عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-05-2014, 02:17 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الآثار الملموسة للإنترنت على أجيال العرب الصاعدة

قبل عشرين عاماً احتفلت (إنترنت) بمرور ربع قرن على تأسيسها، حيث أسست عام 1969، وقد أُعلن في ذاك الاحتفال (عام 1994)، أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم بلغ ثلاثة ملايين مستخدم. واليوم وبعد مرور عشرين عاما على الاحتفال أصبح عدد مستخدمي (الإنترنت) في العالم 2.3 مليار مستخدم.

وعلى صعيد منطقتنا العربية، فقد دخل (الإنترنت) تونس كأول بلد عربي عام 1991، ثم تلتها الكويت عام 1992، ثم مصر والإمارات عام 1993، ولبنان والمغرب عام 1994، فقطر وسوريا عام 1996، ثم السعودية عام 1999 وهكذا.

لقد تضاعف عدد مستخدمي الإنترنت عالميا ست مرات من عام 2000 حتى عام 2011، في حين تضاعف 23 مرة في المنطقة العربية لنفس الفترة. واليوم تحتل الإمارات العربية المركز الأول بين الدول العربية من حيث نسبة المستخدمين للإنترنت حيث تبلغ 71% تليها السعودية بنسبة 60% ثم المغرب بنسبة 35% ثم مصر بنسبة 25% فالعراق بنسبة 23%. وأن إجمالي أعداد مستخدمي الإنترنت من العرب كانوا 77 مليون في نهاية عام 2011.*1

اسأل عنها (جوجل )

في عام 1996 تقدم شابان أمريكيان هما (لاري بايج المولود عام 1973) وزميله (سيركي براين) بمشروعهما (تدليك الظهر Back Rub) مستخدمين نظاما معقداً من (الخوارزميات)، ثم غيرا اسم ذلك المشروع بعد نجاحه الى (مائة صفر بعد الواحد) (يعني: إذا الألف واحد وثلاثة أصفار، والمليون واحد وستة أصفار، والتريليون واحد و12 صفر، فمشروعهما واحد و100 صفر) ثم استثقلا الاسم فسمياه (جوجل) لتسأل بعدد أصفاره بعد الواحد فيجيبك. وما هي إلا سنوات بسيطة حتى أصبحا من أغنى أغنياء العالم، حيث بلغت ثروة كل منهما 16.3 مليار دولار.

نحن نسأل، ومحرك البحث (جوجل) يجيب، والشابان استفادا من موهبتهما استفادة هائلة حيث نقلتهما الى مصاف جعلتهما من بين أهم خمسين شخصية عالمية، لكن عن ماذا يُسأل محركهما في بلادنا؟

اهتمامات الناس بالإنترنت

قبل أكثر من أربعين عاماً، عندما كنا نستخدم قاموس (عربي: إنجليزي)، في الدراسة الجامعية، كنا ونحن نبحث عن معنى كلمة، نسرح في الفرجة على الصور، أو التوقف عند كلمات لم نكن نبحث عنها ـ أصلاً ـ فكنا نضيع من الوقت مما كان يؤثر على طبيعة فهمنا وإنجازنا لتكملة درسنا.

واليوم، وليس في بلادنا العربية فقط، بل في كل أنحاء العالم، فإن الإنترنت غالباً ما يعيق الموظفين والباحثين والطلاب، لإشباع فضولهم، أو جعلهم يفسقون خلسة، أو أن يختاروا ألعاباً تلهيهم عن عملهم وأدائهم لأدوارهم بشكل إنساني. فقد يدخل أحدنا على مدير وظيفي(في غرفة لوحده) لتوقيع معاملة، أو لسؤاله عن شيء فيجفل ذلك الموظف، ويقوم بحركات لا تساعد في تلبية طلب من راجعه.

تعاني كثير من شركات العالم من تأثير الإنترنت على أداء موظفيها، حيث انخفض انخفاضاً ملحوظاً، لانشغال الموظفين بقضاياهم الشخصية، أو حتى الوصول الى مواقع مشبوهة. وأورد تقرير إدارة استشارات شبكة (Management consultant web sense) مفاده أن أكثر من رُبع الشركات البريطانية قامت بفصل موظفين لإساءتهم استخدام الإنترنت في الشركة، وقد جاء استعراض المواقع الإباحية في الدرجة الأولى، تلاه برامج المحادثات(Chat) ثم البريد الإلكتروني. وفي البلاد العربية، وجدت دراسة أن 93% من مستخدمي الإنترنت في مستشفى خاص، استخدموه استخداماً غير محمود أخلاقياً، و4% لأغراض مختلفة و3% للبحث العلمي.*2

المنتديات، والتواصل الاجتماعي

بعد بدايات الربيع العربي، سلط التقرير العربي الرابع الصادر عن مؤسسة الفكر العربي*3 الأنظار على دور (الإنترنت) في تشكيل صورة الشباب العربي الثقافية، فرصد مواقع المنتديات والمدونات في الدول العربية، والتواصل الاجتماعي (الفيس بوك نموذجا) وتعليقاتهم، وأهم الموضوعات التي يتناولونها، ومدى شعبية تلك الموضوعات. واتخذ التقرير للمقارنة الجهود الثقافية التقليدية (كتب) ففي حين كانت إصدارات الكتب المنشورة عام 2010 في مصر مثلاً (11986) كتاباً منها (50) كتاب فقط من تأليف الشباب (دون 35 سنة). وفي سوريا ولبنان صدر (949) كتاباً، كان منها (37) كتاب من تأليف الشباب.

وقد ظهرت نتائج مراقبة الكتابات والمحادثات في (الإنترنت) أن هناك أزمة في موضوع اللغة العربية الفصحى، إذ وجد في (9) أقطار عربية أن 53% لا يحسنوا استخدام اللغة العربية، بل يخلطون كلماتها بكلمات من لغات أخرى.

وكانت أهم اهتمامات الشباب في الإنترنت تتلخص في عدة محاور: فكانت القضايا الدينية تتصدر مواضيع المدونات؛ وفي الفيس بوك تتصدر الخواطر والمشاعر الشخصية المواضيع؛ وفي المنتديات تتصدر الأفلام السينمائية والأغاني جميع الاهتمامات.

كانت القضية الطائفية متصدرة لنشاط المنتديات العراقية، وأقل المنتديات اهتماما بها هي لبنان وليبيا والسودان. وكانت إسرائيل من أقل المواضيع المهتم بها عدا في العراق ولبنان. وكانت المواضيع الاقتصادية تتصدر الاهتمام في قطر. أما قضية حقوق الإنسان فكان ترتيبها 38 بين القضايا في المنتديات العربية كلها!، وتتنافس كل من القضايا الدينية والأفلام والأغاني على صدارة الاهتمام في جميع البلدان العربية.

في (الفيس بوك) تم رصد (155ألف) مشاركة، كانت المطالعات والتعرض لها (مليار و527 مليون مرة)، ومرات الإعجاب 427ألف مرة. هذا عام 2010.

ويثني التقرير على جهود الشباب والأثر الذي تتركه في المجتمع العربي، ويرد التقرير على من تهكموا على جهود الشباب حينما وصفوها بقطعة حرير تهفهف على صخرة صلبة، فأجاب التقرير بأنها (أي جهود الشباب) صخرة تحفر بصخرة أقل صلابة منها.

خلاصة

لا شك، أن الإنترنت يحمل الخير ويحمل الشر، ولا شك أن نسبة المستفيدين منه في بلداننا العربية هم قلة، ولكنها كقلة الملح في الطعام، أو قلة الخميرة في العجين، بإمكانهم أن يساهموا في صناعة مستقبل الأمة بشكل مرضي، فلا يتطير المتطيرون من حجم اللغو الكبير غير المفيد، فمن بين هذا الحجم سينبثق من بين الشباب ما يبشر بظهور قيادات نافعة.



هوامش

*1ـ موقع (إنترنت وورلد ستاتس).
*2ـ المجلة العربية للدراسات الأمنية/المجلد 19/ العدد38/صفحة 374.
*3ـ تقرير يصدر عن مؤسسة الفكر العربي في بيروت التي يترأسها الأمير خالد الفيصل ومن أعضائها مفكرون عرب مثل أيمن الصياد رئيس تحرير وجهات نظر ومستشار الرئيس مرسي، وحنان القصاب عميدة المعهد المسرحي السوري، وعدنان مدانات من مؤسسة شومان وآخرون.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس