ملك أبيه ابن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن مرتع. وقال قوم ابن معاوية بن ثور بن مرتع، وإنما سمي مرتعا لأنه كان من أتاه من قومه رتعه أي جعل له مرتعا لماشيته وهو عمرو بن معاوية بن ثور وهو كندة بن عفير لأنه كفر أباه نعمته، ويكنى أبا الحارث، ويكنى أيضا أبا ذهب وأبا زيد. وقيل اسمه حندج ولقبه امرؤ القيس.
رويت عن ابن الكلبي أخبار تفيد الشك في نسبة هذه القصيدة أو بعضها إلى امرئ القيس، فقد روى البطليوسي عنه أن أعراب كلب ينشدونها لابن خذام. وروى أبو أحمد العسكري عن أبي حاتم عن ابن الكلبي أنه كان يقول: سمعت رواة أعاريب كلب، وعلماءها يذكرون أن أبياتا من أول هذه القصيدة لابن خذام، وأن ابن خذام هذا أول من بكى في الديار.
وروى ابن حزم عن ابن الكلبي أيضا أن أعراب كلب إذا سئلوا بماذا بكى ابن حمام الديار؟ أنشدوا خمسة أبيات متصلة من أول "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل" ويقولون: إن بقيتها لامرئ القيس.
وابن خذام هو ابن حزام وابن حمام.
هذه المعلقة هي أشهر المعلقات الجاهلية وأكملها دربة فنية وأقصاها بعدا نفسيا يقص فيها نفسه في عواطفه، وخواطره وتأملاته، باكيا طلل الحبيبة، ذاكرا أيام لهوه ومجونه مع صواحبه، متأرجحا بين الذكرى الوجدانية والشهوة الإباحية، ويتدرج في ذلك إلى وصف تسلله إلى مخدع حبيبته، مستحضرا لها صورة جمالية مستمدة من معالم الطبيعة في جمادها ونباتها، وحيوانها، خالعا عليها صفة الكمال والمثال، ومن مناجاة الحبيبة، ووصفها، يعرض لليل فإذا هو دليل حسي نفسي يمتزج فيه العالم الداخلي بالعالم الخارجي، ويتحد سواد الليل بسواد الهموم، بعد أن يتمثله على حدقة الخيال.
ويصف الفرس أيضا بأوصاف معينة في الدقة والجزئية، وفرسه هو أبدا مطية للصيد واللهو وفي هذه القصيدة إلمام بحركات الطبيعة وتنفساتها، وثورة عناصرها، ينظر إلى البرق والمطر الذي سرعان ما يتحول إلى سيل يبعث الخراب والدمار مقتلعا الأشجار، هادما البيوت، مخلفا أثره ما يخلف الطوفان].
المعلقة
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجته من جنوب وشمـال
توضح والمقراة موضعان، ويقال المقراة: غدير يجتمع فيه الماء، قريت الماء: إذا أنت جمعته، والمقراة أيضا الجفنة تتخذها العرب للطعام والشمأل والشمال والشمل واحد.
[رخاء تسح الريح في جنبـاتـهـا كساها الصبا سحق الملاء المذيل]
[ترى بعر الآرام في عرصاتـهـا وقيعانها، كأنه حـب فـلـفـل
كأني غداة البين يوم تـحـمـلـوا لدى سمرات الحي ناقف حنظل]
وقوفا بها صبحي علي مـطـيهـم يقولون لا تهلك أسى وتجـمـل
وقوف جمع واقف وهو نصب على الحال.
فدع عنك شيئا قد مضى لسبيلـه ولكن على ما غالك اليوم أقبل
وقفت بها حتى إذا مـا تـرددت عماية محزون بشوق موكـل]
وإن شفائي عـبـرة مـهـراقة فهل عند رسم دارس من معول
كدأبك من أم الحويرث، قبلـهـا وجارتها أم الرباب بـمـأسـل
أي كعادتك والمعنى أصابك من هذه المرأة واسمها هرأم الحارث بن ضمضم الكلبي وأم الرباب.
وتذكرك أهلها كما لقيت من أم الحويرث وجارتها. وقال أبو عبيدة أي كحالك وعادتك ومأسل اسم جبل وقيل موضع من كلب أيضا من التعب والنصب كما أصابك من هاتين المرأتين وفيه معنى آخر أن يكون قد لقيت من وقوفك على هذه الديار.
إذا قامتا تضوع المسك مـنـهـمـا نسيم الصباحات جاءت بريا القرنفل
هذا البيت لم يروه الأصمعي، ومعنى تضوع أي أخذ كذا وكذا، يقال للفرخ إذا سمع صوت أمه تتحرك قد ضاع صوت أمه يضوع ضوعا، والنسيم الريح اللينة الهبوب، ونصبه لأنه قام مقام نعت لمصدر محذوف والتقدير، إذا قامتا تضوع المسك إليك منهما تضوعا مثل نسيم الصبا ومثله قول الحجاج:
تاج طواه الأين مما رجفا طي الليالي زلفا فزلفا
أي طيا مثل طي الليالي، وريا الرائحة الطيبة، ويروى إذا التفتت نحوي تضوع ريها.
ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر بل دمعي محملي
فاضت: سالت. الصبابة رقة الشوق، والمحمل السير الذي يحمل به السيف والحمايل ولم يسمع بواحدة، والصبابة منصوبة على المصدر، وهو مصدر في موضع الحال، كما تقول جاء زيد مشيا أي ماشيا و
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس