عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-04-2009, 06:43 AM   #33
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

رعبٌ وأهوالٌ



يُطلق اسم التتار ـ وكذلك المغول ـ على الأقوام الذين نشئوا في شمال الصين في صحراء "جوبي"، وإن كان التتار هم أصل القبائل بهذه المنطقة.. ومن التتار جاءت قبائل أخرى مثل قبيلة "المغول"، وقبائل "الترك" و"السلاجقة" وغيرها، وعندما سيطر "المغول" - الذين منهم جنكيزخان - على هذه المنطقة أطلق اسم "المغول" على هذه القبائل كلها .


جنكيز خان

والتتار شعب همجىّ وكانوا يرددون مقولتهم الشهيرة :"لقد خلقنا الله من غضبه" لذا فهم فى معتقدهم الوثنى قوة الله الغاضبة ويده التى يبطش بها وهم لا يرحمون طفلا أو شيخا أو إمرأة ويتحركون بمبدأ الإبادة الجماعية وكأن قصدهم إفناء النوع، وإبادة العالم . لم يكن جلّ أطماعهم فى الثروة أو الأرض بل للحق لم تكن لهم اطماع أبدا سوى فى إهلاك الحرث والنسل وإعلاء الدمار ولهم حقد رهيب إزاء كل ما يمت للحضارة بصلة .

ولكن ما الذى أطلق الوحش من مكمنه ؟

ذهبت مجموعة من تجار المغول إلى مدينة "أوترار" الإسلامية في مملكة خوارزم شاه.. ولما رآهم حاكم المدينة المسلم، أمسك بهم وقتلهم ووسط مطالب جنكيز خان بتسليم قتلة التجار، أبى الحاكم المسلم العام "خوارزم شاه" بالطبع باعتباره تدخل خارجى غير مقبول ولم يكتف بالرفض بل قام بقتل المبعوثين الدبلوماسيين الذين ارسلهم جنكيز خان ..

لكننا لا نعلم على اليقين إن كانت حادثة قتل التجار أمرا مدبرا ام حادثا عرضيا .. فربما كانت متعمدة بقصد التضييق والحصار الإقتصادى خاصة أن قوة المغول وقتها كانت آخذة فى النمو .. وأيضا لن تكون حادثة التجار وحدها هى السبب الرئيسى لهذا الغزو المدمر بل يبدو أن هذه الأطماع كانت تراود خيال جنكيزخان وكانت حادثة التجار هى القشة التى قصمت ظهر البعير ..

إنطلق الوحش الهائج من مكمنه وصار يهدد العالم أجمع .. لم يعرف التاريخ رعبا أكثر من هذا الخطر المغولى .. رعب لم يسبق له مثيل يسكن قلب الكبير قبل الصغير .. والشجاع قبل الضعيف .. وكان يقينا مؤكدا لدى من عاصر هذه المحنة من المسلمين أن هذه نهاية الإسلام ولا شك .. بل لقد أحجم المؤرخون المعاصرون عن الكتابة عنها من هول الرعب والدمار وفيها يقول ابن الأثير :

" "فيا ليت أمي لم تلدني، وياليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا" .

ويقول أيضا: " فلو قال قائل إن العالم منذ خلق الله سبحانه وتعالى أدم وإلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها"

وهي عنده أعظم من فـتنة الدجال، بل لقد اقسم أن من سيجئ بعدها سينكرها وحق له ذلك: " وتالله لا شك أن من يجئ بعدنا إذا بعد العهد ويرى هذه الحادثة مسطورة ينكرها ويستبعدها والحق بيده ..

هذا الوصف كله من ابن الأثير وهو لم يشهد فاجعتهم الكبرى بسقوط بغداد سنة (656هـ) وقتل الخليفة العباسي وسفك دماء المسلمين، وهي فاجعة تضاهي ما سبقها بل تـزيد .

كان الرعب والهلع بين الناس اعظم ما يكون .. هذا الذى يصل بالمرء إلى درجة التجمد والذهول فى مواجهة الأحداث مستسلما لها دون أدنى مقاومة ..

ويكفي شاهدا على ذلك ما سطره المؤرخون المعاصرون للحدث وغيرهم؛ فقد نقل ابن الأثير رحمه الله أن رجلا من التتـر دخل دربا فيه مائة رجل، فما زال يقتلهم واحدا واحدا حتى أفناهم ولم يمد أحد يده إليه بسوء. وأن آخر من التتـر أخذ رجلا ولم يكن مع التتري ما يقتله به فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح، فوضع رأسه على الأرض حتى ذهب التتري وعاد بسيف وقتله به .

وقال: وحكى لي رجل قال: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلا في طريق، فجاءنا فارس من التتـر، وقال لنا: حتى يكتف بعضنا بعضا فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم فقلت لهم: هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب ؟ فقالوا: نخاف، فقلت: هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله فلعل الله يخلصنا، فوالله ما جسر أحد أن يفعل فأخذت سكينا وقتلته وهربنا فنجونا .

إرتكب المغول من البشاعة والوحشية ما يعجز عنه الوصف .. فقد كانت العادة فى كل مدينة يقتحمونها هى إبادة جماعية لكل من يسكنها .. قد نشير كمثال إلى مدينة "مرو" التى قتلوا فيها قرابة 700 الف .. وهكذا كان دأبهم فى كل مدينة تطأها اقدامهم .. إبادة جماعية ، ودمار شامل .. وكانت المذبحة الكبرى فى عاصمة الخلافة العباسية حين قتلوا فى بغداد - وعلى مدار 40 يوما - "مليونا" من المسلمين .. هذا على أقل تقدير فى كل المراجع التاريخية فالعدد يصل إلى 2 مليون كما فى بعض المصادر ..
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس