عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 13-07-2023, 07:44 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,996
إفتراضي نقد كتاب الأحكام المتعلقة بالطيران وآثاره

نقد كتاب الأحكام المتعلقة بالطيران وآثاره
المؤلف فايز بن عبد الكريم الفايز وقد تحدث الإحرام في الطائرة وكونه نوعين فقال:
"الإحرام في الطائرة؛ وفيه فرعان:
الفرع الأول: من أين يحرم القادم بالطائرة؟
مجال سير الطائرات هو الأجواء الهوائية لا الممرات الأرضية، وهل المرور في السماء، هو بمنزلة المرور على الأرض أم لا؟
فإن قيل: لا يشبهه في الحكم؛ فلا يلزم منه الإحرام في الجو وذلك لأنه لم يتجاوز الميقات، بل يصبح إذا هبط في محيط المواقيت أي دونها وأقرب منها إلى مكة ميقاتيا، فيحرم حينئذ من مكانه الذي هبط فيه لقوله (ص)((من كان دون ذلك فمهله من أهله))
وإن قيل: هو مثله؛ لزم المار في الجو ما يلزم المار بالأرض أو محاذاته.
وبحكم أن هذه المسألة من المسائل النازلة فللعلماء المعاصرين فيها قولان:
القول الأول:
أن المرور الجوي كالمرور الأرضي سواء بسواء، وأن المار بسماء الميقات يلزمه ما يلزم المار بالميقات.
وبهذا قال أكثر العلماء المعاصرين، ومنهم: أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: عبدالعزيز ابن باز ، وعبدالرزاق عفيفي، وعبدالله بن قعود ، وعبدالله بن غديان . وأعضاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالأغلبية، ومنهم: عبدالله بن حميد ، ومحمد العثيمين وبكر أبو زيد، ووهبة الزحيلي .وغيرهم غفر الله لهم.
القول الثاني:
المرور بسماء الميقات لا يعد كالمرور بأرضه وليس مثله في الحكم.
وإلى هذا ذهب بعض العلماء المعاصرين، منهم: الطاهر بن عاشور ، وعبدالله بن زيد آل محمود ، ومصطفى الزرقا وعبدالله بن كنون وغيرهم غفر الله لهم."
والحقيقة أنه لا يوجد مواقيت أرضية كما لا وجود لما يسمى الإحرام في كتاب الله فالنية والاستعداد تكون من أى مكان وهو الفج كما قال تعالى:
" يأتوك رجالا وعلى كل ضامر من كل فج عميق "
ومن ثم لا وجود لما اخترعته الروايات من مواقيت مكانية خاصة أن تلك المواقيت معدودة أربعة أو خمسة وهى لا تكفى كل الجهات ومن ثم اخترع الفقهاء من عندهم مواقيت للجهات الأخرى كرابغ
وتحدث عن أدلة الفريقين :
"أدلتهم:
استدل أصحاب القول الأول القائلون أن المرور الجوي كالمرور الأرضي سواء بسواء بما يلي:
1 - اللغة، ووجه الدلالة فيها من وجهين:
الأول: من مر بسماء القرية أو المحلة أو المدينة فقد مر بها، وهذا واضح كل الوضوح، ودال أوضح الدلالة على أن المار بسماء الميقات مار بالميقات.
فيقال: مر الطير الفلاني بكذا يعني بسمائه، وكذا الطائرة .
الثاني: لفظ: ((من أتى عليهن)) معجز في الدلالة على المرور في سماء الميقات؛ لأن لفظ (على) تدل على العلو والارتفاع مهما بلغ، فيشمل حينئذ راكب الطائرة وغيرها .
2 - من السنة: حديث ابن عباس قال: ((وقت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن))
وجه الدلالة:
لفظه يشمل المرور في سماء الميقات .
3 - التخريج على أقوال الفقهاء:
يشتهر عند الفقهاء بلا خلاف الهواء يتبع القرار في مسائل ، وقد دل على معناه قول الله تعالى: { ... الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} .
وفرعوا عليه مسائل، منها: من ملك أرضا ملك سماءها ، والمصلي فوق جبل أبي قبيس - وهو علو الكعبة - يكون مصليا إلى الكعبة والواقف فوق جبل أو على شجرة في عرفة واقف بها وهواء المسجد منه
4 - القياس: المقصود الأكبر في الميقات هو البعد عن مكة وسماء الميقات مثله في البعد أو هي أقرب الأشياء إلى الميقات من جهة السماء، فهي مثله في الحكم.
ولهذا المعنى لا خلاف في جواز الإحرام من محاذاة الميقات إذا كان مثله في البعد
إلى مكة ولم يتمكن من القدوم عليه .
5 - سماء الميقات مثل أرضه لم يفرق الشرع بينهما، ومن ادعى الفرق فعليه أن يأتي بالدليل، ولا دليل .
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون المرور بسماء الميقات لا يعد كالمرور بأرضه وليس مثله بما يلي:
1 - المحلق في السماء لم يصل إلى الأرض، فلا يعد واصلا إلى الميقات
واعترض عليه:
بأن اشتراط مماسة أرض الميقات لا دليل عليه في ألفاظ الشريعة، ولا مقاصدها، ولا تسنده اللغة .
2 - الميقات الذي حدده رسول الله (ص)هو الميقات الأرضي لا الجوي ، بدليل أن هذا هو المعروف في عهد النبي (ص)والصحابة ولم يفهموا إلا هذا، فلا نحدث فهما آخر أوسع منه.
واعترض عليه:
أ - بأن ادعاء أن هذا مراد رسول الله (ص)فقط باطل، لأنه مجرد دعوى، وحال رسول الله (ص)لا يدل على تقييد كلامه بوقت؛ لأنه (ص)رسول البشرية إلى قيام الساعة،وهو المؤيد بالوحي من ربه ، {وما كان ربك نسيا} .
ب - فهم أصحاب النبي (ص)هو توسيع دلالة المعاني الشرعية بحسب ما تقتضيه اللغة وما يتجدد من وقائع - ومنه: قول: عبدالله لامرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وما لي لا ألعن من لعن رسول الله (ص)(يعني قوله: لعن الواشمات والمستوشمات .. الخ) وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأته لقد وجدته، قال الله عز وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} .
ومثل هذا الفهم يتوافق تمام الاتفاق مع القول بأن راكب الطائرة إذا مر بسماء الميقات ولم يحرم منها أثم بتركه الإحرام من الميقات، لقوله (ص)((هن لهن ولمن أتى عليهن)) ولقول ابن تيمية - رحمه الله -: (فهذا الذي حملته الجن إلى عرفة قد ترك ما أمره الله به قبل الوقوف) - يريد الإحرام من الميقات لأنه مر بسمائه.
3 - قول أكثر الفقهاء: من لم يمر بالميقات ولا بمحاذاته يحرم على بعد مرحلتين
من مكة، نخرج على كلامهم:
القادم في الطائرة لا يمر بالميقات، ولا محاذاته، فيحرم على بعد مرحلتين من مكة، ومطار جدة يزيد في البعد عن مكة مرحلتين فيجوز الإحرام منه.
واعترض عليه:
بأن مسألة المرور الجوي لم تكن في تصور الفقهاء، فلا يحمل كلامهم على مقصودها .
والمرور الجوي من خارج الميقات لا تعدو أحكامه أحكام المرور الأرضي على الصحيح، لانطباق كلمة المرور عليه لفظا ومعنى كما سبق . وعلى فرض أن المار بسماء الميقات لم يمر به حقيقة، فهو مثله في الحكم وذلك لكونه محاذيا له ."
ورجح الفايز القول الأول مع أنه لا يوجد دليل على شىء لأن لو كان هناك وحى فسيكون هناك مكان للقادمين من الغرب من جهة مصر الحالية أو حتى من مكان عمان وهو ما بين نجد واليمن وقال في الترجيح:
"الراجح:
ما ذهب إليه أصحاب القول الأول لقوته وإمكان الرد على أدلة القول الثاني. ... وعليه فإن من يمر بسماء الميقات فيجب عليه الإحرام إذا كان مريدا النسك لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
((هن لهن ولمن مر عليهن)) وإلا كان آثما لأنه إما أن يكون داخلا في النص حقيقة أو في معناه.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس