الموضوع: تفسير سورة ص
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-01-2019, 03:30 PM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي

"هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب جنات عدن مفتحة الأبواب متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب وعندهم قاصرات الطرف أتراب هذا ما توعدون ليوم الحساب إن هذا لرزقنا ما له من نفاد "المعنى هذا حكم وإن للمطيعين لحسن مسكن حدائق خالدة مفتحة المنافذ راقدين فيها يمدون فيها بمتع مستمرة ورواء ولديهم غضيضات العين هذا ما تعطون ليوم الجزاء إن هذا لعطاؤنا ما له من انتهاء،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا ذكر أى وحى أى حكم الله وإن المتقين لهم حسن مآب والمراد وإن المطيعين لله أى المؤمنين العاملين للصالحات لهم حسن مسكن أى طوبى مصداق لقوله بسورة الرعد"الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم"وفسرها الله بأنها جنات عدن أى حدائق دائمة الوجود وهم متكئين فيها أى متلاقين على الأسرة مصداق لقوله بسورة الصافات"على سرر متقابلين"يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب والمراد يمدون فى الجنة بطعام مستمر ورواء وهو السوائل اللذيذة وعندهم قاصرات الطرف أتراب والمراد ولديهم فى المساكن غضيضات البصر متساويات فى الحسن والجمال ويبين الله للمسلمين أن هذا ما يوعدون فى يوم الحساب والمراد هذا ما يلقون أى الذى يعطون فى يوم الدين ،ويقول لهم فى القيامة إن هذا رزقنا أى متاعنا ما له من نفاد أى فناء أى انتهاء وهذا يعنى أن الرزق مستمر والخطاب وما بعده حتى نهاية السورة للنبى(ص)
"هذا وإن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه حميم وغساق وأخر من شكله أزواج"المعنى هذا وإن للكافرين لأسوأ مقام النار يدخلونها فقبح المقام هذا فليطعموه حميم أى غساق وأخر من مثله أفراد،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا للمسلمين وأما الطاغين وهم الكافرين بالله لهم شر مآب أى أسوأ مقام أى مسكن وفسره بأنه جهنم وهى النار وهم يصلونها أى يدخلونها فبئس المهاد أى فساء المسكن أى القرار مصداق لقوله بسورة ص"فبئس القرار"،هذا فليذوقوه والمراد فليعرفوا ألمه وهو الحميم وفسره بأنه الغساق وهو سائل كريه وأخر من شكله أزواج والمراد وليعرفوا ألم من مثل الغساق أفراد وهذا يعنى أنهم سيعذبون بأشياء مشابهة للغساق لها نفس الآلام.

"هذا فوج مقتحم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار"المعنى هذا وفد قادم لا أهلا بهم إنهم ذائقوا الجحيم قالوا بل أنتم لا أهلا بكم أنتم أعطيتموه لنا فساء المسكن ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يقولون للكفار هذا فوج مقتحم أى هذا جمع قادم لدخول النار لا مرحبا بهم أى لا أهلا أى لا رحمة لهم إنهم صالوا النار أى إنهم لذائقوا أى لساكنو الجحيم مصداق لقوله بسورة المطففين "إنهم لصالوا الجحيم" فيقولوا لهم بل أنتم لا مرحبا أى لا أهلا بكم أى لا رحمة لكم أنتم قدمتموه لنا أى أنتم حسنتموه لنا والمراد أنتم زينتم لنا النار عندما زينتم لنا الكفر فى الدنيا فبئس القرار أى فساء المهاد مصداق لقوله بنفس السورة "فبئس المهاد".
"قالوا ربنا من قدم لنا هذه فزده عذابا ضعفا فى النار وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار إن ذلك لحق تخاصم أهل النار "المعنى قالوا إلهنا من أدخلنا النار فأعطه عقابا زائدا فى الجحيم وقالوا ما لنا لا نشاهد ذكورا كنا نعتبرهم من الكفار أجعلناهم أضحوكة أم بعدت عنهم العيون إن ذلك لصدق تشاجر أصحاب الجحيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار المتأخرين فى الدخول قالوا ربنا من قدم لنا هذه والمراد خالقنا من كان سببا فى دخولنا النار فزده عذابا ضعفا فى النار والمراد فأعطه عقابا زائدا فى جهنم وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب زائد للسابقين لإعتقادهم أنهم السبب فى دخولهم النار وهو قول خاطىء وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار والمراد ما السبب الذى يجعلنا لا نشاهد ناسا كنا نعتبرهم من الكفار ؟والغرض من القول هو أنهم كانوا يعتقدون بدخول المسلمين النار لأنهم كانوا فى نظرهم أشرار وقالوا اتخذناهم سخريا أى أجعلناهم أهزوءة أم زاغت عنهم الأبصار أى ضلت عنهم العيون وهذا يعنى أنهم لا يعرفون السبب فهل سبب عدم وجودهم هو سخريتهم منهم أو أن عيونهم لا تبصرهم لبعدهم عنهم فى النار وهذا دليل حيرتهم ويبين له أن تخاصم وهو تشاجر أهل النار وهم سكان الجحيم حق أى صدق يحدث فى الآخرة .
"قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار "المعنى قل إنما أنا مبلغ وما من رب إلا الله الواحد الغالب خالق السموات والأرض والذى وسطهما القوى النافع ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :إنما أنا منذر أى مبلغ للوحى وهذا تعريف لهم بوظيفته فى الحياة وما من إله أى رب أى خالق إلا الله وهذا تعريف لهم بمن يجب عليهم طاعته وهو الواحد أى الأحد الذى لا شريك له القهار وهو الغالب على أمره وهو رب أى خالق السموات والأرض وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما العزيز أى الناصر لمطيعيه الغفار أى العفو النافع لمن يطيعه .
"قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إلى أنما أنا نذير مبين "المعنى قل هو حكم كبير أنتم به مكذبون ،ما كان لى من معرفة بالحضور الفوقى حين يتنازعون إن يلقى إلى ألا إنما أنا مبلغ كبير ،يطلب الله من نبيه (ص)للناس أن يقول أن القرآن هو نبأ عظيم أى حكم كبير أنتم عنه معرضون أى مكذبون به ،وما كان لى من علم أى معرفة بالملأ الأعلى وهم الحضور الفوقى وهم الملائكة إذ يختصمون أى وقت يختلفون وهو اعتراضهم على خلق آدم (ص)،إن يوحى إلى أنما أنا نذير مبين والمراد إن يلقى إلى ألا إنما أنا مبلغ أمين للوحى .
"إذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين "المعنى وقت قال إلهك للملائكة إنى مبدع إنسان من طين فإذا عدلته ونفثت فيه من رحمتى فكونوا له مكرمين فكرمته الملائكة كلهم جميعا إلا إبليس أبى وكان من العاصين ،يبين الله لنبيه (ص)أن اختصام الملأ الأعلى كان حين قال الرب وهو الإله للملائكة إنى خالق بشرا من طين والمراد إنى منشىء إنسانا من طين وهو عجين من التراب والماء فإذا سويته أى عدلته والمراد خلقته ونفخت فيه من روحى أى ونفثت فيه من رحمتى والمراد وركبت فى جسمه النفس الحية من رأفتى فقعوا له ساجدين والمراد فكونوا بأفضلية آدم(ص)مقرين فسجدوا أى فأقروا بأفضلية آدم (ص)عليهم إلا واحد هو إبليس الذى استكبر أى رفض تنفيذ أمر الله وفسر هذا بقوله وكان من الكافرين أى المخالفين لحكم الله .
"قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى استكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين "المعنى قال يا إبليس ما حملك على ألا تكرم ما أبدعت بنفسى استعظمت أم كنت من المستكبرين قال أنا أفضل منه أبدعتنى من نار وأبدعته من عجين ، يبين الله لنبيه (ص)أن الله سأل إبليس (ص)عن طريق الوحى فقال :ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى والمراد ما حملك على ألا تقر بأفضلية ما أنشأت بنفسى استكبرت أم كنت من العالين أى هل استعظمت أم كنت من الأرباب ؟والغرض من السؤال هو إخبار إبليس أن المخالف لأمره لابد أن يكون واحدا من اثنين مستكبرا أى مستعظما أى كافر بحكم الله أو من العالين وهم الآلهة ومن ثم فإبليس كافر بحكم الله لأنه ليس إلها فرد إبليس قائلا:أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين والمراد أنا أحسن منه أنشأتنى من نار وأنشأته من طين وهذا الرد يبين جهل إبليس فالنار التى خلق منها ليست سوى التراب المتخلف عن النار ومن ثم فأصل الخلقة واحد .
"قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتى إلى يوم الدين "المعنى قال فإنزل منها فإنك معاقب وأن عليك غضبى إلى يوم الحساب ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله أوحى لإبليس فقال فاخرج منها أى فاترك الجنة فإنك رجيم أى معاقب والمراد معذب وإن عليك لعنتى إلى يوم الدين والمراد وأن عليك غضبى إلى يوم الحساب وهذا يعنى أن مصير إبليس هو العذاب بمجرد خروجه من الجنة .
"قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم"المعنى قال إلهى فأبقنى إلى يوم يعودون قال فإنك من الباقين إلى يوم الموعد المحدد ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبليس قال لله:رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون والمراد خالقى فأجلنى إلى يوم يرجعون وهذا يعنى أنه طلب من الله أن يبقيه حيا حتى يوم القيامة فقال الله له إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم والمراد إنك من المؤجلين إلى يوم الموعد المحدد وهذا يعنى أن الله استجاب لطلبه لأنه كان قد حدد موته فى يوم القيامة ولكن لم يعرفه فى أى لحظة من اليوم يموت.
"قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين "المعنى قال فبقوتك لأضلنهم كلهم إلا خلقك منهم المطيعين قال فالعدل والعدل أحكم لأملأن النار منك وممن قلدك منهم كلهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبليس أقسم بعزة الله وهى قوته فقال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك المخلصين والمراد فبقوتك لأضلنهم كلهم إلا خلقك منهم المتبعين لحكمك وهذا يعنى أنه يقسم بقوة الله كذبا على إضلال الناس عدا المسلمين فقال الله له فالحق والحق أقول والمراد فالعدل وبالعدل أحكم الحكم التالى لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين والمراد أزودن النار بك وبمن قلدك منهم كلهم وهذا يعنى ادخاله النار هو وتابعيه .
"قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين "المعنى قل ما أطالبكم عليه بمال وما أنا من المثقلين إن هو إلا حكم الناس ولتعرفن صدقه بعد وقت ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس ما أسألكم عليه من أجر والمراد لا أطالبكم على إبلاغ الوحى بمال مصداق لقوله بسورة هود"وما أسألكم عليه مالا "وما أنا من المتكلفين أى المغرمين أى الطالبين الثقل وهو المال مقابل إبلاغ الوحى،إن هو إلا ذكر للعالمين أى حكم للناس ليطيعوه ،ويبين للناس أنهم سوف يعلمون نبأه بعد حين والمراد سوف يعرفون صدق الحكم بعد وقت من خلال معرفة آيات الله فى الآفاق وفى أنفسهم مصداق لقوله بسورة فصلت "سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس