عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-02-2008, 11:41 PM   #16
د.صالحة رحوتي
باحثة وأديبة
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2008
المشاركات: 18
إفتراضي

[FRAME="13 70"]وإن أول ما يلفت الانتباه في رواية السيد 'جونسون' انه لم يذكر اسم هذه 'السيدة السويدية' ولم يذكر دورها في 'لجنة الجائزة' والذي يبعث علي الترتيب أكثر من هذه الأسئلة هو ما يلي:
ما الذي يجعل 'لجنة الجائزة' تترك المؤسسات الثقافية، ونحن نعلم أن الأكاديمية السويدية لها تبادل علمي مع عدد من الجامعات العالمية والعربية، وكذلك لا نشك في أن لها أدوات عمل أكثر جدوى في اتخاذ قرارات مثل هذه.. المفروض أن تكون هذه الأساليب هي المرجع والمرجعية للبحث عن كاتب عربي أو غير عربي يستحق جائزتها.. أو هل تترك كل ذلك ونلتجيء إلي هذه 'السيدة السويدية' النكرة تجوب القاهرة وتسأل عمن يستحق الجائزة؟!"(29).

و يبدو و كأن السيد جغام غير قادر على تصديق ما صرح به صانع الأدباء العرب، إذ يبدو و كأنه مؤمن حتى النخاع بتفوق العرب الأدبي، و بجدارة أحدهم ممثلا في نجيب محفوظ في الحصول على تلك الجائزة "العالمية المميزة"، إذ هو "تزييف للتاريخ" حسب قوله أن يقال مثل هذا القول، حتى و لو صدر ممن اعترف له حتى نجيب محفوظ نفسه ب "دوره الرائد" في بناء الأدب العربي...
إنه الوهم العربي... و يجثم كغلالة تمنع من وضوح الرؤية، و من التغلغل بين ثنيات الأحداث المتواترة عبر السنين ابتداء من فترة الاستعمار و إلى الآن...
فالكاتب ينفي حتى تأثير مساندة كامب ديفد و دور إسرائيل بالرغم من أنه قرأ في المقال ما يفيد علاقة تلامذة دنيس جونسون بالكيان الصهيوني منذ فترة تأسيسها... ترجمة أبا إيبان لإنتاج محمود تيمور المذكورة سابقا نموذجا...
فالمهم بالنسبة للسيد جغام هو تفادي البلبلة و "تشويش الأذهان" و ليس التوصل إلى الحقيقة و الاستفادة منها و من تداعياتها و الانطلاق من جديد، إذ يقول:

"...انطلاقا من هذه الاستفسارات التي دفعتني إليها ما ساورني من ضعف هذه الرواية، إضافة إلي ما قرأناه قبل سنوات وظل يتردد من حين لآخر مثل ما قيل عن كاتب إنجليزي هو الذي رشح نجيب محفوظ للجائزة، وكذلك الادعاء الذي يقول: أن إسرائيل هي التي كانت وراء منح نجيب محفوظ للجائزة لأنه بارك اتفاقية 'كامب دافيد'.. وروايات أخري لا يتسع لها المقام تدعي مثل هذا القول أو ما يشبهه.
هذه الروايات جميعها بما في ذلك الرواية الأخيرة أعني رواية السيد جونسون يمكن في نظري أن تحدث بلبلة تعمل علي تشويش الأذهان، وتساعد علي إبعاد الحقيقة وبالتالي تزيد في زيف التاريخ..."(30).

ثم و الكاتب يتابع مسيرته الدفاعية بلا هوادة عن استحقاق العرب للجائزة و عن نبوغهم الأدبي:

"... وهذا ما دفعني إلي القول باني اعتقدت أنه ثم القول الفصل في هذه المسألة.
أما خلاصة الفصل المتعلق بجائزة نوبل الوارد في كتابي 'طه حسين.. قضايا ومواقف' هو أن احد أبناء مصر الذي غادرها منذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضي هو الذي ناضل باصرار وإيمان من اجل أن يرشح كاتبا عربيا لجائزة نوبل، وأول من رشح طه حسين سنة 1967 فعملت رياح السياسة ضده، فأعاد الكرة مرة ثانية مرشحا نجيب محفوظ ليعلن للغرب انه ليس هناك طه حسين فقط يستحق جائزة نوبل.. فكان له ما عزم عليه ولكن ليس ببساطة اختصار هذه الفقرة الأخيرة.. وكان هذا الذي سميته 'الجندي المجهول' الذي كان وراء جائزة نوبل للعرب، هو الدكتور عطية عامر رئيس قسم اللغة العربية بجامعة استكهولم وصاحب عشرات الكتب في النقد والتحقيق والأدب المقارن باللغة العربية والسويدية والفرنسية..."(31).

إذ لا بد و أن يكون العربي ذلك الذي رشح نجيب محفوظ... الدكتور عطية عامر مثلا...رغم أن نجيب محفوظ نفسه لم يذكره و لم يشر إليه...!!!!
قمة الإيمان ب"السمو العربي"...و لو أنه الطرح المجرد من الأدلة و البراهين...

و لعل القبط كانوا أكثر موضوعية في الحكم عليه من بني جلدته العرب، إذ رغم فرحتهم بفوزه و إكبارهم له، إلا أنه وصفوه بما هي موجودة فيه من نعوت و صفات، و ذلك دون مواربة و لا تدليس و لا تنميق لواجهته التي تراد الصقيلة حتى ما تثير الشكوك...

ففي مقال بعنوان:" سيرة نجيب محفوظ – تاريخ اللبرالية العربية الموؤدة" بقلم حميد كشكولي المنشور بتاريخ 2 ـ 9 ـ 2007 في الموقع الإلكتروني "منظمة أقباط الولايات المتحدة الأمريكية" ورد الآتي:

"...فمن مميزات الراحل العظيم التي تقربه " أو أرى من المفروض أن تقربه" من الشيوعيين، وهي كثيرة، منها أن الإسلام السياسي والعروبة العنصرية قد فرزا نفسيهما عنه، عبر إدانة بعض كتاباته وخاصة رواية " أولاد حارتنا"، وكذلك محاولة اغتياله الجبانة من قبل شاب إسلامي متطرف، ومقاطعته من قبل القوميين بعد تأييده لإبرام اتفاقية كامب ديفيد، والصلح مع إسرائيل التطبيع الثقافي.
و من المميزات التقدمية والإنسانية الأخرى لنجيب محفوظ هي أن آفاقه الفكرية أرحب من آفاق اليسار التقليدي في العالم العربي، وقد كان ينتقد كل الخرافات الدينية والقومية والوطنية السخيفة، فلم يتغن مثل بعض الكتاب السفهاء " بعطور روث بلاده " المنعشة، ولم يدع ُ الناس إلى تفضيل الفول الوطني الشريف على " لماكدونالد الصليبي والغربي الفاسد". و لم ينجر وراء الشعارات القومية من قبيل "تحرير القدس عبر طهران أو بغداد"، و "قتل الأعداء والغرباء والخونة"، ولم يطمع يوما في مكرمة رئيس أو فرعون، بل أن إبداعه أغناه عن كل قصور الفراعنة، و ذهب الرؤساء، وجاه الدنيا والسلطان..."(32).

إذ ذكروا انتقاده لكل "الخرافات الدينية" كأحد مناقبه التي من أجلها يستحق التبجيل... كما هو الأمر بالنسبة لتنكره لمقومات الوطنية، و حتى لتلك القومية، و لكل الوشائج العقدية التي يمكن أن تجعله مهتما بما يقع في بلاد العرب و المسلمين...

و على صفحة من موقع "مكتب برامج الإعلام الخارجي" وزارة الخارجية الأمريكية ـ النسخة العربية ـ نشر مقال بعنوان:" الكاتب المصري الراحل نجيب محفوظ ـ سعى جاد للتوفيق والتفاهم بين الشرق والغرب" ل من لورين مونسن، المحررة في نشرة واشنطن ـ بتاريخ 21 يناير 2007 ـ (33)و قد كتبت فيه:

"... وقد اجتذبت محاضرة ألقيت أخيرا عن حياة محفوظ ونتاجه الأدبي جمهورا كبيرا غصّت به القاعة الكبرى للبنك الدولي في واشنطن. وقد جرى تنظيم المحاضرة وما رافقها من نشاط تحت رعاية مؤسسة موزاييك، وهي مؤسسة خيرية تهدف إلى زيادة المعرفة بالتراث الأدبي العربي وفهمه وتقديره.
وتحدث عريف الحفل الذي أدار المحاضرة روني حماد، وهو من البنك الدولي، عن المضامين الاجتماعية التي شكلت أدب محفوظ وأعماله، وتطرق في حديثه إلى المجتمع العربي فقال "إنه آخذ في التكيف مع قوى العولمة ويحاول التوفيق بين الثقافة الدينية والعلمانية والتنوع والديمقراطية. .."(34).

فالسعي الحثيث نحو التوفيق بين الثقافة الدينية و بين العلمانية، أي تقزيم و الدين و تبني العلمانية من طرف المجتمع العربي هو ما أثار إعجابهم هم الأمريكيين، و كذا حاز اهتمام و إعجاب مقدم المحاضرة المسيحي روني حماد...و كأن هذا ممكن !!و كأن العلمانية ليست سلخ الدين من كل مناحي الحياة غير ما يتم منه داخل أسوار أماكن العبادة من طقوس...و إذا اختزلنا الدين في هذا أو يمكن أن نطلق عليه اسم الدين أصلا؟؟؟

و تتابع "من لورين مونسن في المقال:

"...وقال المحاضر الرئيسي روجر ألن، أستاذ اللغة العربية والأدب المقارن في جامعة بنسلفانيا، إن محفوظ دمج بين تقاليد العالم العربي وعاداته وبين تلك التي للغرب. و وصف ألن صديقه محفوظ الذي حافظ على صداقته 39 عاما بأنه كان "بيروقراطيا منظما جدا. فقد احتفظ بملف عن كل شخصية كتب عنها لكي يعود إليها في أعماله القديمة" ويقدمها بصورتها الصحيحة في أعماله اللاحقة. .."(35).

فهذا الأمريكي الصديق لنجيب محفوظ منذ 39 عاما مدحه بكونه دمج بين "تقاليد" العالم العربي و عاداته و بين تلك للغرب...و كأن اقتباس مقومات الآخر و خلطها مع تلك للذات محمدة و شيمة تحسب للمبدع الأديب...و كأن الذوبان في الغير مع التأكد من حماية ذلك الآخر لنفسه من كل ما يمكن أن يشوبه من مؤثرات ليس من قبيل السذاجة و التفاهة و حتى الحمق...

ثم و يظهر المقال أيضا كيف أصبح الشك من مناقب نجيب محفوظ، بل ولعله هو الذي رفعه في عين المحاضر المتحدث باسم الفكر الأمريكي...و لعل التوفيق بين الشك و الإيمان هي من "الإنجازات" الخارقة للعادة المستحيلة حتى، و التي حققها أيضا بنبوغه المتألق ذلك الأديب المصطفى المختار، الشيء الذي أهله لنيل المباركة و التبجيل منهم:

"...و أضاف "ألن" أنه لعل ما كان أكثر أهمية هو "أنه (محفوظ) كان ذا حس إنساني عميق نتيجة دراسته الإنسانية. و كان شكاكا لكنه كان مؤمنا مخلصا حاول التوفيق بين المعتقدات الدينية التقليدية وفكر القرن العشرين وواقعيته. وكان فكاهيا عظيما" صاحب ظرف وفكاهة..."(36).

ثم و يبدو أنها التقية مارسها نجيب محفوظ بمباركة عرَّابِيه حين التعبير عن أفكاره "النيرة" ذات العمق الغربي في لجة ظلام الشرق الأوسط المتخلف:

"...و قال ألن، كان محفوظ إلى جانب ذلك كله مهتما اهتماما شديدا بالسياسة "وعبّر في بعض كتبه ورواياته عن آراء سياسية، وأن لم تكن أفضل ما عنده." فقد عمد محفوظ بسبب الرقابة المنتشرة في مصر إلى التعبير عن أفكاره بشكل رمزي، وهو أسلوب انتهجه الكتاب ومنتجو الأفلام السينمائية في كثير من أرجاء العالم الإسلامي. .."(37).

يتبع
[/FRAME]

آخر تعديل بواسطة السيد عبد الرازق ، 22-02-2008 الساعة 04:41 AM.
د.صالحة رحوتي غير متصل   الرد مع إقتباس