عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-09-2010, 10:14 AM   #13
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الكيفية التي تصدر بها الدول المتقدمة التضخم للدول النامية..


تعاني البلدان النامية من ظاهرة التضخم العالمية من دون أن تكون مسئولة عنها (من حيث نشأتها وتفاقمها)، وكانت هذه البلدان تدفع أمام كل موجة من موجات التضخم القادمة إليها من الاقتصاديات الرأسمالية، أسعاراً أعلى مقابل وارداتها، كما أنها تدفع أكثر فأكثر للاستثمارات الأجنبية التي تحصل عليها من الدول والمؤسسات الأجنبية المصرفية وفي المقابل كانت عوائدها من بيع منتجاتها من المواد الخام تتضاءل سنة بعد أخرى بسبب فاعلية التضخم الذي تعانيه أو بأسباب تتعلق بالعملة وقيمتها..

وهكذا فإن الدول المتقدمة صناعياً، وهي التي تسيطر على 75% من التجارة الدولية، تصدر التضخم بنسبة 80% الى البلدان النامية التي تتعامل معها (استيراداً وتصديراً)*1

ولكي نضع بعض المقتربات لمحاولة الوصول للكيفية التي يتضح فيها تصدير ظاهرة التضخم من الدول المتقدمة، علينا أن نشير الى الجدل القائم (كان وما يزال) بين القائمين على اقتصاديات الدول النامية (وحتى غيرها) حيث يرى بعض الاقتصاديين أن التضخم يمكن أن يُعد وسيلة مهمة من وسائل التراكم الرأسمالي في البلدان النامية تعتمد عليه في تمويل تنميتها الاقتصادية، وهكذا أخذ الاقتصاديون ينظرون إليه نظرة تفاؤلية يدعون الحكومات الى إيجاده لتمويل التنمية الاقتصادية فيها بعد أن ظل الجدال قائماً بين الاقتصاديين بشأن مصادر تمويل التنمية تنحصر بمصدرين أساسيين هما: المدخرات الوطنية، ورؤوس الأموال الأجنبية والمشاكل والصعاب التي ترافق كليهما.

إن تمويل التنمية الاقتصادية عن طريق السياسة التضخمية أو ما يُطلق عليها في بعض الأحيان (سياسة النقود الرخيصة) أو سياسة عجز الميزانية، وإن تعددت الآراء الاقتصادية بشأنها بين المؤيد والمعارض لأن لكلٍ منهما مبرراته وحججه المدعمة لذلك بحكم أنها أصبحت ظاهرة تصاحب كل الاقتصاديات المتقدمة والمتخلفة ولكل منهما طبيعته وأشكاله، فائدته ومضاره.*2

الأنظمة السياسية ومشكلة تصدير التضخم

تلجأ الدول الإمبريالية الى إبقاء البيئة الدولية وبالذات في بلدان العالم الثالث ملائمة لاستيراد التضخم عن (طيب خاطر) من خلال:
1ـ إقامة الحكومات والأنظمة السياسية التابعة.
2ـ إشعال ودعم النشاط التخريبي ضد الحكومات غير الملائمة.
3ـ إثارة الصراعات المحلية من عرقية وقومية وطائفية، وحتى الصراعات الإقليمية والدولية.
4ـ التوسع الاقتصادي والتغلغل عن طريق توظيف رؤوس الأموال والقروض بشروط مجحفة وما يسمى ب (المساعدات المالية).
5ـ إغراق الأسواق العالمية بالصادرات التقنية.
6ـ ربط النظم النقدية للبلدان النامية ضمن تقسيمات اقتصادية مغلقة*3
7ـ ربط البورصات والعملات التبادلية بالنقد الرأسمالي*4

من نماذج السعي لتحقيق تصدير التضخم في الدول العربية

تكاد البلدان العربية ـ كلها ـ أن تكون مشمولة بالتوجه الغربي لتصدير التضخم إليها، ويجد القائمون على السياسة الإمبريالية في كل بلدٍ منفذاً ملائماً للدخول من خلاله، والنماذج الأكثر وضوحاً: العراق والسودان واليمن، وإن كانت الدول الأخرى لا يعجز المراقب من التعرف عليها.

ففي اليمن مثلاً، ونتيجة لعدم الاستقرار في كثير من مناطقه، وما يتبع ذلك من تركيز الدولة على الجانب الأمني وما سيتطلبه ذلك من توجيه المال الى التسلح وما يتبعه من مصاريف موجهة لإدارة الصراعات، فإن نسبة التضخم فيها كانت بين عامي 2000 و 2004 ما يعادل 15% سنوياً، وفي سنوات 2005 قفزت الى 20% وفي عام 2006 أصبحت 24% أما عام 2007 فكانت 35%*5

ولو بقينا في مثال اليمن، فإن آثار التضخم سيرافقها اختلال في كثير من النواحي منها:

1ـ انخفاض قيمة العملة اليمنية لتصبح 250 ريال يمني مقابل الدولار الواحد عام 2010، وبالمقارنة مع عام 2007 حيث كان سعر الصرف يساوي حوالي 170 ريال يمني مقابل الدولار الأمريكي.

2ـ عدم ثبات استخراج النفط وعدم ثبات أسعاره، والذي تتكئ عليه الحكومة اليمنية كمخلص لها من تزايد النفقات العامة المترتبة على عدم استقرار الأوضاع في البلاد.

3ـ تدهور مستوى التوظيف نتيجة توجه المال في اتجاهات تتلاءم مع الأوضاع القائمة، مما سيترتب عليه مزيد من الاختلال وتفاقم الأوضاع البنيوية نتيجة تفاقم الأوضاع المالية.

4ـ تراجع فعاليات الإصلاحات الشاملة واقتصارها على ردود أفعال لمشاكل تتولد في حينها.

5ـ تراجع مساهمات المانحين، بحجة عدم جدوى مثل تلك المنح، مع تضاؤل حجم الاستثمارات الأجنبية التي كان يُراهن عليها.

هذا جزء يسير جداً مما ستواجهه ـ ليس اليمن فحسب ـ بل معظم أقطار الدول العربية. وهذا بدوره سيؤثر على ديون تلك الدول *6وطريقة تسديدها والتي تتزايد يوماً بعد يوم ـ باستثناء الجزائر التي تخلصت من مديونيتها قبل أكثر من عام ـ.





هوامش
*1ـ فؤاد مرسي/ محاضرات في الاقتصاد الدولي المعاصر/ مجلة الاقتصاد/ وزارة الاقتصاد العراقية ـ بغداد 1978/ صفحة 64.
*2ـ سيف الدين محمد الحديثي/ جامعة بغداد/ مجلة أم المعارك/1997/ عدد 10 السنة الثالثة ـ صفحة 143
*3ـ حسين سالم جابر الزبيدي/ التضخم والكساد/ مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع/ عَمَّان ـ الأردن 2010/ صفحة 255.
*4ـ موسوعة الاقتصاد السياسي السوفييتية/ موسكو: دار الموسوعة السوفييتية 1979/ صفحة 82ـ84.
*5ـ جميل عبد الخالق العريقي/ أستاذ مساعد في جامعة تعز/ وكيل وزارة المالية سابقاً/ مجلة بحوث اقتصادية عربية الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت/ العدد 51 سنة 2010.
*6ـ خالد أحمد سليمان شبكة/ التضخم وأثره على الدَين ـ دراسة مقارنة/ دار الفكر الجامعي/ الإسكندرية ـ مصر 2008/ ص 54
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس