عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-11-2008, 07:06 AM   #5
olaegy
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2007
المشاركات: 34
إفتراضي

مدام "س" انشغلت عن الحزن على زوجها بكم هائل من المشكلات المالية خلفها وراءه حيث كان يخفي عنها كل أموره المادية فضاعت الكثير من أمواله بين شركائه وعملائه , وهي تجري هنا وهناك تبحث في الظلام عن ثروته التي تعرف أنها كبيرة (حيث كان طبيبا مشهورا ورجل أعمال في ذات الوقت) ولكن لا تدري أين هي , ولا تجد أوراقا تثبت حقها وحق أبنائها وبناتها في هذه الثروة , وتنتابها مشاعر الغضب بجوار مشاعر الحزن تجاه فقيدها ليس فقط على الثروة الموجودة والمفقودة معا وإنما على علاقته بها والتي اتسمت بالإهمال والتجاهل , فلم يكن يهتم بها إلا وقت الفراش , ولم يكن يخبرها شيئا عن أحواله وأسراره , فقد كان لديه اعتقاد بأن معرفة المرأة بهذا تفسد الحياة . وربما لهذا ولأسباب أخرى تصر مدام "س" على الزواج بعد فترة وجيزة من موت زوجها , وقد أعلنت ذلك بلا تردد أمام أبنائها وبناتها , فصدموا جميعا وأحسوا بأن أمهم تخون ذكرى أبيهم الذي لم يمض على وفاته أكثر من سبعة شهور , وهم يعتقدون أن أباهم كان أفضل أب لهم وأفضل زوج لها , فكيف تفكر في الزواج من بعده ؟ , وأي رجل يمكن أن يدخل حياتهم فيقلبها رأسا على عقب ؟ , وأي أنانية لدى هذه الأم التي لا تستحي فتطلب الزواج لنفسها بدلا من أن تدبر أمر زواج أبنائها وبناتها وقد بلغوا سن الزواج فعلا ؟ , وأسرعوا إلى جدهم وجدتهم ليخبراهما بهذا "الجنون" الذي أصاب أمهم على حد تعبيرهم. ولم يقصر الجد والجدة في لوم وتقريع ابنتهما التي لا تراعي سنها (فقد بلغت الخمسين من عمرها) ولا تراعي مصلحة أبنائها (ولدين تخرجا من الجامعة وابنتين في الثانوية العامة ) , ولكنها لم تعر لذلك أي اهتمام وما زالت في رحلة البحث عن عريس تعوض معه ما فاتها مع زوجها , فهي لم تشعر طوال سنين زواجها أنها كانت امرأة , ولا يهمها رضى أبنائها أو أبويها , فهي - كما تقول - لا تفعل شيئا محرما بل ستتزوج على سنة الله ورسوله , وذلك أفضل من أن تنظر هنا وهناك أو أن تكون مطمعا للرجال (على حد قولها) خاصة وأنها جميلة وجذابة (هكذا تعتقد) . ومع هذه الرغبة القوية والمؤكدة في الزواج إلا أنها لم تنجح حتى الآن في تنفيذ هذه الخطوة رغم تقدم أكثر من رجل لها , فهي ما زالت مترددة إذ تخشى أن تخسر من حولها من أجل رجل لا تعرف مدى إخلاصه لها خاصة وأنها ستكون الزوجة الثانية - غالبا - لرجل متزوج (هكذا الفرص المتاحة لمن في مثل ظروفها) , أو أنه يطمع فيما تبقى لديها من ثروة زوجها , كما أنها تخشى أن ينبذها أبناؤها من حياتهم إن هي تزوجت , ولكن يبدو أن شعورها بالحرية في مسألة الزواج يريحها ويجعلها تشعر بأنها مازالت قادرة على مواصلة الحياة وأنها ليست فقط "زوجة المرحوم" أو " أرملة المرحوم" أو "أم الأيتام" أو "أم العيال" . ومما يزيد من إصرارها معرفتها بما كان لزوجها من علاقات وصلت إلى حد الزواج العرفي ربما لأكثر من مرة , وهي لا تريد أن تبوح لأحد بما عرفته حتى لا تحطم صورة الأب في عيون أبنائه ولا تشمت بها أعدائها .
__________________

olaegy غير متصل