عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-09-2018, 02:34 PM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,966
إفتراضي هل عبد الله بن المقفع ملحد أم مؤمن؟

ملاحدة أم مؤمنون؟
الملاحدة تعبير يطلق على منكرى الوجود الإلهى وبالطبع تعبير الإلحاد فى القرآن لا يدل على هذا المعنى الشائع فهو يدل على الكفر كما يدل على الغموض
الغريب هو أن الغرب من خلال كتابه وتلاميذهم فى بلادنا ادعو وجود ملاحدة بالمعنى الشائع فى التاريخ المعروف عندنا وذكروا أسماء ابن المقفع وجابر بن حيان والرازى وابن الراوندى والمعرى وأبو نواس
ومن يراجع كتب هؤلاء الملاحدة سواء كانت موجودة كاملة أو شذرات منها لا يجد أحد منهم ينكر وجود الله بل يعترفون بوجود الله ولكن المشكلة فى زعمهم تتمثل فى التكذيب برسالات الرسل أو فى وجود الرسل وهو كلام يخالف الموجود فى كتبهم
إذا نحن أمام حالات مؤمنة بوجود الله كخالق ولكن مشكلتهم حسب زعم الكتاب أنهم يعتمدون العقل بدلا من الوحى المنزل كمشرع فهم كافرون بالوحى المنزل
عبد الله بن المقفع:
واحد من هؤلاء القوم والكتب التى قرأتها له كترجمة كليلة ودمنة والدرة اليتيمة لا تدل على ما ذهب إليه القوم
ومن تلك النصوص فى كليلة ودمنة
" واتصل الخبر بتلاميذه فجاءوه من كل مكان، فرحين بما جدد الله له من جديد رأي الملك في بيدبا؛ وشكروا الله تعالى على توفيق بيدبا في إزالة دبشليم عما كان عليه من سوء السيرة، واتخذوا ذلك اليوم عيداً يعيدون فيه فهو إلى اليوم عيدٌ عندهم في بلاد الهند"
والغريب فيما كتب ابن المقفع أو فيما نسب له من كتب هو أنه لا يذكر فى كتبه شيئا من القرآن ولا مما ينسب للنبى(ص) من حديث حتى وإن أخذ المعنى منه وهو أمر يذكرنا بأمور منها:
- أن من لا يستشهدون بالوحى هم الفلاسفة فى الكتب التى يسمونها فلسفية
- أنه يذكر الله تعالى فى مواضع قليلة
- أن كتب الرجل تتناول مسائل معينة قليلة مثل الكلام عن واجبات ومهام الحكام والصديق
نجد عبد الله يتحدث عن صاحب الدين وعلم الأولى والآخرة فى قوله:
"قال عبد الله بن المقفع وجدنا الناس قبلنا كانوا أعظم أجسادا وأوفر مع أجسامهم أحلاما واشد قوة وأحسن بقوتهم للأمور إتقانا وأطول أعمارا وأفضل بأعمارهم للأشياء اختبارا فكان صاحب الدين منهم أبلغ فى أمر الدين منا وكان صاحب الدنيا على مثل ذلك من البلاغة والفضل ووجدناهم لم يرضوا بما فازوا من الفضل حتى أشركونا معهم فيما أدركوا من علم الأولى والآخرة فكتبوا به مؤونة التجارب والفطن وبلغ من اهتمامهم بذلك أن الرجل منهم كان يفتح له الباب ص14
فالرجل هنا مؤمن بالبعث والحساب وهو يعظم الله فى بقية الفقرة فى قوله:
"فيكون كأنه إياهم يحاور ومنهم يستمع غير أن الذى نجد فى كتبهم هو المنتحل فى آرائهم والمنتقى من أحاديثهم ولم نجدهم غادروا شيئا يجد واصف بليغ فى صفة له مقالا لم يسبقوه إليه لا فى تعظيم لله عز وجل وترغيب فيما عنده ولا فى تصغير الدنيا وتزهيد فيها ولا فى تحرير صنوف العلم وتقسيم أقسامه وتجزئة أجزائها وتوضيح سبلها وتبيين مآخذها ص15
وهو يعرف أن أصل الدين هو الإيمان به فيقول:
"فأصل الأمر فى الدين أن تعتقد الإيمان على الصواب وتجتنب الكبائر وتؤدى الفريضة فالزم ذلك لزوم من لا غناء به عنه طرفة عين ومن يعلم أنه إن حرمه هلك ثم إن قدرت أن تجاوز ذلك على التفقه فى الدين والعبادة فهو أفضل وأكمل16
وهو يتحدث عن وجوب طلب الرزق الحلال فيقول:
"وأصل الأمر فى إصلاح الجسد ألا تحمل إن قدرت على بارع الصواب فهو أفضل وأصل الأمر فى المعيشة ألا تنى عن طلب الحلال وأن تحسن التقدير لما تفيد وما تنفق ولا يغرنك من ذلك سعة تكون فيها فإن أعظم الناس فى الدنيا خطرا أحوجهم إلى التقدير والملوك أحوج إلى التقدير من السوقة لأن السوقة قد يعيش بغير مال ص17
ويتحدث الرجل عن وجوب إرضاء الرب فيقول:
إلى ثلاثة خصال رضى ربك ورضى سلطان إن كان فوقك ورضى من تلى عليه ولا عليك أن تلهو عن المال ص19
وهو يتحدث عن الملك فيبين أن ملك الدين هو الأفضل فيقول:
اعلم أن الملك ثلاثة ملك دين وملك حزم وملك هوى فأما ملك الدين فإنه إذا أقيم لأهله دينهم وكان دينهم هو الذى يعطيهم مالهم ويلحق بهم الذى عليهم أرضاهم ذلك ونزل الساخط منهم منزلة الراضى فى الإقرار والتسليم ص22 الدرة اليتيمة
والرجل يتحدث عن تدبير الله للأمور زمانا ومكانا وسببا وغير هذا فيقول:
قال ابن المقفع أما بعد فإن لكل مخلوق حاجة ولكل حاجة غاية ولكل غاية سبيلا والله وقت للأمور أقدارها وهيأ إلى الغايات سبلها وسبب الحاجات ببلاغها فغاية الناس وحاجتهم صلاح المعاش والمعاد " ص281 من كتاب آثار ابن المقفع كتاب الأدب الصغير
ويبين الرجل قدرة الله فى الإنبات فيقول:
"فكما أن الحبة المدفونة فى الأرض لا تقدر على أن تخلع يبسها وتظهر قوتها وتطلع فوزق الأرض بزهرتها ونضرتها وريعها ونمائها إلا بمعونة الماء الذى يغور إليها فى مستودعها فيهذب عنها أذى اليبس والموت ويحدث لها بإذن الله القوة والحياة" ص281 من كتاب آثار ابن المقفع كتاب الأدب الصغير
ووضح الرجل أن أصول العلم من الله فيقول:
"وجل الأدب بالمنطق وكل المنطق بالتعليم ليس حرف من حروف معجمه ولا اسم من أنواع أسمائه إلا وهو مروى متعلم مأخوذ عن إمام سابق من كلام أو كتاب وذلك دليل على أن الناس لم يبتدعوا أصولها ولم يأتهم علمها إلا من قبل العليم الحكيم ص281 من كتاب آثار ابن المقفع كتاب الأدب الصغير
ونجد الرجل يقتبس معانيه من الأحاديث فيقول :
"أما المحاسبة فيحاسبها بما لها فإنه لا مال لها إلا أيامها المعدودة التى ما ذهب منها لم يستخلف كما تستخلف النفقة وما جعل منها فى الباطل لم يرجع إلى الحق فينتبه لهذه المحاسبة عند الحول إذا حال والشهر إذا انقضى واليوم إذا ولى فينظر فيما أفنى من ذلك وما كسب لنفسه فيه وما اكتسب عليها فى أمر الدين وأمر الدنيا فيجمع ذلك فى كتاب فيه إحصاء وجد وتذكير وتبكيت للنفس وتذليل لها حتى تعترف وتذعن ص286
فالمعانى مأخوذة من الحديث المنسوب للنبى (ص)زورا وهو :
" لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ “
وفى الفقرة التالية أخذ المعنى من القول المنسوب للنبى(ص) " أكثروا ذكر هادم اللذات" فيقول:
"وعلى العاقل أن يذكر الموت فى كل ليلة ويوم مرارا ذكرا يباشر به القلوب ويقذع الطماح فإن كثرة ذكر الموت عصمة من الأشر وأما بإذن الله من الهلع ص287
وفى الفقرة التالية :
"وعلى العاقل أن لا يخادن ولا يصاحب ولا يجاور من الناس إلا ذا فضل فى الدين والعلم والأخلاق فيأخذ عنه أو موافقا له على إصلاح ذلك فيؤيد ما عنده وإن لم يكن له عليه فضل فإن الخصال الصالحة من البر لا تحيا ولا تنمى إلا بالموافقين والمهذبين والمؤيدين ص287
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس