الموضوع: مظفر النواب
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-03-2009, 05:20 PM   #26
zubayer
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
الإقامة: دار الخلافة
المشاركات: 1,635
إفتراضي

عروس السفائن


فوانيسُ في عُنُقِ المُهرِ.. علَّقَها الإشتهاءُ

ونجمٌ يضيءُ على عاتقِ الليلِ.. زيَّتَ نخلُ الهموم

وأعتقَ من عقدةِ الشاطئين رحيلَ السفينةِ

من سُفُنٍ لا تُضَاءُ

وناحت مزاميرُ ريحُ الفنارِ فأيقظْتَ رُبّانَها المُتّحيل

فذاقَ الرياحَ وأطرَبهُ الإبتلاء

وسادنُ روحي وقد أطْبَقَ الموج

حتى تَجرحَّها

أنها وحّدَت نفسها بالسفينة

من ينتمي هكذا الإنتماء

فنيتُ بعشقٍ وأفنيته بفنائي

لينبتَ من فانيين بقاءُ

بنيتُ بيوتاً من الوهمِ والدمعِ

أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ.. تم البناءُ

عروس السفائن ألصقتُ ظهري الكسير

على خشب الشمس فيك

حريصاً على الصمت.. مدماً من الناس

في البئر أستنجد البحرَ.. قبل قراءاتِ بوصلتي ودليلي

وأخصفُ ما نهشتهُ الجوارح

من مضغةِ القلبِ أبقِ الجروحَ

مُفَتَحّةً في رياحِ المَمَالِحِ

لا يَحلمُ الجُرْح ما لم يُحَدِّقْ بسكينهِ عابساً

في الظلامِ الثقيلِ

إذاً.. دارت الشمسُ دورتها

وارتأتني الرؤى نائماً تحت ألفِ شِراعٍ

مجوسيةٌ قصتي

معبدُ النارِ فيها

وقلبي على عجلٍ للرحيل

بعيداً عن الزمن المبتلى.. يا سفينةُ

إن قليلاً من الوزر أمتعتي المزدرات

ولم تثقلي بالقليل

سأبقي المصابيح موقدةً في بواء الصباح

مصالحةً بين صحوِ الصباحِ وصحوي

وأُبقِ الرياحَ دليلي

وأسألُ عن نورسٍ صاحبُ الروحِ في زمن البرقِ

يومَ المُحيطاتِ كانت تنامُ بحضني نَشْوى

وما زالَ ثوبي أخضرَ من مائها

يا لهُ من زمانٍ مرَّ بين ألفٍ من السنواتِ الفتيةِ

يا وَجْدُ ما كُنتَ دون حَمَاسٍ.. وما ظَلَّ في خَاطِري الآن

إلا النشيجَ اللجوجَ من اللججِ النيلجية..

والزَبَدُ الأرجوان.. المعتق في غسقٍ باللآلئ..

والزبد الأرجوان.. المزخرف بالليل

والقمر الآن من زهرةِ البرتقال

تغيرتُ مستعجلاً أيها الفرح الضجري

وأصبحَ محشرُ أغربة سطحَ قلبي

ينحنح قبيل مغيب الهلال

عروس السفائن اني إنتهيت.. على سطحكِ الذهبي

ورأسي الى البحر يهفو رائحة اللانهايات

والليل.. تعبان.. يطوِّحها الموجُ ذات اليمينِ وذات الشمالِ

لقد ثَقًلَ الرأسُ بالخمرِ

والزمنُ الصعب قبل قليل

وأنهكني البحر في زمن للطحالب

عن طحلب بلا قلب.. يصيخُ معي في الهزيع الى جهة المستحيل

لدى الله كل النوارس نامت

ولم يبقَ إلا سفينتك الآن

مبهورةً بالشمول

على وجهها من رذاذ الغروب

ومن عرق الله بالأرخبيل

فأين سيلقي المراسي الماء

بنيت بيوتاً من الماء هدمها الجَذْفُ

كيما يتم البناء

ومنذ نهارين في وحدة المتناقض

هذي السفينة يدفعها ويدافعها الإبتداء

أعللها بعليل الرياح.. ويغري بها أنها من طبيعتها تستمد

خليل السفائن سليني النهايات

يا لانتشائك إذا هَزَجَ البحرُ

بالزبد الزئبقي.. ويزهو اللبرجد واللازورد

إذا هزج البحر فالكون زاءُ ملونةٌ

فوقها شدةٌ.. فوقها شدةٌ

ثم مدُّ

وللشدِّ من بعد ذلك شَدُّ.. وللشدِّ شَدُّ

وإني على الحبل من مركبي.. في الظلام أشُدُّ

وعلى دمعتي في الهزيع

كما خصر أنثى أشُدُّ

وتندمل هنا يا صاحبي فالنجوم هنا لا تُعَدُّ

وأنت كما خلق الله في نخوة الخلق

بين الصواري يؤجج ما قد تبقى

من الشيب برقٌ

ويعبث فيما تبقى من القلب رعدُ

عجيب صراخك في غمرات البنفسج.. والكون

إذ يصل العتبات الأخيرة

في غفوةٍ لا يَنِدُّ

عروس السفائن لا تتركيني على أنقة الساحلين

يَجِنُ جُنوني إذا رنَّ في هدأة الليل بُعْدُ

أهيم إذا رنّ في هدأة الليل بُعْدُ

عروس السفائن لا تتركيني لذى حاكمٍ وسخٍ يَسْتَبِدُّ

لقد كفت الخمرة عن فعلها فيّ مما تداويت

واربد بالصبر جلد

أحب الحروف لها شهقةٌ بعدها لا تندُّ

وما العاشقون سوى شدة الله

أسراها لا تحدُّ

فإن ساح البنفسج في موهن البحر

صارت تَلِزُّ.. تَلِزُّ

وصُرتُ ألِزُّ.. ألِزُّ

عروس السفائن والبردُ في ألقِ الصُبحِ خَزُّ

وليس يهاجر في الفجر إلا الأوَز

رسى السأمُ السرمدي بجسمي

وليس سوى غامضاتِ البِحار

التي تستفزُّ

أصيحُ.. خذيني لأسمع أجراسها

ان برقاً بقلبي يلز

أنا عاشق أيهذي البحار لأجراسكن

فقد أوحشتني الشوارع

مما بها من لحى ً ورؤوس تجز

وفاض وفاض الإناء

بنيت بيوتاً من الوهم والدمع أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ

أين هو العشق.. تم البناءُ

أُحاور روحي أحاورها.. وكل حوار مع الروح ماء

بكى طائر العمر في قفصي

مذ رأى مخلب الموت

ينزل في صحبه ويَكُفّ الغناء

متى أيهذي العروسُ يجيء الزمان الصفاء

ففي القلبِ مملكةٌ للدمامل

والجسد الآن في غاية الإعتلال

خذيني.. لأقرأ روح العواصف

حين تخانق سخط الليالي

خذيني فإن العصارة تغرق بالأغلال

خذيني.. فما البحر في حاجة للسؤال

خذيني.. فليس سوى تعب البحر يشفي

وينقذ من فقمات المقاهي

كفى لغطاً عاهراً أيها الفقمات

كفى يا ضفادع هذا النقيق الدنيء

فأنتم سبات

سأصرخ يا بحر.. يا رب.. يا رقص.. يا عتمات..

زٌحَارٌ بكل التقاليدِ

لا يتبعَ البحرُ بوصلةً

بل تتابعه البوصلات..

زحار ببحارة يرهنون لحاهم على ساحل

واعصفي فالمقادير قد أفلتت عن إرادتها العجلات

سيولٌ على بعضها تتواكب في زحمة الإرتطام

وفي دمهم يعبرُ السائرونَ

إذا لَزِمَ المعبرُ

ومن قطرةٍ يعرف المصدر

هي اللحظة اقتربتْ فابشروا

تَهِبُّ البنادق تستهترُ.. وتصحو النيازك والعنبرُ

ويأتي دمٌ مُدْلَهِمٌ مُخيفٌ

أقَلُّ ارتطاماته مَحشرُ

وعاصفُ أسودُ ذو ألفِ عينٍ

على متنهِ عاصفٌ أحمرُ

وتمسي ذقونَ ذُنَابَ عَقاربَ

في أوجهِ الخائفينَ وما زوّروا

فذئبٍ بفخذينِ من آخرٍ

يَدفِنُ الوجهَ رُعباً

فهم نسقٌ راعشٌ أصفرُ

لقد كنتُ أحلمُ وعياً

وفي حلمٍ بالذي سوف يأتي وفاءُ

ومرّت جنازةُ طفلٍ على حُلُمي بالعَشِيِّ

يرادُ بها ظاهرَ الشامِ، قلتُ:

أثانيةً كربلاءُ

فقالوا من اللاجئين.. كَفَرْتُ

وهل ثم أرضٌ تسمى لجوءً لنُدفن فيها

وهل في التراب كذلك

مقبرةٌ أغنياء.. ومقبرة فقراءُ

تلفتّ في ظاهرِ الشام أبحثُ عن موضعٍ

لا يمتُّ لغير منابعه

ندفنُ الطفلَ فيه

وقد دبَّ فينا المساءُ

وكان على كل أرضٍ نظام الحوانيت

يتبعنا في الغروب

وكان يُشارُ لنا: غُرَبَاءُ

وحين دنونا لمقبرة ليس من مالكين لها

جَعْجَعَ الحرس الأموي بنا: فُرزَت للخليفة

قلت بل يفرز الخلفاء!!

وكان نسيم الطفولة ينضحُ من شقوق الجنازة

بين المخيم والشام تنبت أين اللقاء

جنازة من هذه؟ ولماذا بلا وطن؟

وكلاب الخليفة تنبح من حولها

والمخيم يحملها راكضاً والشواهد تعرقُ

قلت: فلتعرقي

واكفهرّ على تلة في البعيد الشتاء

أليست هي الأرض ملك لرب العباد؟

وهذي الجنازة أصغر من أصبعي.. فادفنوها

وأم الجنازة يكسرها الإنحناء

وجد الجنازة أعمى يتأتئ

والعينُ يرشح منها على الصمت ماءُ

فقيل لنا: مبلغٌ يحسم الأمرَ

فاجتمع الفقراءُ

فللمال أفعاله يستفز

هنا دفن الطفل في آخر الأمر

يا أرض غزة فاسترجعيه
__________________
۩ ۞۩ ۩۞۩۩۞۩۩۞
لا اله الا الله محمد رسول الله
★☀ الله أكبر☀★
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩
zubayer غير متصل   الرد مع إقتباس