الموضوع: القمح والنخيل
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-08-2009, 10:29 PM   #9
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

أسنبلة النور ما لى أراكِ * تميلين فى رقصةٍ ذاوية
كأنك للشمسِِ خصلات شعرٍ * تدلّيتِ فى فتنةٍ طاغية
أفوق كفوفكِ روح العطاءِ * فأضنتك حباتها السّامية

ميز هذا الجزء التشبيه بالأنثى ثم الانتقال من أنوثة الفتنة إلى أنوثة العطاء والإنسانية وهذه سمة مميزة للشاعر وهي جمع أكثر من سمة في التشبيه.


مذهّبة البَضِّ فيها دلالٌ * كحسناء يذهل منها البصر
لها رقصة حول خِصر النسيمِ * على نغمٍ من بنات الشجر

ميز هذا الجزء التكامل والمراعاة للنظير في الشطر الأول من البيت الثاني رقصة حول ....والحالة الحركيمة المتمثلة في حرف الراء والأفعال الدالة عليلها مثل الرقص والذهول ومجيئها مضارعة أعطى نصك هذا حيوية فريدة .




أبين الثرى أنتِ ؟ بل أنتِ روحٌ * تطالُ الثريا كهذا النخيل
تعقيد في التركيب
سقتهُ الطبيعة كأس الجمال * فبات من السُّكرِ حرا يميل
وأطربه اللحنُ لحنُ الطيورِ * فها هو يهتزُ حتى الأصيل
كانت التعبيرات جيدة ولكنها غير مبتكرة
عرفناك للعُرب خِلاّ وفيا * تجود علينا بخير الثمر
فدمت أشمّا وقور المُحيّا * كريم العطاءِ طويل العُمُر


لابد للمدح في هذه الأبيات أن يضيف جديدًا كالتماسّ مع حالة إنسانية أو فكرة
رومانسية لكن كانت الأبيات عادية جدًا مصوغة صياغة شعرية .




أتى الصبح يرفلُ فى النورِ تِيها * وفى ثغره العذب حلو ابتسام
ويسبحُ بين السكونِ ضبابٌ * سرت فى مراياهُ روح السلام
فلا تصغى إلا لهمس النسيمِ * ومعزوفة من هديل الحمام
ثمة خلل في الوزن لكن معزوفة من هديل الحمام تعبير مبتكر جميل للغاية فيه إعادة صياغة لهذا الصوت الذي نسمعه كل يوم ولا يسترعي انتباهاتنا .

ويشدو مع الصحو طير الحقولِ * ويسعى فبالرزق يأتى القدر
أتى كلُّ يومٍ برزقٍ جديدٍ * فما كان للطير أن يدخر

ربما يكون التساؤل عن علاقة الطير بالنخيل ما هي ؟ لكن العلاقة تأتي من عنصر الصورة الذي تحاول جمعه .
جميل أن تحاول وصف النخيل وما حوله من بيئة لكن الخلفية لابد ألا تكون أكبر من حجم الصورة . أي أن الأفضل أن تركز على الصورة الأساسية وهي النخل ثم تتطرق لباقي الأشياء من خلال علاقة ما كعلاقة الأم بالأبناء حتى تصبح العناصر المحيطة بالصورة داخلة في تركيبة الفكرة نفسها وليس مجرد الوصف فقط .





ويعسوب نحلٍ يجوب الزهورَ * ليقطفَ منها الشّذى والرحيق
ورفُّ الفراشاتِ فى كل حقلٍ * يطاردها صبيةٌ فى الطريق
وتحت الشجيرة فى فِىء ظِلٍّ * أصيخُ لهمس النسيم الرقيق

لاحظ أن صورة النخيل بدأت تتضاءل في المشهد والأبيات السابقة هي كل ما فيها الوصف ، وحدث تداعٍ في الصورة أي أن كل صورة حولتك إلى صورة أخرى ولو ركزت على واحدة منها وجعلتها محور التجربة لازداد العمل قيمة وجمالاً .وهو جميل على كل حال
وهينمة الماء بين السواقى * بصوتٍ رخيمٍ لطيفِ الاثر
وزهر الرياحين قد ضاع عطرا * عليه القطيرات مثل الدرر


نفس الكلام ينطبق على هذه الصور غير أن الهينمة غالبًا شيء لا يفهم وهذا يخل
بجمال الصورة والواقع النفسي لها .





وما فى المدينة غير غموض * الضباب وبوح النفوس الكئيب
ودنيا يُعشّشُ فيها السكونُ * وإن عَاثَ فيها الضجيجُ الرهيب
فأطلقتُ روحى إلى قريتى * وألقيتُ أثقال هذا الغريب

لو اتكأت على هذه الفكرة وهي التناقض بين الريف والمدينة لزاد العمل جمالاً واشتعالاً ، فالرومانسية التي تحبها لم تسر في دربها فقد تناولت َ موضوعًا رومانسيًا بروح الإحيائيين والذين لم يكن لديهم خيال كما الرومانسيين .



وفى الصبح فى أفق صبح جديدٍ * تُلوّنُ روحى طيوف المطر
وإن جنَّ حولى الظلامُ سأمسى * كأُهزوجةٍ تحت ضوء القمر


سحر المشهد طغى على العمل وعلى فكرك وقد وصلنا بالفعل هذا الشعور لكن المعالجة الفنية تعنى بأشياء أبعد من ذلك .
القصيدة كأنها مذكرات شاعر وفيها أحس خفة الظل وسماحة النفس وبشاشة الأسلوب والشعر لا يعارض ذلك ولا يختلف معه وإنما يحتاج إلى فكرة أو رؤية تعد محركًا للعمل
الأدبي .
عملك جميل ورائع أخي العزيز غير أنه بمنظور الإضافة الإبداعية بحاجة إلى المزيد من التفكير في فلسفة كتابة القصيدة .
دام قلمك وطاب عطاؤك ولك بعدد نخيل العراق كل الشكر والتحية .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس