عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-09-2018, 06:37 PM   #1
محمد محمد البقاش
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2010
المشاركات: 203
إفتراضي يليلة تأملات قرآنية ــ اختلاف الناس ومتى بدأ؟ (1)

سلسلة تأملات قرآنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
اختلاف الناس ومتى بدأ؟
(1)

قال تعالى: ((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) (213)البقرة.
الإنسان الأول كان على شريعة واحدة من الحق، كان مهديا، حتى إن لغته التي كان يتخاطب بها كانت لغة؛ أي لهجة واحدة، كان آدم وذريته مهديون من الله عز وجل وذلك بما علم آدم من الأسماء كلها (أي مسميات الأشياء) ((وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) (31) البقرة، هذه المسميات علمها آدم بنيه فساروا على الهدى حتى عبدوا غير الله، حتى اخترعوا عبادات ما أنزل الله بها من سلطان كعبادة الأصنام، ولم يكن الرحيم جلّ وعلا إلا رحيما بالناس فبعث أول رسول له وهو نوح، وقد كان بين نوح وإبراهيم، بين نوح المهدي وآدم المهدي قوم مهديون حتى اختلقوا ما اختلقوا من وسائل وأنظمة يعبدون بها الله تعالى، ثم غيبوا الخالق جل وعلا فقالوا بآلهة غيره عبدوها إلى أن بعث الله لهم نبيا، ولقد استمرت الهداية، واستمر الناس أمة واحدة دون اختلاف ألف سنة بحسب بعض المفسرين كابن عباس رضي الله عنه.
هذا الذي حصل للبشرية قديما دل على أن الهداية والإيمان متأصلان في الإنسان، فهما الأصل، ونقيضهما جاء متأخرا قرونا من الزمن، جاء متأخرا من آدم إلى نوح الشيء الذي يؤكد سابقا ومسبوق، فالسابق هو الإقرار بوجود خالق يدرك وجوده الإنسان بعقله وفطرته، والمسبوق هو الكفر وهو تغطية لما سبق، ومسألة طارئة على البشرية، فلكي تكفر وجب أن يسبقك من تكفر به، لكي تنكر وجود الله تعالى وجب أن يسبقك الإقرار والتسليم بوجوده حتى يكون لكفرك معنى، وهذا الفهم مأخوذ من العلامة محمد متولي الشعراوي رحمه الله أنسبه إليه هذا حتى أكون أمينا ولو أني أعلم أن العلم حين يخرج من أفواه الرجال يصير مشاعا بين الناس حتى وإن لم ينسبوه إلى صاحبه، وأنا لم أنقل كلام الشعراوي حرفيا ولكن أنقل معنى ما أبدع رحمه الله، ذلك المعنى هو الذي أنقله.
وعليه فإن الكفر بالله تعالى قد طرأ على الناس بسبب وجود البغي، وهذا البغي بغي من النفس على النفس، وبغي من النفس على الناس وهذا الأخير هو السبب الرئيسي؛ فهو الظلم عينه، بل هو الظلم الأعظم لأنه كفر وشرك بالله، لأنه إخفاء وتستر على الحقيقة الناصعة التي كان يعرفها من سبقوهم من البشر حين كانوا يهتدون بتعاليم آدم التي منحها له الله عز وجل، وفي هذا الخضم لم يرد الله عز وجل أن يؤاخذ الناس على كفرهم بظلم غيرهم لهم حتى يظلموا أنفسهم بأنفسهم، فبعث إليهم الأنبياء والرسل ليقيم عليهم الحجة وقد قامت، وزيادة في الفضل ترك الله تعالى المجال مفتوحا وواسعا جدا لكل منيب، ولكل رافض للظلم فهدى إليه من تخلى عن الظلم، هدى إليه من كان في قلبه مثقال ذرة من الخير، هدى إليه غير المتكبرين، هدى إليه من أقاموا على الإخلاص في عبادته وحده، وحذر غيرهم من العقوبة وأقام عليهم الحجة إلى أن جاء أجل الانتقام منهم فعجّل بهم إلى الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة.
ومن حسن حظ البشرية اليوم أن الله تعالى أمسك عنها العذاب العام بسبب الكفر وترك ذلك إلى أن يموت الإنسان فيحيله إلى الخزي الأخروي وما أعظمه من خزي، والسبب الرئيسي في هذا قد وضعه رب العالمين جلّ وعلا، هو الذي أراد بسبب وضعه للسبب أن لا يعذب الناس كما كان يعذب الأقوام حين مخالفتهم رسل الله، ترك ذلك إلى ما بعد الموت، السبب الذي وضعه الله عز وجل هو بعثه محمدا صلى الله عليه وسلم، فهو الرحمة المهداة، هو الرحمة للعالمين، والعالمون هم البشر والشجر والحجر وكل المخلوقات، كل ما سوى الله تعالى يعتبر عالما، هو العالم، قال تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 21 ــ 08 ــ 2018م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) يونس
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) هود
وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) النحل
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) الشورى
وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) الزخرف
محمد محمد البقاش غير متصل   الرد مع إقتباس