عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-05-2011, 10:40 PM   #61
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(56)
لقد كان بيان الوظيفة التعبيرية للصورة من أول ما اهتم به رواد التجديد الأوائل في أدبنا الحديث من سمات الحداثة في القصيدة ، ويعتبر الأستاذ عباس العقاد أشد هؤلاء الرواد اهتمامًا بهذه القضية، وتأثيرًا في هذا المجال حيث ألح على ضرورة تبعير الصورة الشعرية عن حقيقة نفسية أو شعورية وعدم اقتصارها على تسجيل التشابه الحسي ، وكأن من المآخذ التي أخذها على شوقي بشدة ما جاء في شعره من صور تشبيهية حسية ، لا تحمل أكثر من التشابه المادي بين أطرافها، ففي نقده لقصيدة شوقي في رثاء محمد فريد ما إن يصل إلى تشبيه شوقي للهلال بالمنجل في قوله:
تطلع الشمس حيث تطلع صبحًا
وتنحى لمنجل حصاد
تلك حمراء في السما ، وهذا
أعوج النصل من مراس الجلاد
حتى ينتهز الفرصة لينحي باللائمة على أولئك الذين "جعلوا التشبيه غاية فصرفوا إليه همهم ولم يتوسلوا به إلى جلاء معنى أو تقريب صورة ،ثم تمادو فأجبوا على الناظم أن يلصق بالمشبه كل صفات المشبه به ، كأن الأشياء لفقدت علاقاتها الطبيعية ، وكأن الناس فقدوا قدرة الإحساس بها على ظواهرها ، نظروا إلى الهلال فإذا هو أعوج معقوف ،فطلبوا به شبهًا وهو أغننى المنظورات عن الوصف الحسي .. وإن كان لابد من التشبيه فلنشبه ما يبثة في نفوسنا من حنين أو وحشة أو سكون أو ذكرى ، ففي هذا لا في رؤية الشكل تختلف النفوس والخواطر"(53)
ولا يلبث أن يسوق إلى شوقي هذا الكلام العظيم الذي أصبح أصلاً من الأصول المتعلقة بهذه القضية في نقدنا الأدبي الحديث ، والذي لا يستطيع دارس لهذه القضية أن يغفله ، وهو قوله:"اعلم أيها الشاعر العظيم أن الشاعر من يشعر بجوهر الأشياء لا من يعددها ويحصي أشكالها وألوانها ، وأن ليست مزية الشاعر أن يقولو لك عن الشيء ماذا يشبه ، وإنما مزيته أن يقول ما هو ، ويكشف لك عن لبابه وصلة الحياة به . وليس هم الناس من القصيدة أن يتسابقوا في أشواط البصر والسمع ،وإنما همهم أن يتعاطفوا ويودع أحسّهم وأطبعهم نفس أإخونه زبدة ما رآه وسمعه ، وخلاصة ما استطابه أو كرهه.
___________
(53)الديوان 1\17-18
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس