عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-11-2008, 04:29 PM   #3
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

زاما .. وغروب محزن



قال المؤلف الرومانى بوليب :
"إن القدر لم يقدم قط للمحاربين مثل ما قدمه فى زاما فنتيجة تلك المعركة لم تكن وقوع إفريقية وأوروبا فى قبضة المنتصر وحسب ، بل كل أقطار العالم المعروفة فى ذلك الحين ".

كانت "صفو نسب" إبنة "آذروبعل" القائد السياسى القرطاجى القادم من حزب التجار ذو الفكر المادى المحدود ، مخطوبة للأمير الإفريقى " مسينيسا" ، وفى واحدة من لحظات الزمن .. يزوج هذا القائد ابنته إلى قائد إفريقى آخر له من العمر خمسون عاما والذى دفع ثمن هذه الحسناء حلفا مع قرطاج .

فى نفس الوقت ، كان الحقد يملأ قلب "مسينيسا" ، ذلك الأمير الشاب الذى طعنه "آذروبعل" فى قلبه . واستولى زوج فتاته على ملكه لهذا قرر الإنتقام بأى ثمن ولو من قرطاج نفسها . فكان أن ضم كل فرسانه إلى الجيش الرومانى ورحب به "سيبيو" ووعده بأن يعيد إليه ملكه .

إن حكاية مسينيسا مدهشة ، تكاد تكون أقرب إلى الأسطورة منها إلى الوقائع التاريخية .

وفى زاما ..

كان الجيشان متساويين بعدد الرجال ، إذ كان الجيش الرومانى مؤلفا من ثلاثين ألفا ثم انضم إليه مسينيسا على رأس عشرة آلاف فارس هم من أعظم محاربى هذا الوقت وأشدهم بأسا وبطشا .

وكان جيش هانيبال بفتقد مصدر قوته الأول ، الفرسان النوميديان ..
وكانت مذبحة جيش قرطاج سببا فى استبداله بآخر إلا أن جنوده حديثي العهد بالقتال فروا من ساحة المعركة تاركين الجنود المتمرسين يواجهون الرومان بمفردهم ..
وكانت الفيلة غير مدربة .. فانقلبت بعد موجة الهجوم الأولى على القرطاجيون أنفسهم وفرت هاربة فى فوضى عارمة ..
لقد حسم فرسان مسينيسا النوميديان المعركة تماما لصالح القائد الرومانى سيبيو ..
وسقط هانيبال ..
وسقطت قرطاج ودمرت إلى الأبد ..
وسقطت روما ..

انتهت هذه الملحمة البطولية ملحمة الدفاع عن قرطاج . واذا كانت هذه الحرب أسفرت عن وفاة مدينة، فقد أكدت أن الانسان أقوي من القهر وأن ارادته لا تردع بسهولة ولقد تأثر لهذه المأساة حتي بعض المؤرخين الأوروبيين فيقول وارمنغتون: ألقي سيبيو أميليانوس نظرة علي المدينة التي ازدهرت أكثر من سبعمائة سنة منذ انشائها والتي حكمت مناطق كثيرة، جزرا وبحارا، وكانت ثرية في السلاح والأساطيل والفيلة والمال مثل الامبراطوريات العظمي بل والتي فاقتها في الإقدام والشجاعة الفائقة فبالرغم من أنها جردت من كافة أسلحتها وسفنها فقد صمدت أمام حصار شديد ومجاعة دامت ثلاث سنوات، ووصلت الي نهايتها بالتدمير الكلي .

ويروي المؤرخ اليوناني بوليبيوس الذي رافق القائد الروماني في عملية التدمير، فيقول: أن سيبيو الإفريقى بكي تأثرا بما آل له عدوه، فاستعرض أمامه الحقيقة المتمثلة في أن الأفراد والأمم والامبراطوريات نهايتها محتومة وكذلك نصيب مدينة طروادة العظيمة، ونهاية الامبراطوريات الأشورية، والميدية، والفارسية، والتدمير الأخير لامبراطورية مقدونية الكبيرة تمعن في هذا كله ثم ردد بقصد أو بدون قصد، كلمات هكتور في الياذة هوميروس: (سيأتي اليوم الذي تسقط فيه طروادة المقدسة، وكذلك الملك بريام وجميع رجاله المسلحين معه) ، وعندما سأل المؤرخ بوليبيوس، سيبيو، ماذا تقصد بهذا؟ ، التفت اليه القائد الروماني وقال بتأثر: هذه لحظة عظيمة يا بوليبيوس..ان الخوف يتملكني من أن نفس المصير سيكون لوطني في يوم من الأيام .

هانيبال الذى اكتسح شمال افريقيا و اسبانيا و فرنسا وسويسرا و إيطاليا و حاصر روما 15 عاما ، قضى ما تبقى من عمره بعد زاما طريدا من الرومان فهرب إلى سوريا ومنها إلى الأناضول وعندها ملّ الهروب حينما تبين له عزم الرومان وإصرارهم الشديد على النيل منه رغم أنه قد بلغ 64 عاما لكن روما ترى فيه الكابوس الذى لن تطمئن وتهدأ إلى أن تقتص منه وتطمئن إلى زواله .

لكنه يأبى أن تنال منه روما فيشرب السم ويقول كلمته الأخيرة :
"ها أنا أريح روما من قلقها مني وأنا رجل مسنّ , وسأرحل عن هذا العالم الفاني"






لـ قرطاج .. قصة عظيمة.. مملكة عظيمة
لـ .. هانيبال .. مسار تاريخي جديد.. ونادر

بطل طرق أبواب روما بعنف ..

وتبقى الجملة الشهيرة التى تستخدمها الأمهات اللاتينية لإخافة أطفالهن كي يناموا ..


" هانيبال أبورتوس" ..

أى ..

هانيبال على الباب .
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس