[ابن حوران]

أخي الكريم

نسمع بين حين وحين من يقلل من أهمية المظاهرات، والتعبير الجماهيري بأصنافه المختلفة (الاعتصام، المسيرات الصامتة، الكتابة على الجدران) والتعبير بواسطة وسائل الإعلام الخ.

لا تخفى علينا دوافع طرح الاستخفاف بتلك الأساليب، والروافع التي تحملها، ولتقريب الموضوع، دعنا نقلب تساؤلات حضرتكم، ونسأل: لماذا تمنع قوى الأمن في بلدان العالم المظاهرات والاعتصام والاحتجاج بشكل عام؟ فلو كان أثرها بذلك القدر الضئيل، لماذا لا تعتمدها الحكومات أسلوبا للتنفيس؟

إن مقاييس الرأي العام في مختلف أنحاء العالم تأخذ أشكالا مختلفة، تعتمدها معاهد الدراسات المستقلة أحيانا، والمرتبطة بالحكومات أحيانا أخرى، ومن بينها الاستبيانات المتخصصة و الوقوف على ردود الفعل الجماهيري كمؤشر على قدرة أي نظام للتماهي مع شعبه وطموحاته وآماله.

معلوم أن الصوت، يرافق تعبير كل كائن حيواني ليبلغ من يستمع لذلك الصوت فالقط يزمجر عند الاقتراب منه بطريقة غير ودودة، والأفعى تنفخ لترعب من يقترب منها، فإن تراجع من يحاول إيذاءها تراجعت هي محققة هدفها بحماية نفسها. وقد لا تحميها ردود فعلها بشكل مؤكد، فممكن أن لا تحول الزمجرة عن إيذاء القط أو الأفعى، لكن يسجل لها أنها حاولت التعبير عن عدم رضاها!

في حالات المظاهرات العربية، التي يشير إليها بعض الساخرين، على أنها قليلة الأهمية، فإن الأسباب التي دفعت المتظاهرين الى الخروج تفوق تلك الأسباب التي تجعل كائنات حية أخرى للتعبير عن رفضها.

ثم من قال أن ليس للمظاهرات والتعبير عن الرأي الرافض دور في تغيير مسار الأحداث؟ فقد تؤدي المظاهرات الى تغيير مسار الحدث الذي من أجله قامت المظاهرات، والدلائل كثيرة جدا، في إنهاء حرب فيتنام، في سقوط الكثير من دول أوروبا الشرقية، في تغيير مسار غزو العراق وارتكاب الإستراتيجيين لأخطاء أثرت على الكيفية التي من أجلها جاء الغزو، وحتى في غزة فإن المظاهرات أثرت في إنهاء حالة اللامبالاة الرسمية العربية.

وشكرا