عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-11-2009, 08:14 AM   #487
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

ينقلنا مبدعنا العزيز بعد ذلك إلى رحلة أخرى لا نعرف منها هل هي إدانة لهذا الضمير الذي أهمل هذه الصور الجميلة وراح يخلد إلى الديناوزخرفها وسرّح الموت والفداء سراحًا غير جميل؟
أم أنه يريد أن يقول إن الحياة تتسع لكلا الصورتين وإن الإنسان تتعاور عليه الصورتان وقد يجمعهما يومًا في ليكون في قمة التوازن وتحقيقه المثل العليا للحياة والموت بأتم معانيهما ؟
لم يشح علينا مبدعنا بالرومانسية المتدلهة في وصف هذه المحبوبة من خلال السطر :


رأيتك تستحمين بعسل الكلمات


تشبيه هذه الكلمات بالماء الذي تغتسل المحبوبة به في واحدة من تجليات الدلال والغنج وفي صورة مخالفة بعمق شديد لكل ما كانت عليه الصورة الأولى ويعطي هذه المحبوبة كل هذه الصور من التميّع في هذه التركيبات:

تشربين ماء القلب وتجلدين نهر الفرات
مثل فراشة مغرورة تغير لغة المصابيح
هل ربما ليعبر عن ليونة ودلال أنثوي غير تقليدي وبعد في هذا الحب عن المادة ؟ هل مبدعنا العزيز يريد أن يفاجئنا برؤية جديدة مفادها ان الحالتين الصورتين تشتركان البعد عن الحياة والتحليق في ساحة الروح أو الوجدان ؟


إن ماء القلب هو ذلك الإحساس الدافئ الذي يجود به المحب لمن يحب ،غير أن تعبير جلد نهر الفرات يبدو غير واضح الدلالة (إلا لوكانت المحبوبة كوندزاليزا رايس!!) ويستمر هذا الوصف الرومانسي ليعبرعن عمق التناقض في الصورة :

رأيتك حلوة مثل كعكة ٍ
إن الكعكة بألوانها الجميلة المثيرة للشهية صورة حسية
ربما تعطي دلالة تأخذ معنى الاشتهاء

خاصة وأن مما يتعارف عليه أن لغة الفن تنأى بحاستي التذوق والشم عن الدخول في مضمار

عملية التذوق الجمالي لكن يأتي تعبير فراشة مغرروة تغير لغة المصابيح ليعبرعن ذلك الجمال المتدله الذي يجعل القلوب تلك المصابيح على أتم الاستعداد للإنارة من أجلها .

وتأتي هذه التعبيرات لختم المشهد وإن شابها بعض الشوائب :

مثل ساحرة تنشر لعنتها في الجهات ِ
رأيتك طفلة تعبثين بالهواء ِ
تضحكين كموسيقى..

فيضحك قلب الارض تحتك تحتك

وترتجف فوقك خاصرة السماء
إذ شتان بين الساحرة والمتعارف على نعتها بالشريرة في سماتها خاصة اللعنة والفراشة المغرورة وعسل الكلمات . إن مأخذ يرجع سببه إلى تغليب الصفات بغير الوقوف على دلالتها وتساوقها في حالة واحدة مشتركة تجمعها .وتعاود البراءة وجودها الأخاذ إذ تكون
الطفلة عابثة بالهواء وهي صورة مستحيلة لكنها تعبر عن هذه البراءة التي تجعل الطفلة لها مدركاتها –اعتمادًا على النعت مغرورة -الخصوصية التي تزيد وهج القلب بتداخل هذه الجنونيات والبراءات في تناغم إنساني راق .
وهذا الختام للصورة الراقصة كان ممزوجًا بالأرض والسماء إذ تكون السماء والأرض ممتزجتين بحبها غير أن تعبير خاصرة السماء غير واضح الدلالة اللهم إلا إذا كان المقصود السحاب . ومعنى قلب الأرض يضحك هو أن الأرض شبهت بإنسان يضحك من قلبه ، إنها حالة نادرة عندما تضحك الأرض –تلك التي تبتلع البشر – من داخلها لهذه الأنثى ذات الطراز الخاص ولعل أخانا المبدع يقصد عمل موازاة بين الصورة الأولى في السماء والأرض وبين الصورة الثانية النهار والليل عمل مقابلة تعبر عن هذا الانفصال في الصورتين وإن كان ثمة ما يجمع بينهما وهو العمومية في الفكرة والبراءة البعيدة عن الحسية وهو أمر غير مؤكد .عمل رائع أرجو لك التوفيق ودمت مبدعًا لا تحرمنا مزيد عطاياك.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 09-11-2009 الساعة 08:15 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس