عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-06-2011, 09:36 PM   #118
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(113)
كانت خطواتي حين أسايرهم نغمًا يزهر فيه الصوت
صارت خطواتي يابسة ، وامتد خريف الصمت
كان خيالي مشبوبًا .. يتعلق بالسحب ، وينفذ من أبواب الجنة
صار خيالاً مشلولاً ،يتعثر بالأحجار ويسكن حفر الأرض
بصري كان أحدّ ، وعيناي تجوبان سماء الأمل ، ومملكة الشمس
صرت ضعيف البصر ، أحدق في ظلمات اليأس
كان لروحي إشعاع ، وبنفسي شوق للمجهول
جف الشوق ، انطفأ الإشعاع تهاوت أجنحة النفس

وهكذا يحل كل من الطرفين إلى مجموعة من العناصر التي يقوم بها كل عنصر منها بإزاء العنصر المقابل
له من الطرف الآخر ؛ فخطوات الشاعر التي كانت في ظل هؤلاء الراحلين نغمًا مزدهرًا بالصوت-وهذا عنصر من عناصر الطرف الأول - قد أصبحت خطوات يابسة يرين عليها خريف ممتد من الصمت -وهذا هو العنصر المقابل له من الطرف الثاني - وخيال الشاعر الذي كان من قبل رحيل هؤلاء الراحلين خيالًا مجنحًا طليقًا ،يحلق إلى أقصى الآفاق ولا تقف في وجهه حدود ولا تخوم - وهذا عنصر آخر من عناصر الطرف الأول للمفارقة-قد أصبح خيالاً كسيحًا يتعثر في أحجار الأرض وحفرها -وهذا هو العنصر المقابل-والبصر الذي كان حديدًا نافذًا يتطلع دائمًا إلى سماوات الأمل المفتوحة-وهذا عنصر ثالث من عناصر الطرف الأول - قد أصبح بصرًا كليلاً مشدودًا إلى الأرض وإلى ظلمات اليأس - وهذا هو ما يقابله من عناصر الطرف الثاني -وأخيرًا فإن روحه التي كانت تفيض بالإشعاع
،ونفسه التي كان يفعمها بالشوق إلى المجهول- وهذا هو عنصر الطرف الأول - قد جف فيهما الشوق إلى المجهول-وهذا هو عنصر الطرف الأول -قد جف فيهما الشوق وانطفأ الإشعاع .. وعلى هذا النحو يضع الشاعر كل عنصر من عناصر الطرف الأول في مواجهة ما يقابله من عناصر الطرف الثاني .
وتتحول الأبيات إلى مجموعة من المفارقات الجزئية البارعة ، التي تتألف من مجموعها المفارقة الكبرى في القصيدة، ويشعر القارئ بفداحة المفارقة بين الحالين مرتين ، مرة على مستوى جزئيات كل من الحالين ، ومرة على مستوى الحالين ككل ، وبهذا يزيد معنى المفارقة عمقًا ووضوحًا .
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس