الموضوع: مؤازرة
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-03-2009, 03:25 PM   #16
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(7)

كانت قاعة الاجتماعات التي حجزها أصحاب هذا التوجه، قاعة واسعة يستطيع القائمون على تنظيم الاجتماعات فيها أن يجعلوها تستوعب ألفان من المجتمعين، كما أنه بالإمكان جعلها أن تكون قاعة كقاعة مؤتمرات رفيعة. فلم تثبت بأرضيتها مقاعد الجلوس، بل كانت تترك لتقدير المنظمين لمثل تلك الاجتماعات.

تم رص العديد من المناضد بجانب بعضها، لتكون مستطيلا أضلاعه من المناضد، ووضعت مقاعد متحركة من الجهة الخارجية للمناضد، تستوعب مائتين من المجتمعين، في حين كانت الأضلاع الداخلية بلا مقاعد، ليكون المستطيل الداخلي فارغا من المقاعد والحركة. ووضعت ملاءات بيضاء على المناضد لتبدو وكأنها منضدة واحدة عملاقة.

كان هناك مجموعة من المنظمين، يلمحون دخول الحضور فيرافقوا الأشخاص ليوصلوهم الى مقاعدهم التي تم الاتفاق عليها مسبقا، بحكم التجربة وبحكم مكانة وأهمية الأشخاص.

وزعت دوارق المياه وأكوابها، والحواكي (مايكروفونات الصوت) على المناضد بعناية، كما تم توزيع كراسات بيضاء فارغة مع أقلام حبر جافة.

وما هي إلا عشرة دقائق أو تزيد قليلا، حتى امتلأت المقاعد بالجالسين، وقد ازداد عدد الحضور عن عدد المقاعد المتحركة التابعة للمنضدة العملاقة، فطلب المنظمون إضافة مقاعد تبعد عن المنضدة العملاقة بخمسة أمتار تقريبا، لتستوعب الحضور الإضافيين.

كان من بين الحضور، وزيران سابقان وستة وكلاء وزارة، منهم واحد لا يزال على رأس عمله، وكان أكثر من عشرين مديرا عاما، لا يزال قسم منهم على رأس عمله.

كما كان من بين الحضور سبعة فصائل سياسية، تُحسب على هذا الخط، قسم من تلك الفصائل ليس له من أعضاء النقابة إلا خمسة أعضاء.

كان رقم (1) في تسلسل أعضاء النقابة حاضرا، كما كان من بين الحضور من كان رقمه أكثر من عشرة آلاف.

(8)

جاء سلمان متأخرا بضعة دقائق، فلم يحظَ بمقعد من تلك التي تؤطر المنضدة العملاقة، فجلس في مكان يستطيع من خلاله رؤية من على المنضدة كاملين.

ساوره الشك في تعريف تلك الخلطة العجيبة من المجتمعين، فهي في نظره ليست حزب ففيها من المتشددين حزبيا وفيها من أنصار الدولة التي لا تتفق مع هؤلاء المتشددين.

وليست جماعة (جبهوية) تلتقي على محور من المطالب الرئيسية وتختلف في نقاط ثانوية، آثرت تنحيتها من أجل الهدف الجبهوي.

وليست جماعة نقابية، فكل نقابة لها طرفان: طرف يمثل أرباب العمل وطرف يمثل العاملين، وفي هذا الاجتماع يلتقي الوزراء ووكلائهم مع العاملين.

وليست جماعة جهوية، فهناك أعضاء من مختلف أقاليم البلاد، فلا يمكن تقديم مصلحة جهة على جهة.

وليست جماعة دينية، ففيها من كل الطوائف والأديان، وفيها من يواظب على صلواته الخمس في المسجد، وفيها من لم يصم يوما واحدا.

حاول سلمان أن يقوم بتسلية نفسه، في اختراع أشكال مماثلة لهذا التحرك، فقارنها مع العشائر ووجد أوجه شبه كثيرة، وقارنها مع الدول العربية في مؤتمراتها فوجد أوجه شبه كثيرة، فيجلس ما يسمى بمعسكر الممانعة مع ما يسمى بمعسكر الاعتدال.

قطع تفكير سلمان نقرات أصابع أحدهم على (الحاكي)

(9)

كان المتحدث، رقم (1) في النقابة، وكان اختياره مخرجا مرضيا لجميع الأطراف، وهو نهج دأبت عليه مثل تلك الاجتماعات.

ذهب المتحدث بعيدا، في حديثه عن نشأة النقابة قبل قرابة ثلاثة عقود، وكم كان عدد الأعضاء وكم أصبح الآن، وعن الإنجازات التي تحققت، وعن الراتب التقاعدي، وصندوق التكافل، وما الى ذلك من مواضيع حيادية لا تمت الى حرارة التعبئة العامة للمعركة الانتخابية بصلة.

كان الحضور يستمعون إليه، كاستماع أُمِيٍ لإذاعة (قبرص)، كانوا يعتبرون كلامه طقسا من طقوس الاجتماعات الواجبة، ولكنه كنوبة لا بد من احترامها.

(10)

أخذ الحديث، آخر نقيب للنقابة من هذا التوجه، وكان وكيلا للوزارة. كان يعلم كم هو اجتماعهم مشاعا، فلم يحب أن يُنسب عنه أنه تطرق بسوء لأي شخص أو جهة حاضرة كانت أم غائبة، حتى لو كانت تلك الجهة (ساحل العاج). كان كلامه كمواضيع المسلسلات التي تنتج في دول الخليج، يطمع منتجوها أن توزع في كل البلدان العربية، فيحرصون أن لا تمس بأذى أي دولة أو شعب.

قاطعه أحد الحاضرين بقوله: كلنا يعلم أنه ليس من الممكن لأبناء هذا التكتل أن يغير مكانه وينتقل للتكتل الآخر، فلماذا تلك التورية بالحديث ولماذا تلك الإطالة؟ نحن أتينا من مدن بعيدة، وكنا نتوقع أن تكون أسماء المرشحين جاهزة، فإن كانت كذلك فأطلعونا عليها، وإلا دعونا نبحث في ذلك مباشرة.

ضحك (قمر الدين) وهو يعلم أن أسماء المرشحين لا تناقش في مثل تلك الاجتماعات الموسعة، بل تناقش في اجتماعات ضيقة ويتم الاتفاق عليها من خلف الكواليس. ولكنه حاول أن يعرض نفسه كبريء ويتعاطف مع ذلك المعترض. فقال: (يا جماعة أنا مع هذا الرأي، من أراد ترشيح نفسه فليتقدم الى هذا الاجتماع بطلب لترشيح نفسه، دعونا ننتهي من تلك المسألة)

حاول أحد أصدقاء (قمر الدين) التعديل على الاقتراح، فطلب تشكيل لجنة من الحضور لاستقبال الطلبات وتنقيحها بالاتفاق عليها ثم عرضها على اجتماع لاحق. وتم ذلك.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس