عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-12-2018, 10:33 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي

أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون "المعنى هل ظن الذين عملوا الذنوب أن نجازيهم كالذين صدقوا وفعلوا الحسنات سيان معيشتهم ووفاتهم قبح ما يقولون ،يسأل الله أم حسب الذين اجترحوا السيئات والمراد هل اعتقد الذين عملوا الخطايا مصداق لقوله بسورة الأعراف "الذين عملوا السيئات"أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا السيئات والمراد أن نساويهم بالذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات سواء محياهم ومماتهم أى سيان دنياهم وأخراهم ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار اعتقدوا أن الله سيساويهم بالمسلمين فى الدنيا والآخرة كما قال واحد منهم فى سورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى"ويبين أنه ساء ما يحكمون والمراد بطل ما يقولون وهذا يعنى أن إعتقادهم خاطىء فالله لن يساويهم بالمسلمين أبدا والخطاب للنبى(ص).
"وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون "المعنى وأبدع الرب السموات والأرض ولتحاسب كل نفس بما عملت وهم لا ينقصون حقا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام والسبب فى خلقهما هو الحق أى إقامة العدل فيهما ولتجزى كل نفس بما كسبت والمراد ويوفى كل فرد جزاء ما عمل فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الزمر"ووفيت كل نفس ما عملت"والناس لا يظلمون أى لا ينقصون حقا أى "هم فيها لا يبخسون" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون "المعنى هل علمت بمن جعل ربه شهوته أى أبعده الرب بعد وحى أى طبع على قلبه أى نفسه أى خلق على قلبه حاجز فمن يرحمه من بعد الرب أفلا تطيعون ؟يسأل الله نبيه (ص)أفرأيت من اتخذ إلهه هواه والمراد أعرفت من جعل ربه شهوته وفسر هذا بقوله وأضله الله على علم والمراد وأبعده الرب عن دينه بعد معرفته بدين الله وفسر الله بقوله وختم أى وطبع على سمعه وهو قلبه أى نفسه مصداق لقوله بسورة التوبة "وطبع الله على قلوبهم "وفسر هذا بقوله وجعل على بصره غشاوة والمراد وخلق فى نفسه حاجز يمنعه من الإسلام هو شهوته أى كفره؟والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن الكافر إلهه هو هواه وهو طاعة شهوته التى خلقها الله فى نفسه فى نفس الوقت الذى أراد الكافر طاعتها ،ويسأل فمن يهديه من بعد الله والمراد فمن يرحمه من بعد الرب ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكافر لا ينقذه أحد من عقاب الله ،ويسأل أفلا يذكرون والمراد "أفلا يعقلون"كما قال بسورة يس وهذا يعنى أن الواجب عليهم هو طاعة الله .
"وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون "المعنى وقالوا ما هى إلا معيشتنا الأولى نتوفى ونعيش وما يتوفانا إلا الزمن وما لهم بذلك من وحى إن هم إلا يخرصون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا :ما هى إلا حياتنا الدنيا والمراد ليس لنا إلا معيشتنا الحالية وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ،نموت ونحيا أى نهلك ونعيش وما يهلكنا إلا الدهر والمراد وما يدمرنا إلا أسباب الزمن وهذا يعنى أنهم يعتقدون أن السبب فى موتهم هو مصائب الزمن وليس الله ،وهم ما لهم بذلك من علم والمراد وليس لهم بقولهم فى الموت والحياة من علم أى وحى منزل من الله وإنما هم يظنون أى "إن هم إلا يخرصون "كما قال بسورة الأنعام والمراد يعتقدون هذا من تأليف أنفسهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين "المعنى وإذا تبلغ لهم أحكامنا واضحات ما كان برهانهم سوى أن قالوا هاتوا آبائنا إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا تتلى عليهم أياتنا بينات والمراد إذا تبلغ لهم أحكام الله مفهومات ما كان حجتهم وهو برهانهم أى قولهم إلا أن قالوا :ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين والمراد أحيوا آبائنا إن كنتم عادلين فى قولكم بالبعث وقد قالوا هذا لعلمهم أن الله حرم المعجزات وهى الآيات ومنها إرجاع الموتى مصداق لقوله بسورة الأنبياء "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون".
"قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى قل الرب يخلقكم ثم يتوفاكم ثم يبعثكم إلى يوم البعث لا ظلم فيه ولكن أغلب الخلق لا يؤمنون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله يحييكم أى يخلقكم أول مرة ثم يميتكم أى يتوفاكم ثم يجمعكم أى يبعثكم إلى يوم القيامة والمراد يحييكم فى يوم البعث لا ريب فيه أى "لا ظلم اليوم "كما قال بسورة غافر ،ويبين الله له أن أكثر وهم معظم الناس لا يعلمون أى لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس حتى لكن وما بعده له .
"ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون "المعنى ولله حكم السموات والأرض ويوم تقع القيامة يومئذ يعذب الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن لله ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض"كما قال بسورة آل عمران ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون والمراد يوم تحدث القيامة يومذاك يبلس أى يعذب المجرمون مصداق لقوله بسورة الروم"ويوم تقوم الساعة يومئذ يبلس المجرمون ".
"وترى كل أمة جاثية تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون "المعنى وتشاهد كل جماعة واقفة تنادى إلى سجلها الآن تحاسبون على ما كنتم تكسبون هذا سجلنا يشهد عليكم بالعدل إنا كنا نسجل ما كنتم تكسبون،يبين الله لنبيه (ص)أنه يرى كل أمة جاثية والمراد يشاهد يوم القيامة كل جماعة واقفة فى أرض المحشر تدعى إلى كتابها والمراد تنادى إلى تسلم سجل عملها فيتسلمونه ويقال لهم :اليوم تجزون ما كنتم تعملون والمراد الآن توفون أجوركم على ما كنتم تكسبون مصداق لقوله بسورة آل عمران"إنما توفون أجوركم يوم القيامة "وقوله بسورة الأعراف"بما كنتم تكسبون "ويقال لهم هذا كتابنا ينطق بالحق والمراد هذا سجلنا يقول الصدق أى يشهد عليكم بالصدق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون والمراد إنا كنا نسطر أى نكتب ما كنتم تكسبون مصداق لقوله بسورة القمر"وكل كبير وصغير مستطر"وقوله بسورة الزخرف"ورسلنا لديهم يكتبون ".
"فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته ذلك الفوز المبين وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتى تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين "المعنى فأما الذين صدقوا وفعلوا الحسنات فيسكنهم خالقهم فى جنته ذلك النصر الكبير وأما الذين كذبوا أفلم تكن أحكامى تبلغ لكم فخالفتم أى كنتم ناسا كافرين ،يبين الله لنبيه (ص) أن الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات فيدخلهم ربهم فى رحمته والمراد فيسكنهم فى جنته مصداق لقوله بسورة المجادلة "ويدخلهم جنات "ودخول الجنة هو الفوز المبين أى النصر العظيم مصداق لقوله بسورة الدخان"ذلك هو الفوز العظيم "وأما الذين كفروا وهم الذين كذبوا أحكام الله فيقول الله لهم على لسان الملائكة :أفلم تكن آياتى تتلى عليكم والمراد ألم تكن أحكامى تبلغ لكم فى الدنيا فاستكبرتم أى فكذبتم مصداق لقوله بسورة المؤمنون"ألم تكن آياتى تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون "وفسرها بقوله وكنتم قوما مجرمين أى كافرين أى مكذبين بآيات الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندرى ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "المعنى وإذا قيل إن قول الرب صدق أى القيامة لا ظلم فيها قلتم ما نعلم ما القيامة إن نعتقد إلا اعتقادا وما نحن بمؤمنين وظهر لهم عقوبات ما صنعوا أى نزل بهم الذى كانوا به يكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا قال لهم المسلمون :إن وعد الله حق والمراد إن قول الرب عن القيامة صدق والساعة وهى القيامة لا ريب فيها أى "لا ظلم اليوم"كما قال بسورة غافر قالوا لهم :ما ندرى ما الساعة والمراد ما نعرف ما القيامة إن نظن إلا ظنا والمراد إن نعتقد إلا يقينا بعدم وجودها وما نحن بمستيقنين أى ما نحن بمؤمنين بالقيامة وهذا يعنى كفرهم بالبعث والجزاء فهذا حكم فى دينهم الضال ،ويبين له أن الكفار بدا لهم سيئات ما عملوا والمراد ظهرت لهم عقوبات ما كسبوا مصداق لقوله بسورة الزمر"وبدا لهم سيئات ما كسبوا "وفسر هذا بقوله وحاق بهم ما كانوا يستهزءون والمراد وحل بهم الذى كانوا به يكذبون وهو العقاب ممثل فى دخولهم النار
"وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون "المعنى وقيل الآن نترككم كما تركتم جزاء يومكم هذا ومقامكم جهنم وما لكم من منقذين ذلكم بأنكم جعلتم أحكام الرب سخرية وخدعتكم المعيشة الأولى فالآن لا يطلعون منها ولا هم يتكلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يقول على لسان الملائكة فى القيامة :اليوم ننساكم والمراد الآن نترك رحمتكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا والمراد كما تركتم العمل لثواب يومكم هذا ومأواكم النار والمراد ومثواكم وهو مكانكم جهنم مصداق لقوله بسورة الأنعام"النار مثواكم"وما لكم من ناصرين أى منقذين من النار أى أولياء مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء "ذلكم أى دخولكم النار سببه أنكم اتخذتم آيات الله هزوا والمراد أنكم جعلتم أحكام الرب وهى دينه لعبا أى أضحوكة مصداق لقوله بسورة المائدة"الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا "وفسر هذا بقوله وغرتكم الحياة الدنيا والمراد وخدعكم متاع المعيشة الأولى فاليوم لا يخرجون منها والمراد فالآن لا يطلعون من النار دوما ولا هم يستعتبون والمراد ولا هم ينطقون مصداق لقوله بسورة المرسلات"هذا يوم لا ينطقون ".
"فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم "المعنى فلله الطاعة خالق السموات وخالق الأرض خالق الكل وله العظمة فى السموات والأرض وهو الناصر القاضى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الحمد وهو الملك أى الطاعة لحكم الله مصداق لقوله بسورة التغابن "له الملك"رب أى خالق السموات ورب أى خالق الأرض رب العالمين أى خالق الجميع وفسر الحمد بأنه الكبرياء والمراد أن الله له العظمة ممثلة فى طاعة الخلق فى السموات والأرض لحكمه والله هو العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما قبله للنبى(ص)
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس