لماذا نستخدم الإيماءات و الإشارات بالأيدي؟!!
ما هو تفسير هذه الظاهرة ؟ فأينما ذهبت في أرجاء هذا العالم , ومهما اختلفت الجنسيات واللغة و عمر المتحدث ,
فإن جميع بني البشر يتحدثون باستخدام إيماءات و إشارات اليدين.
لذلك قررت كل من " جانا إيفرسون" من جامعة " إنديانا" في "بلمينجتون" و "سوزان جولدن ميدو " من جامعة " شيكاغو" ,
معرفة السبب وراء التلويح بأيدينا كثيرا عندما نتحدث مع بعضنا البعض .
وأحد هذه التفسيرات الممكنة يرجع إلى أننا نكتسب إيماءاتنا من تقليد ومحاكاة والدينا والأشخاص من حولنا أثناء مراحل نمونا المختلفة . وقد قامت كل من "جانا" و "سوزان" بوضع هذه الملاحظة تحت الاختبار بإجراء تجربة مبتكرة , حيث أنهما قامتا باختيار أثني عشر فردا تتراوح أعمارهم بين الثامنة والثامنة عشر كان نصفهم ممن ولدوا مكفوفي البصر . و طُلب منهم جميعا إجراء مهمة سهلة وهي : صب جرعة من الماء موجودة داخل إناء زجاجي طويل و رفيع إلى طبق مسطح وقصير .
وعندما انتهوا جميعا من هذه المهمة , طلب منهم التعليق بالتفصيل حول إذا ما كان تغيرت كمية الماء أثناء عملية الصب أم لا . وقامتا بتسجيل إجابات المجموعة بالصوت و الصورة.
وعلى الرغم من اتفاق الجميع حول عدم اختلاف كمية الماء , إلا أن هناك شيئا شيقا للغاية ظهر من خلال ملاحظة الإجابات المسجلة . فعندما قام المبصرون منهم بوصف ما حدث من خلال الكلمات , استخدم جميعهم بعض الإشارات مثل حني أيديهم لتأخذ شكل حرف الـ "C" لتمثيل الإمساك بالكأس , وقاموا بتمثيل المسافات المختلفة بين أيديهم من اجل وصف أشكال الأواني المختلفة .
و مما يدعو للتعجب والدهشة , أن الأشخاص مكفوفي البصر استخدموا مثل هذه الإشارات في معظم الأحوال وبنفس الطريقة تماما !
وذلك يشير إلى أن التقليد ليس هو المصدر الوحيد لإشارات اليدين . و الآن أصبح البحث يدور حول السبب الحقيقي وراء ذلك . و الاحتمال الثاني يمكن أن يكون أننا نستخدم الإشارات كأداة سمعية وبصرية مساعدة كي نساعد من يستمعون إلينا على الحصول على المزيد من المعلومات , وحتى نضفي نوعا من التأكيد على الكلمات التي ننطق بها . ومن أجل التأكد من صحة هذه النظرية قامت كل من الباحثتين بوضع تجربة جديدة أخرى تشبه التجربة الأولى .
فقد طلبتا من أربع أشخاص مكفوفين القيام بنفس تجربة صب الماء و الإجابة عن نفس الأسئلة . ولكن في هذه المرة كان الشخص الذي طرح السؤال كفيفا هو الآخر, وكان باقي الأشخاص المكفوفين على دراية بذلك .
و مما أستدعى الدهشة لدى الجميع أن شرائط التسجيل أظهرت استمرار الأشخاص المكفوفين في استخدام الإشارة بنفس الأسلوب , على الرغم من وعيهم الكامل بان إشاراتهم لن يكون لها نفع في إيصال رسالتهم إلى مستمعيهم المكفوفين .
و قد أشار هذا بدوره إلى فرضية ثالثة حول سبب استخدام أيدينا أثناء الكلام , والتي اعتزمت الباحثتان دراستها . وفي هذه المرة طلبتا من بعض الأشخاص مشاهدة أحد أفلام الرسوم المتحركة , ثم القيام بوصف ما شاهدوه أثناء تصويرهم ,. و طُلب من إحدى المجموعات وصف ذلك باستخدام أيديهم وهي غير مقيدة , وطلب من المجموعة الأخرى وصف ما شاهدوه وهم جالسون على أيديهم . وقد أظهرت نتائج تلك التجربة أن الأشخاص الذين طلب منهم وصف ما شاهدوه من الفلم مرة أخرى , كانت ذاكرتهم أكثر وضوحا إذا ما استخدموا إشارات اليدين أثناء وصفهم لما حدث .
وهذا يشير إلى أن الإشارة بالأيدي إثناء التحدث هو أسلوب للتواصل مع من يستمعون إلينا وكذلك أسلوب للتواصل مع أنفسنا !
فعندما تستخدم لغة الإشارة , فإن جسدك يساعد عقلك على نحت الألفاظ , مما يساعد على توضيح رسالتك , ويساعد الآخرين على التفكير فيما تقوله وسهولة تذكره بعد ذلك.
المصدر / قوة الذكاء الكلامي
لـ توني بوازن
00 يتبع 00