عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-06-2010, 07:03 AM   #9
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

يغريني المنام
ان اعتقل حلما شقيا
على شاكلة ملء يزورني
هنا كان الانتقال لتوضيح هذا الحلم عنصرًا جيدًا لأنه يبسط الفكرة للقارئ غير المتخصص
وينتقل إلى أسلوب مباشر مباشرة بسيطة تفتح للقارئ أبواب النص حتى لا يظل محبوسًا
في غمرة تنبؤات وتأويلات غير مؤكدة. وتفتح مدينة الحروف أبوابها للتعبير الكامن بها
ليكون الحلم الشقي على شاكلة ملء ، وكان توضيح الحلم الشقي بالملء فيه إحداث للترادف
الذي من خلاله تتأكد دلالة الملء . وتعبير أعتقل حلمًا شقيًا كان رائعًا في تجسيده الحلم على
أنه إنسان ، بل وتذهب مبدعتنا العزيزة أبعد من ذلك إلى إضفاء هذه الصورة عليه إذ تلمس عيونه كأنه إنسان أو طفل لا يملك لنفسه شيئًا ، وهكذا الأحلام لا يملك الواحد إلا أن يداعبها وفي أقصى حالاته قد يزورها لكنه لا يمس منها شيئًا ، وتأتي هذه الحِرَفية في استخدام التعبيرات المجازية عندما
"ينسحب المنام "وما فيه من اتساق في التصوير الذي (أهدرت) به كاتبتنا معنى المنام ليكون هذا الطفل اللاهي الذي لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا.
المس عيونه مهللة
ينسحب المنام
افيق على صوت الفراغ:
عدرا
كنت اجرب ثوبا
تركه الملء
من الفرحة الماضية
ربما لو انتهى النص عن هذه النقطة لكان أفضل ، لأن الرؤية فيه قد اتضحت بشكل أكثر
وتجاور لفظتي الملء والفراغ إضافة إلى الفرحة كان معبرًا عن المعنى وكاشفًا له في
حِرَفية كبيرة إذ تغدو الفراغات هي ليست فقط الأحلام ولا الأماني وإنما الإنسان نفسه عندما
يتقمص واقعًا لا يقدر عليه .
أسحبكم مني تباعا
وأحمّل الصدى رسائلي
ايها الملء
غب ما شئت
ما عدت احيا بماء انتظارك
في غيابك
أسرتني و الفراغ الفة
و من حلاوة حمقي
صرت للفراغ عاشقة.
وتأتي هذه الصور الحركية والتي تصف مشهد معاودة الغياب وانتقال الحركة بين الواقع والوهم وبين الإنسان والمُنى المرموز لها بالملء والفراغ لتعطي الحالة شكلاً أكثر تكاملاً من حيث تعبيراتها وانتقالاتها
بل ويغدو أسلوب القصص والمسرح متجاورَين في آن واحد ، إذ يكون السرد معبرًا عن تقنية قصصية جيدة
في إنهاء المشهد وتأتي الأفعال المضارعة أنسحب ،أفيق ، أجرب،أحمّل،أسحب لتعبر عن هذه الاستمرارية التي ترصد المبدعة حركتها الأخيرة للخروج من هذا الحلم إلى الوقوع على صخرة الواقع ،وكأن الذات قد أخذ شكلها الشبيه بشكل من يظهر في المنام ثم يختفي لتقول الكلمة الأخيرة "غب ما شئت....." والجانب المسرحي يتمثل في الالتفات من المخاطَب وكأنهم الجمهور الذين تقول لهم أسحبكم من تباعًا إلى الواقع الذي لم يتحقق وهو الملء ،لتعبر عن (واقعيتها) في تناسي الملء والعيش بحالة أقرب إلى اليأس لكنها قد تكون حالة فراغ من المشاعر بما فيها مشاعر الألم ،لتجسّد الخبرة في آخر كلمات حين تتحد بالفراغ -النفس-الوطن لتكون عاشقة للفراغ ، لكل هذه الأشياء التي فقدت دلالتها لأن نقيضها فقد هو الآخر دلالته ، وطالما فقد المرء الشعور بالنقيض فلن يعرف الأصل ، كذلك الحالة إذا لم تعرف ما هو الملء صارت لا ترى في الفراغ مشكلة ، لأنه لا تشعر لا بلذة ملئه ولا بسطوة حرمانه فيها.
عمل رائع للغاية ، وكانت طريقة انتقالك فيه من أسلوب لآخر ،وكيفية نقل الصور المتقوقعة في عالم الذات فذة تتفوق على التشوش الذي قد يصيب التعبيرات في مثل هذه الحالة . اعذريني للتأخير في الرد لأن مثل هذه الأعمال تستغرق وقتًا ليس بالقصير للتعبير عنها ، وإلا لكنت ظلمتها وحينئذ أكون قد أضفت إليها فراغًا جديدًا يستعصي على الملء. دمت مبدعة وفقك الله .



__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 18-06-2010 الساعة 12:29 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس