عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-09-2023, 07:21 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,001
إفتراضي

فقد كتب ابن عابدين – من المتأخرين - رسالته الشهيرة : [ نشر العرف في بناء بعض الاحكام على العرف ] ، ووضعوا العديد من القواعد المستنبطة من فروعهم ، والدالة على اعتبار العرف في الأحكام فيما لا نص ولا إجماع فيه ، ونذكر جملة من هذه القواعد :
[ العادة محكمة ].
[ الحقيقة تترك بدلالة العادة ].
[ استعمال الناس حجة يجب العمل بها ]
[ المعروف عرفا كالمشروط شرطا ]
[ التعيين بالعرف كالتعيين بالنص ]
[ لاينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ]
[ العادة تجعل حكما إذا لم يوجد التصريح بخلافه ]
[ العادة معتبرة في تقييد مطلق الكلام ]
[ المعروف بين التجار كالمشروط بينهم ].
[ الثابت بالعرف كالثابت بالنص ]
ويقول ابن عابدين في رسالته عن العرف : [ على أن المفتي ليس له الجمود على المنقول في كتب ظاهر الرواية من غير مراعاة الزمان وأهله ، وألا يضيع حقوقا كثيرة ، ويكون ضرره أعظم من نفعه ].
لذا فقد خالف المتأخرون الإمام وصاحبيه في مسائل عديدة ، استنادا لتغير الأحوال .. منها : قولهم بجواز أخذ الاجرة عن : تعليم القرآن ، والآذان ، والإمامة .. خلافا لما قال به الامام وصاحبيه .
ومنها : أن أبا حنيفة رضي الله عنه ، اكتفى في الشهود بالعدالة الظاهرة فيما عدا : الحدود ، والقصاص ، ولم ير تزكيتهم ، استنادا لقول الرسول عليه السلام : { المسلمون عدول بعضهم على البعض } ، وكان هذا الاجتهاد مناسبا لزمان الإمام رضي الله عنه ، لغلبة الخير فيه ، فلما كان زمان .. أبي يوسف .. ومحمد .. وفشا فيه الكذب ، كان الأخذ بظاهر العدالة فيه مفسدة ، وضياع الحقوق ، فدعا فساد الزمان إلى قولهما بتزكية جميع الشهود ، درء لهذه المفسدة !! ، ولذا قال الفقهاء عن هذا الخلاف : إنه اختلاف عصر وزمان ، وأفتوا بقول الصاحبين.
واستنادا لهذا فإن العلماء اعتبروا العرف أصلا من أصول الاستنباط تبنى عليه الأحكام فيما لاإجماع ولا نص فيه ، لأن .. ما تعارف عليه الناس وساروا عليه صار من حاجاتهم ، ومتفقا ومصالحهم ، فما دام لا يخالف الشرع ، وجبت مراعاته .
إن الشارع الحكيم قد راعى الصحيح من أعراف العرب في التشريع، ولم يرع السقيم منها ، بل .. ألغاه ، وعلى هذا المنوال يجري اعتبار العرف في الأحكام – وقد مر في مبحث شروطه قبلا - .
وفي ظني .. أن الكفاءة : من الامور التي تعتمد اعتمادا كبيرا على العرف ، بل إن أحمد فهمي أبو سنة يذهب إلى .. اعتبار الكفاءة من أعراف العرب القديمة التي أقرها الاسلام وأبقاها ، مثل باقي الاعراف!!
وبما أن الاعراف في زماننا قد تغيرت تغيرا كبيرا عما كانت عليه في زمن الفقهاء المتقدمين ، فإن ذلك يستوجب تغيير النظرة إلى خصال الكفاءة ، بل .. ومعنى كل خصلة من هذه الخصال ، لكي نحقق مقصود الشارع الحكيم ، في استمرار العلاقات الزوجية واستقرارها .
إن المرأة في الوقت الحاضر أخذت تدرس في الجامعات والمدارس المتنوعة ، وأصبحت عاملة في مختلف المجالات ، فنجد : الطبيبة ، والمهندسة ، والمدرسة .. الخ ، وأصبحت تتقاضى الأجور عن عملها .
والتقدم العلمي الكبير الحاصل في مجال التكنولوجيا في دول الغرب ، قد غير الكثير من المفاهيم في العالم – ومن جملتهم المسلمين - ، فالأمية في أوربا أضحت تعني .. من لا يتقن استخدام أجهزة الحاسوب [ الكومبيوتر ] ، في حين ما زالت دول [ العالم الثالث ] ، والدول النامية ، تعاني من الأمية بمفهومها التقليدي القديم ، أي : عدم معرفة القراءة والكتابة ! ، ولقد أصبحت الحياة في : أوربا ، وأميركا ، واليابان ، وكثير من الدول .. تعتمد اعتمادا كبيرا .. على الأجهزة المتطورة ، والمتقدمة تقنيا ، بينما ما زالت الدول الفقيرة تعتمد في إدارة شؤونها على الوسائل التقليدية .
وأقول .. في ضوء ذلك ألا تتغير مفاهيم الكفاءة لدينا ؟ ! .
ففي مجال الحرفة كان ينظر .. إلى : حرفة الأب ، ذلك لأن الغالب هو عمل الأب ، ونادرا ماكانت المرأة تعمل في العصور السابقة ، وهذا ما ذكره فقهاؤنا حول شرط الحرفة مثلا : [.. وعن أبي يوسف أنه معتبر ، حتى إن : الدباغ ، والحجام ، والحائك ، والكناس ، لا يكون كفؤا لبنت البزاز ، والعطار, وكأنه اعتبر العادة في ذلك ].
وفي مجال العلم نظر فقهاؤنا المتقدمون .. إلى : مقدار علم الاب ، فقالوا بأن بنت العالم لا يكافؤها أحد ، لأن شرف العلم فوق شرف المال والنسب.
استنادا لهذا التغير مفاهيم خصال الكفاءة في ضوء الظروف الراهنة ؟! ، هل سنستمر بالنظر الى مهنة الاب والمرأة اصبحت عاملة في مختلف الميادين ؟! ، هل نتجاهل مقدار تحصيل الفتاة من العلم ، ونبقى ننظر الى مقدار علم الاب !.
ان احكام الكفاءة تعتمد اعتماد كبير على اعراف المجتمعات ، وهذا ما اكده فقهائنا وما اشرنا الى بعضه سابقا.
إذن .. المرأة التي نشأت في بريطانيا ، وتعلمت هناك ، تكون قد نشأت في : ظروف ، وأحوال ، تختلف اختلافا كبيرا عن ظروف وأحوال بلاد الهند .. بل كل البلاد الشرقية ، وينبغي ذكر هذا في خصال الكفاءة – على ما نرى - ، ألا وهو : اختلاف البلاد ، واختلاف التعليم ! .
أضف إلى ذلك .. أن أغلب النساء في مجتمعات مثل المجتمع البريطاني يكن من المتعلمات ، ويتقن التعامل مع وسائل الاتصال الحديث ، ومع الأجهزة المتقدمة علميا ، خلافا لحال الرجل الذي نشأ في الهند ، وترعرع فيها .. بل قل في شبيهتها من البلاد ، وبالتالي .. فإن هذا الرجل سيجد نفسه ضعيفا تجاه زوجته ، بل قد يكون محط سخرية الآخرين ، لجهله ، واختلاف بيئته ، والتفاوت الكبير بينه وبين زوجته ، فإن لم تكن هي لتراعي ذلك ، فإن المجتمع سيعامله بسخرية تحط من قدره ، مما يجعله صغيرا في عيني زوجته ، وفي ذلك ما فيه من الضرر ، وأثره على تصدع العشرة ، وعدم استقرار الحياة الزوجية ، وستنعدم المودة والرحمة التي أرادها الله جل وعلا بين الزوجين ! .
وفي ظني .. أن فقهاءنا عندما اشتروطوا التشابه والتقارب بين مهنة الاب ومهنة الزوج ، قصدوا التشابه بين بيئتي عيش المرأة ، في بيت أبيها .. وفي بيت زوجها .
وكذلك عندما اشترطوا اليسار في الزوج ، قصدوا أن يوفر هذا الزوج بيئة للزوجة قريبة من البيئة التي نشأت ، وترعرت فيها .
وهنا .. قد يتبادر إلى الذهن السؤال الآتي : لم لم يعتبر فقهاؤنا ، عدم اختلاف البيئة سببا من خصال الكفاءة ؟! ، حتى أنهم قالوا : [ أن القروي يكون كفئا للمدني ]، فكيف تعتبرون اختلاف البلد في الوقت الحاضر سببا من أسباب فقدان الكفاءة ؟ !.
ونقول .. لقد اعتبرنا ذلك حينما يكون الاختلاف بين أحوال البلدين كبيرا ، كاختلاف بريطانيا والهند ، بسبب : التقدم العلمي والتقني من جهة ، وبسبب : كون بريطانيا بلد تختلف تقاليده ، وأحواله عن البلاد الاسلامية والشرقية عموما .
أما إذا كان البلدان متقاربين في : الظروف ، والاحوال ، والمستوى المعاشي ، وانتشار التعليم ، ونوعية العلوم التي تحصل .. فلا يعد الاختلاف سببا من أسباب اختلاف الكفاءة ،كما هو الحال – مثلا – بين : الهند ، والباكستان ، وبنغلاديش .
إن الاختلاف الذي ذكره فقهاؤنا كان يمثل الوضع السائد في زمانهم ، حيث لا يوجد فارق كبير بين القرية والمدينة ، أضف إلى أنهم تحدثوا .. عن : قرية ومدينه ضمن دار الاسلام ، ولم يتحدثوا عن الاختلاف بين دار الكفر .. ودار الاسلام"
وبالقطع كل ما قيل هنا يعتبر كفر بكتاب الله وإن قاله أعاظم العلماء فى المذاهب فبحث ابن عابدين عن العرف هو إشراك واضح بالله حيث يجعل العرف شريكا لوحى الله ويأخذ بالعرف ولو تعارض مع كتاب الله كعدم توريث النساء
كتاب الله فى الزواج أباح زواج الحر بالأمة وهى الفتاة فقال :
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف"
وأمر الله الأحرار بزواج الإماء المسلمات وأمر الحرات أن تتزوج من العباد وهم الفتيان الذين يسمونهم العبيد فقال :
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"
والمعروف تاريخيا أن الرسول(ص) فى الروايات زوج عبده السابق زيد من ابنة عمتاه الحرة زينب كما قال تعالى :
" فلما قضى زيدا منها وطرا"

إذا لا وجود للكفاءة لتعارضها مع المبدأ العام وهو اخوة المسلمين التى قال تعالى فيها :
" إنما المؤمنون اخوة"
فكيف نكون اخوة وبعضنا يعتبر نفسه أحسن من أخرين مع أن الله حرم هذا الاعتقاد فقال :
" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"

ومن قال أنه شريف أو نسيب هم وعائلته فقط فهو مجرد مخبول عقليا لأننا كلنا أبناء الرسول آدم(ص) فكلنا أشراف ولو ولد بعضنا من زنا لأننا ننتمى إلى نفس الرجل فى النهاية ولا يوجد أحد من الناس حاليا إلا وفى نسبه نسبة لنبى(ص) من الأنبياء (ص)عدا نوح (ص) ولوط(ص)... ومحمد(ص) الذى لم يكن له ذرية من الرجال تنسب إليه كما قال تعالى :
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم"

أو يمتد نسبه لمسلم ممن أنجاهم الله مع الرسل(ص) السابقين
كما لا توجد حرفة أحسن من حرفة فى الحرف المباحة وإنما الفارق بين حرفة مباحة وحرفة محرمة
كما لا يوجد أى فارق بسبب الغنى والفقر بين المسلمين لأن الله اعتبر كل المال ماله فقال :
" وأتوهم من مال الله الذى أتاكم"

بل أمر الله الأغنياء بزواج الفقيرات فقال :
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس