عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-08-2008, 12:21 PM   #46
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

في يدي غيمة



أَسْرَجوا الخَيْلَ ,

لا يَعرفون لماذا

ولكِّنُهمْ أَسْرَجُوا الخيلَ في السهلِ



.. كان المكانُ مُعَدَّاً لِمَوْلِدِه : تلَّةً

من رياحين أَجداده تَتَلَفَّتُ شرقاً وغرباً

وزيتونهً قُرْبَ زيتونه في المَصاحف تُعْلي سُطُوح اللُغَةْ ...

ودخاناً من اللازَوَرْدِ يُؤَثِّثُ هذا النهارَ لمسْأَلةٍ

لا تخصُّ سِوى الله . آذارُ طفلُ

الشهور المُدَلَّلُ . آذارُ يُؤلِمُ خبيز لِفناء الكنسيةِ

آذارُ أَرضٌ لِلَيْلِ السنون , ولا مرآةٍ

تَسْتَعدُّ لصرخَتَها في البراري... وتمتدُّ في

شَجَرِ السنديانْ .



يُولَدُ الآنَ طفلٌ

وصرختُهُ ,

في شقوق المكانْ



اِفتَرقْنا على دَرَجِ البيت . كانوا يقولونَ:

في صرختي حَذَرٌ لا يُلائِمُ طَيْشَ النباتاتِ ,

في صرختي مَطَرٌ ؛ هل أَسأَتُ إِلى إخوتي

عندما قلتُ إني رأَيتُ ملائكةٌ يلعبون مع الذئب في باحة الدار ؟

لا أَتذكَّرُ

أَسماءَهُمْ . ولا أَتذكَّرُ أَيضاً طريقَتَهُمْ في

الكلام ... وفي خفِّة الطيرانْ



أَصدقائي يرفّون ليلاً , ولا يتركونْ

خَلْفَهُمْ أَثَراً . هل أَقولُ لأُمِّي الحقيقةَ :

لِي إخوةٌ آخرونْ

إخوةٌ يَضَعُونَ على شرفتي قمراً

إخوةٌ ينسجون بإبرتهم معطفَ الأُقحوانْ



أَسْرَجُوا الخيلَ

لا يعرفون لماذا ,

ولكنهم أَسرجوا الخيل في آخر الليلِ



سَبْعُ سنابلَ تكفي لمائدة الصَيْف .

أَبيض يَسْحَبُ الماءَ من بئرِهِ ويقولُ

لهُ : لا تجفَّ . ويأَخذني من يَدي

لأَرى كيف أكبُرُ كالفَرْفَحِينَة...

أَمشي على حافَّة البئر : لِيَ قَمَرانْ

واحدٌ في الأعالي

وآخرُ في الماء يسبَحُ ... لِي قمرانْ



واثَقيْن , كأسلافهِمْ , من صَوَابِ

الشرائع ... سَكُّوا حديدَ السيوفِ

محاريثَ . لن يُصْلِحَ السيوفِ ما

أفْسَدَ الصَّيْفُ – قالوا وصَلُّوا

طويلاً . وغَنّوا مدائحَهمْ للطبيعةِ ...

لكنهم أَسرجوا الخيل ,

كي يَرْقُصُوا رَقْصَةَ الخيلِ ,

في فضَّة الليل ...



تَجْرحُني غيمةٌ في يدي : لا





أُريدُ من الأَرض أَكثَرَ مِنْ

هذه الأَرضِ : رائحة الهالِ والقَشِّ

بين أَبي والحصانْ .

في يدي غيمةٌ جَرَحْتني . ولكنني

لا أُريدُ من الشمس أَكثَرَ

من حَبَّة البرتقال وأَكثرَ منْ

ذَهَبٍ سال من كلمات الأذانْ



أَسْرَجُوا الخَيْلَ ,

لا يعرفون لماذا ,

ولكنهُمْ أسرجوا الخيل

في آخر الليل , وانتظروا

شَبَحاً طالعاً من شُقوق المكانْ ....











(من ديوان " لماذا تركتَ الحصانَ وحيداً " 1995)
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس