عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-05-2008, 12:55 PM   #16
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"]بسم الله الرحمن الرحيم

صراخ الثكالى

بادرني أحد الذين أعتز بنقدهم وآرائهم بسؤال..قال:هل كل أبطال كتاباتك يموتون باستسلام..؟؟؟؟سؤاله ذكرنى بواقع أليم نعيشه بشكل يومي ألا وهو موت القضايا المدوية بعد تفجيرها بأيام قليلة .. وخرس الألسنة والأصوات العالية التى كانت تطالب بمناقشتها وإيجاد حلول لها..وجعلت أتساءل..ماذا إذن كان الغرض الأساس من تفجيرها..أهى مجرد فرقعات إعلامية وسباقات صحفية لتأكيد شهرة البرامج التى فتحت ملفات تلك القضايا أم أن هناك ضغوطاً من جهات مختلفة وأطياف أياد خفية تضطر الإعلاميين إلى غض النظر عما أثاروه ووأد الحقائق حية لكى لا تضيف غلياناً على غليان فى صدور الجماهير وهو ماقد يهدد بحالة من الغضب مما لايحمد عقباه..ونعود نتساءل:مادمنا موقنين بأننا لانمتلك إعلاماً حراً وثبت لنا بما لايدع مجالاً للشك أن الدخول فى معارك بعينها لايفضي إلا إلى لاشىء ولانتيجة فلماذا ندخلها من الأساس ولماذا إذن نعيب على الصحافة الصفراء ماتفعله ونسميها بصحافة الفضائح وإعلام التشهير طالما أننا نتبع نفس المنهج..مر ذلك بذهنى وأنا اتصفح أوراق ذاكرتى التى أثقلت كاهلها قضايا مفتوحة لم تحل ولم تغلق..فقط أثيرت ثم أعقبها صمت من نوع خاص ..ترى من خلاله شيئاً غامضاً وراء الكواليس الإعلامية..على سبيل المثال لا الحصر ..أثيرت قضية الإعلامية هالة سرحان وقامت الدنيا ولم تقعد بعد ماجاء فى برنامج تسعين دقيقة من التلفيق المتعمد لحلقات بنات الليل ..وأحيل الموضوع برمته للنائب العام وظهرت السيدة هالة على إحدى القنوات وهى تستعرض مجدها الإعلامي دون أن تبرىء نفسها أو تعترف اعترافاً صريحاً بخطئها الذى ارتكبته مع سبق الإصرار والترصد..وانتظرنا معرفة ماتوصل إليه النائب العام وأعوانه..لكن القضية ماتت غير مأسوف عليها..ومن كان بالأمس يصرخ حزناً وغضباً على حق مصر الضائع بين الفضائيات التى تحاول النيل من كرامتها وسمعتها من أجل حفنة دولارات..سكت ..وصمت كان الأمر لم يكن..لم تعلن نتائج تحقيقات..ولم تطرح تطورات..ولم تبرأ ساحة أو تفرد مساحة لإثلاج صدور قوم أثيرت حفائظهم وأعصابهم بلا ثمن..ثم أعقبتها قضية لبن الأطفال المغشوش الذى أدى إلى حدوث عاهات مستديمة عند بعض الأطفال الرضع بعد إصابتهم بنزلات معوية حادة أثرت على وظائف المخ بشكل أو بآخر مما عرقل حياة أبرياء لاذنب لهم فيما أصيبوا به اللهم إلا أنهم وثقوا فى حليب مجفف مدعم تقوم بصرفه وزارة الصحة بدلاً من مثيله مرتفع السعر المستورد والمحلي..وانفعل الناس مع دموع الأب الشاب الذى تحول ابنه من النقيض إلى النقيض فى يوم وليلة وانتظروا أن يروا نتيجة وردة فعل منشورة بنفس المستوى الذى نشرت به فضيحة الموت القادم من غذاء الاطفال المدعم لكن ..مرة أخرى عم الصمت وسكت الصراخ وأخفيت دموع الآباء الغاضبين..ثم أعقبتها قضية اللبن المغشوش بسماد اليوريا ومسحوق السيراميك والتوتيا الزرقاء..والتى أثبتت أن 55% من اللبن المطروح فى الأسواق مصنع فى مصانع اللبن المزيف..وتداولتها البرامج الحوارية والمقالات الإخبارية ثم ماتت بلا بواكي بل أن هناك من قال أنه تم إعادة فتح تلك المصانع لكن..لم يعلن علينا أية نتائج حقيقية لما تم من تحريات وإجراءات وكأن الشعب سعيد بهذه النوعية المتميزة من اللبن التى يبدو أنها باتت أفضل من الطبيعي لديه..تضاف إلى تلك المصائب بعض قضايا اغتصاب ربما كان أبرزها اغتصاب الطفلة ذات التسع سنوات بسبب إهمال ضابط شرطة..واغتصاب طفل السبع سنوات بواسطة معلمه فى المدرسة المحافظة فى غرفة وكيل المدرسة..وكلها لا تعدو أن تكون مفورات دموية للمشاهدين المتابعين للأحداث خاصة المغتربين الذين يحرصون على متابعة أخبار بلدهم الحبيب ويتمنون سماع ما يسر قلوبهم ويثلج صدورهم..ولايجدون إلا اليأس والإحباط والتثبيط المفرغ من الإيجابية..فالإيجابية من وجهة نظرى المتواضعة ليست فى كشف المستور..وفضح الكوارث المستترة لكنها بالأساس التفتيش عن حل وعرض نتائج البحث والتقصي والتفاعل مع القضايا على الجمهور الذى يموت كمداً كل يوم وهو يتابع الألم الذى تنزفه الفضائيات المصرية الخاصة والعربية عامة ثم ينام قريح العين مكلوم الفؤاد ليأتي اليوم التالي بأشنع ماجاء به سابقه وحتى إن لم يتابع فزملاء العمل وغير العمل يتولون الأمر ويخبرونه بما لم يعرف ولم يحط به علماً..ونعود لنسأل:ماهى وظيفة الإعلام الحقيقية؟؟؟إن البعض يحمل شعارات تنادى بالشفافية والوضوح والتنصل من إخفاء الحقائق..ونحن نشجع ذلك لكن ليس على حساب أعصاب المشاهد والمتابع بصفة عامة..فكشف المستور يجب أن يقترن بوضع نهايات سعيدة مرضية يشعر معها المشاهد أن له قيمة وأن إعلامه بالمشكلة لم يكن إلا خطوة في طريق حلها لا مجرد استفزاز لغضبه وابتزاز لمشاعره ليرسل رسالة جوال أو براق أو يشارك بمحادثة هاتفية لا تعادل إلا صراخ ثكلى لا يعيد إليها وليدها الذى أسلم الروح من عالمه الآخر مهما علا صوته وارتفعت حدته..



[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس