الموضوع: حارس الظلام
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-08-2008, 09:02 AM   #4
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

تحركت ثلاثة أشباح فى بهو القصر المظلم ، وفى رشاقة تنم عن مهارة قتالية فائقة اسقطت كل حراس البهو حتى قبل أن ينطق أىّ منهم بحرف واحد . تمت عملية الإقتحام فى أقل من خمس دقائق حتى وصلت فرقة الإغتيال الصغيرة إلى هدفها ، هذا الباب الذى تم تحديده بقطعة قماش مميزة ، إقتحمت الفرقة الصغيرة الباب واقتربت من الجسد النائم على سريرة واشهرت سيوفها ثم دفعتها بوحشية فى الجسد المستسلم ، تناثرت قصاصات وسادة فى الهواء ، لم يكن الجسد فى الواقع جسدا حيا بل كان كومة من الوسادات ، نظر الملثمون الثلاثة إلى بعضهم فى دهشة وعندها تجمدت ملامحهم عندما سُمع فى الغرفة الساكنة صوت مميز كهذا الذى يُسمع عند سحب سيف من غمده ، ببطء .

إلتفت الثلاثة إلى الخلف فى سرعة مذهلة ليحدقوا فى وجه عربىّ لم يبد عليه ملامح الذعر رغم خطورة الموقف شاهرا سيفه فى أسلوب قتالى مخيف ، لم يكن شاهر سيفا للأمام أو الأعلى كعادة المبارزين بل سحبه بيده اليمنى ووضعه خلفه ممسكا إياه كأنه خنجر صغير فى حين مد قدمه اليسرى ونظر إلى الأرض كأنه يراقب خطوات الثلاثة .

لم تمض ثوان حتى إندفع الثلاثة فى هجوم عنيف لكن هذا العربىّ بدل خطواته فى خفة فهد ليتفادى سيفين بجسده ويلتحم سيفه وجسده بالثالث ليدفعه للوراء وما إن التفت حتى وجد سيفا متجها نحو صدره ففتح قدميه بسرعة البرق حتى استوتا بالأرض ومر السيف بالكاد من فوق شعره وجرح الملثم الثانى فى جانبه ثم اعتدل واقفا ليجد الملثمين الآخرين بانتظاره وهنا وقف بوضعية دفاع جديدة أربكت المهاجمين وما لبثوا ان اندفعوا نحوه لكنهم تراجعوا أمام سرعة تحرك العربىّ بقدميه وبسيفه الخفيف فجرح أحدهما فى كتفه ليطرحه أرضا إلى جانب رفيقه الجريح ، ونظر إلى الثالث الذى بدا عليه التردد فاندفع هو نحوه بضربات قوية جعلته يتراجع إلى الخلف وصد العربىّ ضربة سيف الملثم وانحنى برشاقة ليقبض على رقبته من الخلف ، لكنه ضغط بعنف هادىء وبدا أن العربىّ لم يرد قتل المهاجمين بل يكتفى بجرحهم فقط ، نهض الجريحان الآخران وأطلقا علي راسه من خلف رفيقهما سهام صغيرة سامة لكنه تراجع منحنيا إلى الخلف ليتفادى السهام فى حين ظل مطبقا على راس الملثم ، لكن هذا الأخير تخلص من قبضته وتعالت أصوات الحراس فى القصرفاندفع الملثمون الثلاثة من نافذة الغرفة واختفوا وسط بركة من الظلام .

إقتحم الحراس الغرفة واقترب قائد الحرس من العربىّ يتحسس جسده ويقول له :" فِراس ، هل أنت بخير" ، ابتسم فراس لقائد الحرس وصديقه "عقبة" وطمأنه قائلا له كأن الله ألهمنى فأحسست أرقا ثم سمعت وقع خطوات فنجانى الله منهم ، لم اشأ قتلهم قبل أن أعرف من وراءهم .

ابتسم عقبة قائلا له بل أنجاهم الله منك ، وهل فى الأندلس كلها فارس يكسر سيفه سيفك !
كانت شكوكى فى محلها ، إنه ابن عمك هشام بن تجيب يريد أن يتخلص منك ليخلو له كرسىّ الإمارة بعد أن أوشك المرض أن يقضى على الملك العجوز وهو بلا وريث وانت وابن عمك ورثاء العرش الشرعيين ، تنبه فراس أنه يحمل فى يده التى أطبق بها على عنق الملثم قلادة فضية على شكل جمجمة نصفها تلون بالسواد . فتح يده أمام عقبة فتسمرت عينا عقبة فى القلادة ، إنها تخص أخطر فرقة إغتيالات فى أوربا ، الجمجمة السوداء .

أمر عقبة جميع الحرس بالإنصراف وأغلق خلفهم الباب ثم حدق دقائق فى فراس وقال له ، يجب أن تهرب . تعرف أن هذه ليست اول محاولة فاشلة لقتلك فيجب أن تهرب حتى تنكشف المؤامرة
ونفضخ هذا الخائن ، وحتى هذا الوقت يجب أن تكون أنت فى مأمن .

أنت تعرف أنى لن ارحل فأنا لا أخاف الموت ، لست أنا من يهرب من قدره ، كما أن كل الأندلس بإماراتها العشرين ليست آمنة فجميعهم لا يأتمنه احد على حياته مسلما كان أم مسيحيا ، هذا وإن استعنت بأحدهم فهذا بمثابة إعلان حرب على بنى تجيب كلهم ولا أحب أن أكون أنا سببا فى مزيد من الحروب بين الإمارات المتناحرة فكفى ما تعانيه من هوان وذلة وضعف .
أما الشمال الإفريقى فهو فى إضطراب وصراع وكثيرون سوف يسعون لمساعدة هشام لنيل نفوذ أكبر فى شمال الاندلس . لا مجال سوى البقاء وتحمل العواقب .


إذا اهرب متخفيا إلى الشمال ، أقصى الشمال ، إلى مملكة قشتالة أو أراجون أو ليون . أنت تجيد أكثر لغات هذه البلاد وملامح وجهك تقترب قليلا من ملامحهم وكيف لا وأنت من أب عربىّ وأم إسبانية .

أبدا ، قلت لك لن أتجه لا شمالا ولا جنوبا فلا .....
صمت فراس قليلا ولمعت عيناه ثم قال ، قل لى .. ما قصة هؤلاء الملثمين ؟


إنهم عصابة الجمجمة السوداء وهى تتقاضى المال مقابل قتل من ترغب ويخشاها الملوك قبل البسطاء ، إن كثيرون يزعمون أنهم فى قلعة ما بجنوب فرنسا .

إذا إلى فرنسا ! وارتسمت إبتسامة مغامر على شفتى فراس .

لا ، محال .. صرخ عقبة .. أقرأ فى عقلك فكرة متهورة .

ولما لا ، تريدنى أن أهرب فسأصغى لك وأهرب إلى فرنسا ، وربما ..فقط ربما .. عثرت على الجمجمة السوداء لأعرف منهم من دفع لهم مقابل قتلى وبهذا تحل كل المشكلات وأعود بدليل خيانة هشام إن كان حقا خائنا .

إنها مغامرة متهورة وغير محسوبة !!!

ولكنى أعشق المغامرات .

__________________


آخر تعديل بواسطة محمد الحبشي ، 02-08-2008 الساعة 09:07 AM.
محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس