عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-06-2010, 08:57 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

الكِلابُ ..
الذينَ يَمُرُّونَ من عَظمِ هذا الشَّهيدْ
لِذاكَ الشَّهيدْ
بِنَفْسِ النَّشيدْ
وهُمْ يَمْسَحونَ البَلاطَ
لِقصرِ المَلِيكْ
بِدَمِّ الشَّهيدِ الذي يَفتَديكْ
الكِلابُ
الذينَ يَنامونَ لَيلاً
بِتَلِّ الجَماجِمْ ،
وبَينَ الجُثثْ ..
ولا تَكْتَرِثْ
فَنادِقُهم من عِظامي ولَحمِكْ ،
ودَمِّ أخيكْ
والطَّعامُ الذي يَأكُلُونَهُ
مِن لَحْمِ أُمِّي ، ولحمِ أبيكْ
هُم يَعْرِضونَكَ للبَيْعِ دَومًا
لِمن يَشتريكْ
يُريدُونَ منْكَ تَمُدُّ يَديكَ
لِهذا السَّلامِ المُدَنَّسْ ..
تَكونُ الشَّريكْ
الكِلابُ
الذينَ يَمرُّونَ مِن أرضِ" بَحرِ البَقَرْ" ،
إلى أرضِ" صَبْرا "،
لأرضِ "جِنِينْ"
يَدوسونَ فَوقَ الشهيدِ المُلثَّمْ
بِشَكلٍ مُهينْ
يَدُوسونَ أرضًا ، وعِرْضًا ،
ورَمْزَ الوطنْ
يُخَطُّ بِصوتِ الرَّصاصِ المُقَدَّسِ
فَوقَ الجَبينْ


بالنسبة للصور ..هناك بيئة تصوير موحدة العظام والكلاب والدلالة واضحة لا تحتاج لتوضيح .. ورغم أن العظام لا نفع لها
في الغالب لكنها في هذه القصيدة تكتسب قيمة تعادل آلاف اللحوم .. والدليل على ذلك أن الكلاب يمرون من بينها
لأنها عظام قوية متينة يستطيع الكلاب الاختباء بها .. والنشيد دلالته على الشعارات الكثيرة والمكررة الكاذبة ..
ركز معي قليلًا أستاذي العزيز :
الاتكاء على تيمة التكرار لكلمة الكلاب كان موفقًا فهذا تعددت فيه المعنيون بالوصف لأنهم تارة الحكام العرب وتارة يعني بني إسرائيل
وتارة الإعلام المضلل الوهمي المزيف
فَنادِقُهم من عِظامي ولَحمِكْ ،
ودَمِّ أخيكْ
تعبير متكامل عن البناء البناء الإسمنتي في مواجهة البناء البدني فكما أن الفندق طوب وأسمنت ورمل ومعدن ..إلخ فالإنسان من لحم ودم وعظم فكان جيدًا جدًا تصوير العظام واللحوم والدماء بأنها الأساس لبناء الفنادق لأن الفنادق مرتفعة وتحتل مساحات واسعة وبلا شك ما يقصده الشاعر كثرة الدماء التي أسيل وكثرة الأرواح المزهقة .
وكلمة فنادق غير قصور ففنادق للإقامة المؤقتة بعكس القصور والتي هي لأهل الإقامة وهنا يبدو الألم عندما تكون كل هذه الدماء من أجل بناء يتغير صاحبه وهذا البناء هو الملك بضم الميم الملك الزائل المضطرب القابل للإزالة في أي لحظة لدخول نزيل جديد حاكم جديد .
وهذا المقطع أشعر فيه روح أمل دنقل لما قال أسيف الغريب كسيف أخيك وهل تستوي يد سيفها لك بيد سيفها قد أثكلك؟
ولفظة بشكل مهين أراها تقريرية كان من الأحسن تغييرها بما هو أكثر ملائمة.

النوافير تبكي دماءً ... تعبير راقني بشدة وفيه تبدو المفارقةبالمقارنة مع الملعونين الضاحكين واستخدام اللحوم كنذر كان في هذه الحالة موفقًا لأنه لحم بشري وليس بقريًا .سَتبْقَى تُحاوِلْ
أجْمَعُ الآنَ مِنْ كلِّ طِفلٍ حَجَرْ
وأبْنِي مَدينةْ
لأصنَعَ إكْلِيلَ زِينَةْ
لَسْتِ أنتِ الحَزينةْ
تعبير في غاية التكامل والتعبير عن حالة الدم السائل بشكل لا آخر له ولكن مفارقة غير موفق فيها أن الحجر لا تصنع من الأكاليل حتى على سبيل الكناية الموقف والجو النفسيان يختلفان بشكل كبير .

أحْرُثُ البحرَ وَحدِي ولا تَشْعُرونْ
أجلِسُ الآنَ بَينَ الضَّحايا
لأجْلِ انتِظارِكْ
مَنْ سَيَدفِنُ قَتلاكِ غَيرُكْ
ومَن ذا يُبرِّدُ في الغَدِ نارَكْ ؟
غَيرُ هذا الصَّغيرِ الذي سَوفَ يُولَدُ
مِن رَحْمِ تِلكَ المَجازِرْ
وبينَ يَديهِ بَعضُ الحِجارةْ
ليَرجُمَ عارَكْ
تعبير جميل للغاية وإن كان مكررًا لتعبيره عن هذه الاستحالة من نداء الصم البكم الذين لا يعقلون أحرث البحر وحدي من سيدفن قتلاك غيرك فيه تقارب من نص البحر والبركان لأحمد عبد المعطي حجازي
الموت كنه أنت فهو فتى بسنك يرتدي ذات الثياب
من من الموتين يغلب من يذود عن التراب
يولد الطفل والحجارة في يده هنا بالذات بدأت تباشير الفجر الذي تلمحه وهنا الدليل البين على حالة التمرد ومدى الشجاعة طفل يولد والحجارة في يديه تعبير اختزل الكثير من المعاني الخاصة بالتنشئة ونقل الإرث السياسي ، والهوية والقيم ....إلخ
وقب الانتقال لنقطة جديدة أشيد بشئ في القصيدة وهو أنك لم تذكر تقريبًا فعلًا ماضيًا مما يدل على استمرارية حالة الضعف والوهن ومع ذلك مازالت الآمال موجودة رغم عدم موت هؤلاء الأوغاد بعد ودفنهم في مزابل التاريخ .. استخدام الفعل المضارع وقلة الفعل الأمر شيء رائع من أكثر ما في القصيدة من جماليات فأنت في منطقة لا تسب الأموات ولا تتشدق بالخطابة المتمثلة في الفعل الأمر .
إنَّني قَادِمٌ أحمِلُ الآنَ
أحلامَ أمَّةْ
وَجيلٌ فجيلٌ سَيَتْبَعْ ..
خُطايَا
عَلِّقيني لأجْلِكْ
على أيِّ مِئذَنَةٍ تَرغَبينْ
فَجِّريني لأُصبِحَ كُلِّي
شَظايا
لأفْرِشَ أرضَكْ
وأُصْبِحَ سِجَّادَةَ القادِمينْ
لأرضٍ سَتولَدُ بَينَ الحَنايا
توظيف الصورة الخالدة للمآذن كان جميلاً وسجادة القادمين تعبير رائع عن الحالة من العظمة والجد المنتظرة رغم هذا الحزن الطويل .
الحمير الذين يلوكون هذا الكلام ...
فكأن هذا الكلام برسيم وطالما يأكلون فلابد أنهم سيبولون ويغوطون حالة دائرية من الاستمرارية في الوهم .


فيا عَذْبَةً مِثلَ ماءٍ زُلالْ
ورائعَةً مثلَ هَمسِ الخيالْ
اجعَليني قِبابْ
أذِّني فِيَّ عَلِّي ..
أطولُ السحابْ
أغرِسُ العَلَمَ المخْمَلِيَّ
على كُلِّ بابْ
عَلَّني في الترابْ
ألْتَقي الشُّهداءَ
الذينَ يَقولونَ عنهُمُ :
صاروا تُرابْ
إنَّهم قادِمونَ لكي يُقْتَلوا ،
وكي يُبعَثُوا
لِيَومِ الحِسابْ
فافْتَحي كلَّ بابْ
إنَّني أرْقُبُ الآنَ فَجرًا
قَوِيًا ، فَتِيَّا
عَنيدًا ، أبيَّا
بِرَغْمِ الرُّكامِ ..
وَرَغْمِ الخَرابْ

ها هنا التفاؤل رغم الخراب والدمار والصور الجميلة جاءت لتأكيد حالة الأمل القادم بإذن الله
أغرس العالم المخملي على كل باب وليس نافذة لأن الشاعر متأكد من قضيته لا يدخل من النوافذ بل وجهًا لوجة صراحة من الأبواب
الأعلام كأنها الضيوف التي سوف يستقبلها الأشخاص فجرًا جديدًا. وكان تعبيرك هذا :
التَّوابيتُ تَجلِسُ فَوقَ المَقاهي
التَّوابيتُ تَبْقَى هُنا
في انتِظارِ الضَّحايا


له روعته في الجمع بين شتيتين متناقضين لكنهما يجمعهما شيء واحد وهو البلادة ، فكما أن التوابيت دليل على الموت ، والمقاهي للهو ، إلا أن الذي يجعلهما على أرضية واحدة هو انتظار الضحايا والتواطؤ .كذلك تشبيه هذه الأنماط البشرية الدنيئة بالتوابيت كان تعبيرًا عبقريًا عن سلبيتهم وعدم وجود جدوى منهم غير أنهم مع هذه السلبية لهم سلوك ذو فعالية وهو التواطؤ ، وقمة السوء حينما تغدو الأصنام متواطئة فلا هي اكتفت بالصمت وأراحت من خستها ولا هي تحركت للنصرة.وبئس التوابيت ..



بالنسبة للموروث الثقافي .. فكلمة السلام خيار استراتيجي جاء استخدامك للفظ بشكل عكسي سلام الخيار موفقًا للتعبير عن عبثية الحالة التي نعيشها وإن كنت أرى هذه السخرية في جو ملئ بهذه الحالة من الغضب ربما سبب ازدواجية في الحالة الشعورية وجعل القارئ متوقعًا شيئًا كوميدياً.
كذلك المجادلة لأحمد شوقي كلنا في الهم شرق .. زفت وطينة وإن كنت لا أراهما في صالح النص الملئ بالغضب.
لفظة دراويش السلام في مواجهة دراويش الدين كانت ذات دلالة مبكية والمفارقة في أن يكون لابسًا عباءة الدين من لا دين له .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 17-06-2010 الساعة 09:09 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس