عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-04-2009, 06:54 AM   #216
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

في الأسبوعين الماضيين وضحت لكم ما نقصده بالرؤية الفنية في العمل الأدبي ، وقد كان التناول في سياق العمل أي الرؤية داخل العمل الأدبي ، أما الآن فالموضوع عن الرؤية الخارجية أي العنوان .
***
العنوان أصبح في فنون الأدب الحديث له دور كبير للغاية ، فهو يعكس الزاوية التي ينظر الأديب منها للعمل ككل ، ومن الممكن أن تتسق الرؤية الداخلية مع الخارجية أو لا ، وفق رغبة الأديب في تكثيفها أو طرح أكثر من واحدة لتناسب شتى صنوف الفكر أو لعمل جدلية ثقافية حول الهدف من العمل .
ولا يحسن التطرق لهذا الجانب كثيرًا ، المهم أن تكون الرؤية الخارجية للعمل قادرة على تحقيق ما يصبو الأديب إليه .
ولتوضيح الصورة بشكل أكبر ، فإن العنوان في العمل الأدبي يشبع التعليق على صورة ما .
فعلى سبيل المثال : قد آتيك بصورة لشاب يلبس قميصًا بالمقلوب ،وشعره ملطخ بالكريمات والدهانات والعديد من المظاهر الغريبة . من الممكن أن نعلق على هذا المشهد ونقول :" انحراف ودناءة" .
لكن بشكل أدبي يبعد عن التقريرية والوعظ المباشر يمكن أن نقول مثلاً وبشكل ساخر : "إفرازات حداثية !" أو "أصحاب العقول في راحة !" أو "قابل للتكرار "
التعليق الأول يمثل نظرة تقليدية تقريرية والتعليقان الثاني والثالث يمثلان نظرة ساخرة بينما التعليق الرابع والأخير يمثل حالة من التحسر الملتحف بشكل يتناصّ مع مألوف ما نراه "تحذير وقوف متكرر".
من هنا يكون على الأديب أن يكون عمله ذا عنوان يدل على نظرته للموقف نظرة غير تقريرية وهذا تحد ٍ كبير ، إذ أن الرؤية = نصف العمل الأدبي .
مثال بسيط :
العنوان روتين

نظر إليها بازدراء وهي تناوله الطعام ، "ملحك كان قليلاً " ثم ما لبث أن راح يسب القرار الذي اتخذه بالارتباط ، ناسيًا أنها ذات يوم كانت اليد الوحيدة التي أخرجت كل ما تملك من أجل أن يجمعهما سقف واحد ".

نفس العمل بعنوان آخر :

رجل ناكر للجميل

نظر إليها بازدراء وهي تناوله الطعام ، "ملحك كان قليلاً " ثم ما لبث أن راح يسب القرار الذي اتخذه بالارتباط ، ناسيًا أنها ذات يوم كانت اليد الوحيدة التي أخرجت كل ما تملك من أجل أن يجمعهما سقف واحد ".

نفس العمل بعنوان آخر :

أرحــَمُــهــُم
نظر إليها بازدراء وهي تناوله الطعام ، "ملحك كان قليلاً " ثم ما لبث أن راح يسب القرار الذي اتخذه بالارتباط ، ناسيًا أنها ذات يوم كانت اليد الوحيدة التي أخرجت كل ما تملك من أجل أن يجمعهما سقف واحد ".
***
في الرؤية الأولى : كان العنوان ساخرًا نوعًا ما لكن له دلالة عنيفة محزنة أي أن هذا نظام يتكرر كل يوم والتكرار بهذا الشكل هو السمة المميزة للحياة .
الرؤية الثانية : كانت الرؤية تقريرية (لا تضيف شيئًا جديدًا ) وكأنها عنوان لمقال في جريدة .
الرؤية الثالثة : قد يدركها الفرد على أنها ساخرة أو غير ساخرة لكنها كانت ذات طابع عنيف ويجعل الذهن يتساءل بشكل مخيف عن نتيجة هذا على مستوى المجتمع . العنوان أرحــَمُــهــُم أي أن هذا أرحم الناس بزوجته ، إذًا هناك من هو أشد منه عنفًا . ويظل باب التأويل مفتوحًا ، كيف سيكون الآخرون (الأزواج) لو أن هذا كان أكثرهم رحمة ؟
***
هذا باختصار المقصود بالرؤية الخارجية وهي أكثر أهمية من الرؤية الداخلية ، لأنها قد تغني عنها . والعنوان في العمل الأدبي (الرؤية الخارجية) كالمقدمة في الكتاب آخر ما يُكتب وأول ما يُقرأ ، لذا على الكاتب أن يضع هذا العنصر في اعتباره أيًا ما كان الصنف الأدبي الذي يكتبه .
***

الواجب :اكتب خاطرة (ولا يشترط مرحليًا وجود لغة مجازية بالضرورة) و ضع لها عنوانًا يعبر عن الزاوية التي تنظر من خلالها إلى العمل الأدبي ... وفي انتظار ردودكم وفقكم الله .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس