عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 31-03-2010, 11:09 AM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ففعلت. ووقف وسمع وقع حوافر الخيل عن قرب فقال: يا عمرو. كن عن يمين الطريق وقف وحول وجه دوابنا إلى الطريق.

ففعلت ووقفت عن يمين الراحلة ووقف عن يسارها ودنا القوم منا وإذا هم ثلاثة أنفار: شابان وشيخ كبير، وهو أبو الجارية والشابان أخواها. فسلموا فرددنا السلام.
فقال الشيخ: خل عن الجارية يا ابن أخي.

فقال: ما كنت لأخليها ولا لهذا أخذتها.

فقال لأحد ابنيه: اخرج إليه، فخرج وهو يجر رمحه فحمل عليه الحرث وهو يقول:
من دون ما ترجوه خضب الذابل
من فارس ملثمٍ مقاتل

ينمي الى شيبان خير وائلٍ
ما كان يسري نحوها بباطل

ثم شد على ابن الشيخ بطعنة قد منها صلبه، فسقط ميتاً، فقال الشيخ لابنه الآخر: اخرج إليه فلا خير في الحياة على الذل، فأقبل الحرث وهو يقول:
لقد رأيت كيف كانت طعنتي
والطعن للقرم الشديد الهمةِ

والموت خيرٌ من فراق خلتي
فقتلتي اليوم ولا مذلتي
ثم شد على ابن الشيخ بطعنة سقط منها ميتاً، فقال له الشيخ: خل عن الظعينة يا ابن أخي، فإني لست كمن رأيت،
فقال: ما كنت لأخليها، ولا لهذا قصدت.

فقال الشيخ: يا ابن أخي اختر لنفسك فإن شئت نازلتك وإن شئت طاردتك فاغتنمها الفتى ونزل فنزل الشيخ وهو يقول:

ما أرتجي عند فناء عمري
سأجعل التسعين مثل شهر

تخافني الشجعان طول دهري
إن استباح البيض قصم ظهري


فأقبل الحرث وهو ينشد ويقول:

بعد ارتحالي ومطال سفري
وقد ظفرت وشفيت صدري

فالموت خير من لباس الغدر
والعار أهديه لحي بكر
ثم دنا فقال له الشيخ: يا ابن أخي إن شئت ضربتك، فإن أبقيت فيك بقية فيَّ فاضربني، وإن شئت فاضربني.
فإن أبقيت بقية ضربتك.

فاغتنمها الفتى وقال: أنا أبدأ.

فقال الشيخ: هات.

فرفع الحرث يده بالسيف فلما نظر الشيخ أنه قد أهوى به إلى رأسه ضرب بطنه بطعنة قد منها أمعاءه ووقعت ضربة الفتى على رأس الشيخ فسقطا ميتين.
فأخذت يا أمير المؤمنين أربعة أفراس وأربعة أسياف ثم أقبلت إلى الناقة فقالت الجارية: يا عمرو: إلى أين ولست بصاحبتك ولست لي بصاحب ولست كمن رأيت؟
فقلت: اسكتي.

قالت: إن كنت لي صاحباً فأعطني سيفاً أو رمحاً فإن غلبتني فأنا لك وإن غلبتك قتلتك.

فقلت: ما أنا بمعط ذلك. وقد عرفت أهلك وجراءة قومك وشجاعتهم.

فرمت نفسها عن البعير ثم أقبلت تقول:
أبَعْد شيخي ثم بعد أخوتي
يطيب عيشي بعدهم ولذتي

وأصحبن من لم يكن ذا همةٍ
هلا تكون قبل ذا منيتي


ثم أهوت إلى الرمح وكادت تنزعه من يدي. فلما رأيت ذلك منها خفت إن ظفرت بي قتلتني. فقتلتها.

فهذا يا أمير المؤمنين أشجع من رأيت.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس