عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-11-2005, 05:29 PM   #7
maher
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 8,145
إفتراضي


قال التنوخي‏:‏ وحدثني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن مكرم قال‏:‏ حدثني بعض شيوخنا قال‏:‏ كنا بحضرة أبي عمرو القاضي فجرى ذكر ابن الجصاص وغفلته فقال أبو عمرو‏:‏ معاذ الله ما هو كما يقال عنه ولقد كنت عنده منذ أيام وفي صحن داره سرادق مضروب فجلسنا بالقرب منه نتحدث فإذا بصرير نعل من خلف السرادق فقال‏:‏ يا غلام جئني بصاحب هذا النعل فأخرجت إليه جارية سوداء فقال‏:‏ ما كنت تصنعين ها هنا قالت‏:‏ جئت إلى الخادم أعرفه أني قد فرغت من الطبيخ وأستأذن في تقديمه فقال‏:‏ انصرفي لشأنك فعلمت أنه أراد يعرفني بذلك الوطء إنه وطء جارية سوداء مبتذلة وأنها ليست من حرمه فهل يكون هذا من التغفيل‏.‏

الجصاص يدلي بنصيحة تدل على العقل البالغ‏:‏ عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال‏:‏ حدثني أبو القاسم الجهني قال‏:‏ كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات وابن الجصاص حاضر فذكروا ما يعتقده الناس لأولادهم فقال ابن الفرات‏:‏ ما أجل ما يعتقده الناس لأعقابهم فقال من حضر‏:‏ الضياع وقال بعضهم‏:‏ العقار وقال بعضهم‏:‏ العقار الصامت وقال بعضهم‏:‏ الجوهر الخفيف الثمين‏.‏

فإن بني أمية سئلوا أي الأموال كانت أنفع لكم في نكبتكم فقالوا‏:‏ الجوهر الخفيف المثمن كنا نبيعه فلا نطالب بمعرفته والواحدة منه أخف من ثمنها وابن الجصاص ساكت فقال به ابن الفرات‏:‏ ما تقول أنت يا عبد الله فقال‏:‏ أجل ما يعتقده الناس لأولادهم الضياع والإخوان فإنهم إن اعتقدوا لهم ضياعاً أو عقاراً أو صامتاً من غير إخوان ضاع ذلك وتمحقق وأحدث الوزير بحديث جرى منذ مديدة يعلم منه صدق قولي فقال له ابن الفرات ما هو فقال‏:‏ الناس يعرفون أن أبا الحسن كان رجلاً مشتهراً بالجوهر يعتقده لنفسه وأولاده وجواريه فكنت جالساً يوماً في داري فجاءني بوابي فقال‏:‏ بالباب امرأة تستأذن فأذنت لها فدخلت فقالت لي‏:‏ تخلي لي مجلسك فأخليته فقالت لي‏:‏ أنا فلانة جارية أبي الحسن فعرفتها وبكيت لما شاهدتها عليه ودعوت غلماني ليحضروا لي شيئاً أغير به حالها فقالت‏:‏ لا تدع أحداً فإني لم أضنك دعوتهم لتغير حالي وأنا في غنية وكفاية ولم أقصدك لذلك ولكن لحاجة هي أهم من هذا‏.‏

فقلت‏:‏ ما هي فقالت‏:‏ تعلم أن أبا الحسن لم يكن يعتقد لنا إلا الجوهر فلما جرى وتشتتنا وزال عنا ما كنا فيه كان عندي جوهر قد سلمه إلي ووهبه لي ولابنته مني فلانة وهي معي ها هنا فخشيت أن أظهره بمصر فيؤخذ مني فتجهزت للخروج وخرجت متخفية وابنتي معي فسلم الله تعالى ووصلنا هذا البلد وجميع مالنا سالم فأخرجت من الجوهر شيئاً قيمته خمسة آلاف دينار وسرت به إلى السوق فبلغ ألفي دينار فقلت‏:‏ هاتوا‏.‏

فلما أحضروا المال قالوا‏:‏ أين صاحب المتاع قلت‏:‏ أنا هي قالوا‏:‏ ليس محلك أن يكون هذا لك وأنت لصة فعلقوا بي ليحملوني إلى صاحب الشرطة فخشيت أن أقع فأعرف فيؤخذ الجوهر وأطالب أنا بمال فرشوت القوم دنانير كانت معي وتركت الجوهر عليهم وأقبلت فما نمت ليلتي غماً مما جرى علي من خشية الفقر لأن مالي هذا سبيله فأنا غنية فقيرة فلم أدر ما أفعل فذكرت ما بيننا وبينك فجئتك والذي أريد منك جاهك وبذله لي حتى تخلص لي حقي وما أخذ مني وتبيع الباقي وتخلص لي ثمنه وتشتري لي ولابنتي به عقاراً نقتات من غلته‏.‏

قال‏:‏ فقلت‏:‏ من أخذ منك الجوهر قالت‏:‏ فلان فأنفذت إليه فاستخليت به وقلت‏:‏ هذه امرأة من داري وإنما أنفذت المتاع لأعرف قيمته ولئلا يراني الناس أيع شيئاً بدون قيمته فلم تعرضتم لها فقالوا‏:‏ ما علمنا ذلك ورسمنا كما تعلم لا نبيع شيئاً إلا بمعرفة ولما طالبناها بذلك اضطربت فخشينا أن تكون لصة فقلت له‏:‏ أريد الجوهر الساعة فجاء به فلما رأيته عرفته وكنت أنا اشتريته لأبي الحسن بخمسة آلاف دينار فأخذته منه وصرفته وأقامت المرأة في داري وتلطفت لها في بيع الجوهر بأوفى ثمن فخصها منه أكثر من خمسة آلاف دينار فابتعت لها بذلك ضياعاً ومسكناً فهي تعيش في ذلك وولدها إلى الآن‏.‏

فنظرت فإذا الجوهر لما كان معها بلا صديق حجر بل كان سبباً لمكروه ولما وجدت صديقاً يعينها حصل لها منه هذا المال الحليل فالصديق أفضل من العقد‏.‏

فقال ابن الفرات‏:‏ أجدت يا أبا عبد الله‏.‏

ينسبون هذا الرجل إلى التغفيل وقد سمعتم ما قال فكيف يكون هذا مغفلاً‏!‏ النساء المنسوبات إلى التغفيل‏:‏ فصل فأما النساء المنسوبات إلى التغفيل‏.‏

ريطة الحمقاء‏:‏ فمنهن التي نقضت غزلها قال مقاتل بن سليمان‏:‏ هي امرأة من قريش تسمى ريطة بنت عمرو بن كعب كانت إذا غزلت نقضته قال ابن السائب‏:‏ اسمها رايطة وقال أبو بكر بن الأنباري‏:‏ أسمها ريطة بنت عمرو المرية ولقبها الجعرا وهي من أهل مكة وكانت معروفة عند المخاطبين فعرفوها بصنعتها ولم يكن لها نظير في فعلها وكانت متناهية الحمق تغزل الغزل من القطن أو الصوف فتحكمه ثم تأمر خادمها بنقضه قال بعضهم‏:‏ كانت تغزل هي وجواريها ثم تأمرهن أن ينقضن ما غزلن‏.‏

ومنهن دغة بنت مغنج ومغنج هو ربيعة بن عجل واسم دغة ماوية ودغة لقب وكانت قد تزوجت صغيرة في بني العنبر فحبلت فلما جاءها المخاض ظنت أنها أحدثت فقالت لضرتها‏:‏ يا هنتاه هل يفتح الجعر فاه قالت‏:‏ نعم ويدعوا أباه فمضت ضرتها فأخذت الولد فبنو العنبر تنسب إليها فسموا بنو الجعر لذلك‏.‏

ورأت يافوخ ولدها يضطرب فشقته بسكين وأخرجت دماغه وقالت‏:‏ أخرجت هذه المادة من دماغه ليسكن وجعه‏.‏

وذكر عنها أنها كانت حسنة الثغر فولدت غلاماً وكان أبوه يقبله ويقول‏:‏ وا بأب دردرك‏.‏

فظنت أن الدردر أعجب إليه فحطمت أسنانها فلما قال‏:‏ وا بأبي دردرك قالت‏:‏ يا شيخ كلنا ذو دردر فقال‏:‏ أعييتني بأشر فكيف بدردر والأشر التحزيز في أطراف أسنان الأحداث والدردر مغارز الأسنان فضرب المثل بحمق دغة‏.‏

ربطة بنت عامر الحمقاء‏:‏ ومنهن ريطة بنت عامر بن نمير كانت تعلم رأس أولادها بالقزع لتعرف أولادها من أولاد غيرها‏.‏

الفزارية الحمقاء‏:‏ ومنهن الممهورة إحدى خدمتيها‏.‏

أنبأنا محمد بن عبد الملك قال‏:‏ حدثنا ابن خلف قال‏:‏ يقال هو أحمق من الممهورة إحدى خدمتيها وهي امرأة من فزارة‏.‏

حذنة الحمقاء‏:‏ ومنهن حذنة وقد مضى الخلاف في هذا الإسم وذكرنا في أحد الأقوال إنه اسم امرأة كانت تمتخط بكوعها‏.‏
maher غير متصل   الرد مع إقتباس