عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-10-2018, 08:52 PM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,966
إفتراضي تفسير سورة الحديد

سورة الحديد
سميت بهذا الاسم فى قوله "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد".
"بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم له ملك السموات والأرض يحى ويميت وهو على كل شىء قدير "المعنى بحكم الرب النافع المفيد أطاع الله الذى فى السموات والأرض إلا من كفر وهو الناصر القاضى له حكم السموات والأرض يخلق ويتوفى وهو لكل أمر يريده فاعل،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن سبح أى أطاع حكم الله أى سجد لله ما أى الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة النحل"ولله يسجد ما فى السموات وما فى الأرض"إلا من حق عليهم العذاب وهم الكفار مصداق لقوله تعالى بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب" والله هو العزيز أى الناصر لمسبحيه الحكيم أى القاضى بالحق ،له ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران يحى ويميت والمراد يخلق الخلق ويتوفى الخلق وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب وما بعده للناس على لسان النبى(ص).
"هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شىء عليم "المعنى هو السابق والباقى والمبين والمخفى وهو بكل أمر خبير،يبين الله للناس أن الله هو الأول والمراد السابق فى الوجود وهو الأخر أى الباقى أى الحى الذى لا يموت وهو الظاهر أى المعلن للأشياء وهو الباطن أى المخفى للأشياء وهو بكل شىء عليم والمراد وهو بكل أمر خبير محيط مصداق لقوله بسورة فصلت"أنه بكل شىء محيط".
"هو الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير"المعنى هو الذى أنشأ السموات والأرض فى ستة أيام وأوحى إلى الكون يعرف الذى يدخل فى الأرض وما ينبت منها وما يسقط من السماء وما يصعد إليها وهو عالم بكم أين ما وجدتم والرب بالذى تفعلون عليم ،يبين الله على لسان النبى (ص)للناس أن الله هو الذى خلق أى أنشأ والمراد"فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام فى ستة أيام والمراد فى مدة قدرها ستة أيام إلهية أى ستة آلاف سنة بحساب البشر ثم استوى على العرش أى أوحى إلى الكون والمراد قال للمخلوقات أنا ملك الخلق وهو يعلم ما يلج فى الأرض وهو ما يدخل فى جوف الأرض وما يخرج منها والمراد وما يصعد من الأرض وما ينزل وهو ما يسقط من السماء وما يعرج فيها والمراد وما يصعد إلى جوفها من أشياء وهو معكم أين ما كنتم والمراد وهو عالم بكم أينما وجدتم والله بما تعملون بصير والمراد والرب بالذى تفعلون عليم مصداق لقوله بسورة النور"والله عليم بما يفعلون "والخطاب وما بعده للكفار على لسان النبى(ص)
"له ملك السموات والأرض وإلى الله ترجع الأمور يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل وهو عليم بذات الصدور "المعنى له حكم السموات والأرض وإلى الرب تعود المخلوقات يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وهو خبير بنية النفوس،يبين الله للناس أن الله له ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض"كما قال بسورة آل عمران وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير أى تدخل المخلوقات مصداق لقوله بسورة الشورى"ألا إلى الله تصير الأمور"يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل والمراد "يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل "كما قال بسورة الزمر والمراد يزيل بظلام الليل تدريحيا بعض نور النهار ويزيل بنور النهار تدريجيا بعض ظلام الليل وهو عليم بذات الصدور والمراد وهو خبير بنية وهو ما فى النفوس مصداق لقوله بسورة الإسراء"وربكم أعلم بما فى نفوسكم ".
"آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير "المعنى صدقوا بالرب ونبيه (ص)واعملوا بما جعلكم حاكمين به فالذين صدقوا وأطاعوا لهم ثواب عظيم ،يخاطب الله الناس فيقول :آمنوا بالله ورسوله والمراد صدقوا بحكم الله المنزل على نبيه (ص)وهو الكتاب مصداق لقوله بسورة النساء"آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى أنزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل"وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه والمراد واعملوا بالذى جعلكم حاكمين به وهو الكتاب ،فالذين آمنوا منكم والمراد فالذين صدقوا بكتاب الله وأنفقوا أى وعملوا بحكم الله لهم أجر كبير أى ثواب كريم مصداق لقوله بنفس السورة "وله أجر كريم "وهو الجنة.
"وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين "المعنى وما لكم لا تصدقون بالرب والنبى (ص)يناديكم لتصدقوا بإلهكم وقد فرض حكمكم إن كنتم مصدقين ،يسأل الله الناس وما لكم لا تؤمنون بالله والمراد ما الذى يجعلكم لا تصدقون بحكم الرب والرسول وهو النبى (ص)يدعوكم أى يناديكم لتؤمنوا بربكم أى لتصدقوا بحكم إلهكم وقد أخذ ميثاقكم أى وقد فرض حكمكم وهو الإسلام عليكم إن كنتم مؤمنين أى مصدقين بحكم الله ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بوجوب الإيمان بحكم الله والعمل به والخطاب للناس وما قبله وما بعده.
"هو الذى ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم "المعنى هو الذى يوحى إلى مملوكه أحكام واضحات ليبعدكم من الضلالات إلى الهدى وإن الرب لكم لنافع مفيد،يبين الله للناس أن الله هو الذى ينزل على عبده آيات بينات والمراد الذى يلقى إلى مملوكه محمد(ص)أحكام مفهومات ليخرجكم من الظلمات إلى النور والمراد ليبعدكم عن العقوبات إلى الرحمة وإن الله بكم لرءوف رحيم والمراد وإن الرب لكم لنافع مفيد إن أسلمتم .
"وما لكم ألا تنفقوا فى سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير "المعنى وما لكم ألا تعملوا لنصر دين الله ولله ملك السموات والأرض لا يتساوى منكم من عمل من قبل النصر وجاهد أولئك أكبر سلطة من الذين عملوا من بعد وجاهدوا وكلا أخبر الرب الجنة والرب بالذى تفعلون عليم ،يسأل الله المؤمنين ما لكم ألا تنفقوا فى سبيل الله والمراد ما لكم ألا تعملوا لنصر دين الله والغرض من السؤال إخبارهم بوجوب نصر الإسلام بالمال ويبين لهم أن لله ميراث أى حكم أى "ملك السموات والأرض "كما قال بنفس السورة ،ويبين للمؤمنين أن من أنفق من قبل الفتح وقاتل وهو الذى عمل أى صرف ماله وجهده من قبل النصر فى مكة وجاهد العدو لا يستوى أى لا يتساوى مع من أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا وهم من عملوا للإسلام بعد نصر مكة وجاهدوا العدو ويبين أن الأوائل وهو المنفقون المجاهدون قبل الفتح أعظم درجة أى أكبر سلطة وهذا يعنى أن رؤساء المؤمنين كانوا يختارون من بين المسلمين المقاتلين قبل فتح مكة فقط وأما من بعدهم فلم يكن لهم نصيب فى الرئاسة وهى القيادة بسبب تأخر إسلامهم وكلا وعد الله الحسنى والمراد وكلا الفريقين أخبر الرب بدخول الجنة والله بما تعملون خبير والمراد والرب بالذى تفعلون عليم وسيحاسب عليه مصداق لقوله بسورة النور"والله بما تفعلون عليم".
"من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم"المعنى من ذا الذى يطيع الرب طاعة طيبة فيزيد ثوابها له أى له ثواب كبير ،يسأل الله من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا والمراد من ذا الذى يتبع حكم الله اتباعا مخلصا فيضاعفه له أى فيديم ثوابه له وفسر هذا بأنه له أجر كريم أى ثواب كبير والغرض من السؤال إخبار الناس بوجوب قرض وهو طاعة حكم الله للحصول على الأجر الكريم والخطاب وما قبله للمؤمنين .
"يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم" المعنى يوم تشهد المصدقين والمصدقات يظهر حسنهم أمامهم أى فى أيمانهم فرحتكم الآن حدائق تتحرك من أسفلها العيون مقيمين فيها ذلك النصر المبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأجر الكبير للمقرض يكون يوم يرى المؤمنين والمؤمنات والمراد يوم يشاهد المصدقين والمصدقات بحكم الله يسعى نورهم بين أيديهم والمراد يوجد كتاب أعمالهم فى أيديهم وفسرها بأنها أيمانهم وهى أيديهم اليمنى مصداق لقوله بسورة الحاقة"فأما من أوتى كتابه بيمينه"ويقال لهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد فرحتكم الآن حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة خالدين فيها أى "ماكثين فيها "كما قال بسورة الكهف والمراد مقيمين فى الجنة ذلك أى دخول الجنة هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير".
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس